TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أسلحة .. للتفاهم!

أسلحة .. للتفاهم!

نشر في: 1 ديسمبر, 2014: 09:01 م

نشأ خلاف بسيط بين اثنين من أصحاب "البسطيات" على المنطقة المحجوزة لكل منهما، وانطلقت كلمة من هنا، واخرى من هناك ، وشتيمة من هنا، واخرى من هناك فتوقع الموجودون ان يبصق أحد المتشاجرين على الآخر أو يتشاجرا بالأيدي في أسوأ الأحوال، لكن ما لم يتوقعه احد هو انسحاب احدهما فجأة من ساحة المعركة ثم عودته اليها وهو يحمل ( قامة) – وهو نوع من السلاح الأبيض الفتاك - ، وانطلاق الآخر بسرعة الريح إلى محل صديق له ليجلب سلاحاً مضاداً وتبدأ معركة حقيقية تشبه معارك شقاوات ايام زمان لم يوقفها الا تدخل بعض الناس و"خواطر" البعض الاخر وكان ان حقنت الدماء وحسمت القضية لصالح الموجودين الذين لم يجدوا في مسألة الخلاف على اماكن (البسطيات) سبباً كافياً لإراقة الدماء سيما وان كلا المتشاجرين يسعيان إلى طلب الرزق الحلال.
وفي مكان آخر من العاصمة ووسط ازدحام مروري من تلك الازدحامات التي تشبه "القفلة" في لعبة (الدومينو)، ترجل سائق من سيارته ليشهر سلاحه بوجه سائق آخر وهو يأمره بالتحرك ليتحرك السير معه، .. لم يكن السائق قادراً على إطاعة الأمر فهو محشور كغيره وسط زعيق أبواق السيارات وصراخ السائقين كما ان هوية حامل السلاح حيرت السائق ورفاقه ولم يعرفوا ان كانت طاعته "واجبة" ام لا ّ فقد تحدث بنبرة "سلطوية" برغم ارتدائه الملابس المدنية وتصرف كواحد من أصحاب "الظهور القوية" مستغلاً الخوف المتبقي في النفوس من "اهل السلطة".. هذا الرجل، هاج وماج ملوحاً بمسدسه فزحف السائقون بالكاد ليدرك انهم يحاولون طاعة امره من دون جدوى وفي النهاية تمكنوا من افساح الطريق له "كفاية لشره" ومن دون ان يتعرفوا إلى هويته!!
اليوم ، وبعد ان ولى زمن الاستبداد ...هل اصبح السلاح وسيلة "للتفاهم" وتسهيل امور الحياة في الوقت الذي لا نحتاج فيه إلى سلاح بل إلى قبس من النور داخل نفوسنا يضيء لنا الطريق الصائب ويرشدنا إلى الحياة ...
يقول المهاتما غاندي "حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه لابالسلاح الذي تخشاه انت " وعدونا الجديد هو ( العنف ) المتمثل في داعش والميلشيات وكل من يقع تحت اغراء السلاح ويعتبره وسيلته لتحقيق أهدافه ..والسلاح الذي يخشاه عدونا هو الحضارة والتمدن والوعي والعلم والمعرفة لذا علينا ان نحاربه وننتصر عليه به وألا نسمح لأحد ان يقول عنا ما قاله موشي دايان من قبل : " انا لا أخاف من العرب مهما جمعوا من سلاح وعتاد ، لكني سأرتجف منهم خوفا اذا رأيتهم يصطفون بنظام لركوب الباص " ..مؤلم هذا القول الذي يصيبنا في الصميم لكنه يعبر تماما عن تقييم الشعوب لبعضها وشعبنا الذي أنجب آلاف المبدعين وعرف بحضارته العريقة لابد أن ينبذ لغة السلاح ويجعل ثقافته الوحيدة للتفاهم هي العقل والمنطق والدعوة الى السلام ...قد يكون الكلام نظريا في زمن يحمل فيه اغلبنا الاسلحة حتى في وجوه بعضنا البعض لكننا ان اردنا دخول تحدي الأقوياء فلن ننتصر بقوة السلاح بل بالتطور الحضاري لأنه المقياس الحقيقي حاليا لتقييم قوة الشعوب ...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram