ما أن أخرجنا اتحاد كرة القدم من أزمة المدرب الوطني حكيم شاكر الذي سقط بقوة التيار الجماهيري الناقم على تذيّل منتخبنا قائمة المنتخبات الخليجية أول مرة في دورة الرياض، حتى أدخلنا في مأزق جديد تحسسناه بلهفة رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود لقاء وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان لتأمين مبلغ مناسب للتعاقد مع مدرب أجنبي قبل 30 يوماً من انطلاق بطولة أمم آسيا وكأن تعهّد الوزير بالمساندة في هذه الظروف هو ضمانة لمسعود بامتلاكه المصباح السحري ليطلب بدعكة اصبع أن يظهر المدرب الأجنبي ويقول له (شبيك لبيك..احلامك بين يديك) ويحقق ما فقدناه من هيبة وسمعة في وقت لا يسمح إلا بوضع الضماد على الجرح النازف !
لذلك من السذاجة أن يَعمد اتحاد كرة القدم الى الانقياد وراء مشورة خاطئة نعي جيداً خطورتها حتى لو صدرت من خبير نحترم رأيه ورغبته بتواجد مدرب اجنبي في احدى دول الخليج مواكباً لرحلة الأسود من سنتين للعمل مع منتخبنا، فالغاية من استبدال حكيم شاكر بمدرب محلي ليست ضرباً من المزاج ، بل لتصحيح المسار وتهيئة الوضع النفسي المناسب للاعبين بعد اهتزازه في خليجي22 وتدعيم صفوفهم بلاعبين جُدد ممن تجود بهم اندية الدوري الممتاز لعلّ الفترة المقبلة تشهد استقراراً كاملاً للتشكيلة وهو ما يحتاجه المنتخب اليوم أكثر من استقدام مدرب اجنبي لا يستطيع الانسجام خلال الفترة القصيرة المتوفرة له للدخول في البطولة.
ان تخصيص اتحاد الكرة فترة 10 ايام لحسم التعاقد مع المدرب الأجنبي مجهول الهوية حتى الآن في ظل عدم تقديم أي منهم السيرة الذاتية مع طلب الرغبة بالعمل يؤشر تخبطاً جديداً لعمل الاتحاد وينذر بفضيحة أكثر إيلاماً من نكسة الخليج، فبعد انقضاء الايام العشرة تبقى لدينا 9 ايام فقط قبل سفر المنتخب الى الامارات 19 كانون الأول الحالي لخوض مباراته الودية امام الكويت في 22 منه ، فأية معجزة تدريبية هذه التي تمكّن المدرب الاجنبي القادم من الانصهار والتناغم والتأثير والمعالجة لكثير من السلبيات في علاقته مع لاعبي المنتخب خلال 9 أيام، ومتى تسنح له الفرصة المثالية لاختيار البدلاء المؤهلين لانتزاع مراكز لاعبين ثبت مجاملة الملاك التدريبي السابق لهم ولم يعد المنتخب يحتمل المزيد من أخطائهم ولابد من منحهم أجازة مفتوحة ربما يحسّنوا أداءهم مستقبلاً؟
إن تعهد الوزير عبطان بالسعي لتوفير مبلغ التعاقد مع المدرب الأجنبي في هذا الوقت تحديداً يعد شريكاً أساسياً في ورطة سقوط محتمل للمنتخب الوطني في سيدني ولا يمكن ان يُعفى منها مهما كانت المبررات والدوافع التي لا نشك أبداً في نياتها الطيبة لدى هذا الرجل، لكن واقع المنتخب لا يشجّع على نجاح تجربة المدرب الاجنبي حالياً ولدينا درس مرير في تبديد الاموال يوم شفط زيكو أكثر من مليوني دولار مع حقوق الشرط الجزائي ولم يَسأل الوزير السابق عن المقصر الحقيقي لضياع اموال العراق من دون مكسب لكرتنا ؟!
نأمل ان يضع عبطان ستراتيجية جديدة للمحافظة على المال الرياضي ويعزز الثقة لتسمية احد المدربين الوطنيين ممن تهيأت الظروف لهم لمواكبة اغلب اللاعبين المحليين والدوليين والمحترفين ليكون قريباً منهم، فالعامل السيكولوجي لدى اللاعب العراقي يختلف كثيراً عن لاعبي المنطقة بحكم الصدمات الاجتماعية التي واجهها من كل حدب وصوب ولم يزل، وبالتالي تراه يفتش عمن يفهمه ويتعاطف معه ويخفف عنه معاناته ويحلل مشكلته في هذه الايام تحديداً بعد تعرّضه الى حملة استياء شعبي كبرى لا أن نضيف لمعاناته قلقاً جديداً في كيفية التأقلم مع الأجنبي وكلاهما (المدرب واللاعب) مطالب بتحقيق هدف الوصول الى أبعد من دور الثمانية وسط منافسات شرسة في المجموعة لا تحتمل خطأ التجريب والمجازفة وابتكار اسلوب لا ينسجم مع تكتيك الكرة العراقية وقدرات اللاعبين ولياقتهم وثقافتهم.
أراهن على استرجاع لاعبينا الثقة بالنفس وردّ الاعتبار بقوة ومصالحة الجمهور عبر أداء مُبهر في أمم آسيا ليبقوا محتفظين بتاريخهم الناصع ولا يكتبوا صفحات مخزية بحق كرة بلادهم شريطة أن يدعم سعيهم هذا مدرب وطني يشاطرهم التفاؤل والحماسة للخروج بانتصارات مشرّفة يَحسب لها خصومنا في تصفيات المونديال ألف حساب وتعود بالايجاب ايضاً على اللاعبين انفسهم لتحقيق الحلم الثاني في تاريخنا ، أما الإصرار على التعاقد مع المدرب الأجنبي بكل تأكيد قرار خاطئ في هذه المرحلة لأنه قطعاً لن يستشعر بقيمة الهيجان الشعبي الذي أطاح بمدرب وطني سابق تعامل مع كرامة المنتخب في الرياض شعاراً فارغاً لا روحاً غالية في أبدان لاعبين شجعان تركهم في بغداد يحترقون شوقاً للتضحية والعطاء محل أقران لهم بدوا عواجيز الزمان متنكرين بزي الشبان!
الوزير شريك بورطة الاتحاد!
[post-views]
نشر في: 30 نوفمبر, 2014: 09:01 م