ركزت رسالة (زهير البياتي) لنيل شهادة الدكتوراه في الفنون المسرحية على المسرحيات التي ألّفها وأخرجها (الدكتور عقيل مهدي) وصنفت كونها تنتمي الى ما يسمى بمسرح السيرة، وقبلها كان (الدكتور حسين علي هارف) قد نشر بحثاً تناول فيه الموضوع ذاته.
بعد التحري والتحليل تبيَّن لنا ان مسرحيات الدكتور عقيل مثل (جمهورية الجواهري) و (الشاعر بدر شاكر السياب) و (يوسف العاني يغني) و (علي الوردي وغريمه) و (حقي الشبلي) لايمكن تصنيفها على أنها من نوع مسرح السيرة بل هي مسرحيات اعتيادية – دراما تقليدية او ملحمية او ربما حتى واقعية او تعبيرية حيث ان لمسرح السيرة كحس درامي شروطا معينة أهمها ان تكون أحداث المسرحية هي من واقع حياة الشخصية الرئيسية وليس من صنع خيال المؤلف، وان تتطرق المسرحية الى مراحل متعددة من حياة الشخصية وتطورها ولاتكتفي بحدث او حدثين او ثلاثة وفي زمن مدود وحسب.
تبين ان هناك فرقاً بين (مسرحية السيرة) ومسرحية (السيرة الذاتية) ، فالأولى يكتب كاتب غير صاحب السيرة اما الثانية فيكتبها صاحب السيرة نفسه، ومسرحية السيرة الذاتية قد لا تتقيد بحوادث بعينها مرت بحياة الشخصية الرئيسية.
كنا نعتقد ان هناك بحوثاً قد أعدت بشأن المسألة نفسها ألا وهي (مسرح السيرة) فقد قام (دانييل ميير دنغرون) في جامعة كامبريج بإعداد بحث بعنوان (مسرحيات سيرة فنانين) نشر عام 2005ـ وتكشف البحث المدعوم فالوثائق والنصوص المسرحية وذلك من شروط البحث التاريخي ، وذكر الباحث انه بين عامي 1900 و 1977 كتبت نحو ثمانين مسرحية شخوصها الرئيسيون فنانون مشهورون بينما ظهرت بين 1978 و 2004 اكثر من 300 مسرحية من ذلك النوع.
ويؤكد الباحث ان أحداث تلك المسرحيات ليست من صنع خيال مؤلفيها بل من وقائع تاريخية وقد جمعها المؤلفون من معلومات أخذوها من عوائل الفنانين وأصدقائهم . ويضرب الباحث أمثلة من تلك المسرحيات ومنها مسرحية بعنوان (الخزانة) عن حياة ممثل انكليزي اصبح شيخاً هرماً ، وكان كاتب المسرحية (دونالد هاروود) يعمل مسؤولاً عن خزانة ملابس الممثلين في احد المسارح وكان يتابع سلوك ذلك الممثل الشيخ ويتعقب مراحل حياته ، وكان ذلك الممثل هو (دونالد ولفيت) احد مشاهير الممثلين الانكليز . وفي مسرحية (دستي هيوز) المعنونة (المستقبليون) نشرت عام 1986 يتعرض كاتبها الى حياة الفنانين الروس (مايا كوفسكي) و (آنا اخماتوفا) و (الكساندر بلوك) و (كوليا غومليون) و (ليلى بريك) و (مكسيم غورسكي) .وكان اولئك الفنانون مرآة لعدم استقرار الأوضاع في بلادهم بعد قيام الثورة البلشفية . وفي الفصل الثاني من البحث المشار اليه يطرح الباحث السؤال التالي: ما الذي يدعو كتّاب الدراما الى الاهتمام بحياة الفنانين ويحولونها الى مسرحيات؟ والجواب بالطبع هو ان تلك الحياة مليئة بالصراعات والمعاناة والانتصارات والعقد والعلاقات المركبة ولديهم من يتفق معهم ويؤيدهم وهناك من يخالفهم ويعارضهم وهناك من يعجب بفنهم ومن يحسدهم على اكتسابهم محبة الجمهور وحصولهم على الشهرة. ولاحاجة للمؤلف الدرامي ان يتخيل احداثاً مقترحة لمسرحية عن سيرة احد الفنانين بل عليه ان يلجأ الى الواقع ليفترق من مادة غزيرة لنصه المسرحي، فالواقع التاريخي لاولئك الفنانين مليء بالمواقف التي يجسدون فيها انفسهم.
مضامين وأشكال مسرح السيرة
[post-views]
نشر في: 1 ديسمبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...