باستخدام السيدارة الفيصلية نسبة الى الملك فيصل الاول في العراق مطلع عشرينات القرن الماضي ، أطاح أفندية بغداد بآخر طربوش عثماني ، عندما اعتمرها الموظفون على اختلاف مواقعهم ومناصبهم ، فيما حافظت الجروايات على حضورها بوصفها غطاء الرأس الشعبي مع العكال والعمامة والكشيدة ، والسيدارة كانت بالوان متعددة الرمادي والقهوائي، والأسود هو الأكثر شيوعا ، ومازال بعضهم يستخدم السيدارة لتغطية صلعة الرأس ، واتقاء برد الشتاء ، ويقال ان المطربة الراحلة سليمة مراد أبدت إعجابها بسدارة صبري فغنت له " صندوق أمين البصرة" فدخل الرجل الى التاريخ من بوابة الأغنية العراقية.
فرقة الجالغي البغدادي هي الاخرى كان اعضاؤها يحرصون على ارتداء السدارة ، والمطرب الراحل يوسف عمر وغيره من قراء المقام العراقي ، أقاموا حفلات في عواصم عربية وأجنبية مرتدين السدارة والجراوية لإعطاء صورة واضحة عن الفلكلور العراقي بواسطة الأطوار الغنائية والزي المحلي، وابرز الرموز العراقية من مسؤولين كبار و ساسة وأدباء وصحفيين وكتاب ارتدوا السيدارة ،فاعطوا انطباعا بان العراق دخل في مرحلة جديدة ، والغى كل ما تبقى من المظاهر العثمانية الطربوش والشوارب الكبيرة المعقوفة الى الأعلى ، واستبدال أسماء الدوائر بأخرى حديثة تواكب التطور ومتطلبات بناء الدولة الحديثة .
صبري "صندوق أمين البصرة" لم يكن في زمن أغنية سليمة مراد أمينا لثاني اكبر مدينة عراقية ومنصبه يتعلق بإدارة الأمور المالية ، وفي ذلك الزمن لم تسجل حالات فساد في الدوائر الرسمية الا باستثناءات قليلة جدا ، وربما لهذا السبب نال صبري الأعجاب والمديح ، لنزاهته ، وحرصه على المال العام ، ونجاحه في أداء وظيفته ، وهناك اخر ورد في بستة بغدادية تقول "ياحلو بايو سدارة متيمك سويله جارة " لامتلاكه" كاريزما" جعلته يتفوق على جميع الأفندية فلفت الأنظار ونال الاعجاب .
مع بداية فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يفضل الكثير من البغداديين استخدام السدارة غطاء للرأس فهي تمنح للصلعان الدفء والحماية من الإصابة بأمراض البرد، على حساب الجرواية فليس هناك من يفضلها فهي تحتاج الى خبير متخصص بشدها ولفها ومنها العصفورية وتتألف من طيتين تركب احداهما على الاخرى وقد سميت بهذا الاسم نسبة الى رجل يدعى قدوري ابن عصفور من محلة الفضل في بغداد ، بحسب دراسة دراسة للكاتب كمال لطيف سالم تناولت غطاء الراس في بغداد ، وذكر ان لفة ابو جاسم وهو من اشقياء بغداد ممن خرجوا عن طاعة الحكم العثماني تميل قليلا الى الخلف لتظهر جبين حاجبها واضحا، وهناك اللفة الشبلاوية وتتألف من ثلاث طيات بشكل اسطواني وسميت بهذا الاسم نسبة الى محلة البوشبل القريبة من ساحة السباع، واللفة المهداوية وتتألف من ثلاث طيات وهي خاصة باهل محلة المهدية التي تقع قريبا من ساحة زبيدة ، واللفة الفضلاوية اربع لفات وتنسب الى محلة الفضل .
انحسار استخدام الجراوية من قبل بعض البغداديين وتوجههم نحو السدارة ربما يعبر عن حرصهم على الاشتراك في غطاء رأس موحد ، ففضلوا السدارة، بوصفها عامل توحيد بين الصلعان لنبذ المذهبية والطائفية.
الجراوية تنقرض
[post-views]
نشر في: 30 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو اثير
لقد نسيت ياسيدي الكريم غطاء الرأس للعراقيين ألا وهي العمامة بلونيها ألأبيض وألأسود وقد كانت ترتدى من قبل السادة الشرفاء من سلاله أهل البيت وكذلك رجال الدين الوقورين وطلاب الحوزة العلمية ومجالس ومعاهد الديانة ألأسلامية المنتشرة في العراق وخاصة في مدن النجف