TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الممهدون لداعش

الممهدون لداعش

نشر في: 2 ديسمبر, 2014: 09:01 م

ما كنت اعرف ان اسمها سيكون داعش، لكني كنت اعرف ان شيئا مثلها قادم ليسوّد حياة الناس ويستهتر بأرواحهم بعد حين. ومثلما كنت أنظر للحرب العراقية الإيرانية رغم بشاعتها ودمويتها بأنها ستكون زلاطة مقارنة بما سيحل بالعراق بعدها، هكذا كنت انظر لبشاعة جرائم تنظيم القاعدة. حتى عندما حدثت جريمة 11 سبتمبر عام 2001 قلت لنفسي هذا اول الغيث. كنت أرى في أحلامي جيوشا تعيث بالعراقيين فسادا وقتلا. وكنت ارسمهم في مخيلتي بهذه اللحى الشريرة والوجوه الدراكولية البشعة. هل كان ذلك حدسا مني؟ في الحقيقة لم يكن كذلك بل كنت أرى في كل مكان هناك من يمهد الطريق لعودة الظلام والهمجية والتخلف في اكثر من مكان.
بدأ خوفي عندما كنت اعمل صحفيا في مجلة نسوية عربية ترجمت لها موضوعا حول تمارين الاسترخاء. من بينها نصيحة للمرأة ان تضع برتقالة تحت باطن قدمها وتدحرجها كجزء من تكنيك يسمى "الرفلكسولجي"، وهو نوع من المساج. فوجئت بعقوبة تنبيه أتتني لان ذلك يعد نشرا للكفر! ليش يابا؟ لأن البرتقالة نعمة الله ولا يجوز وضعها تحت القدم.
في يوم آخر تلقيت تنبيها آخر لأني كتبت عن عيد رأس السنة. وهاي ليش عود؟ الفتوى تقول انه لا يوجد لدينا عيد غير عيدين هما: الأضحى والفطر والباقي بدعة وكل بدعة ضلالة!
في الفترة ذاتها كان لي صديق من "السادة" "هداه" الله بعد ان كان "محتسيا" محترفا فانقلب الى اسلاموي عتيد. زارنا للدار وعندما حل وقت الصلاة طلب ان أعطيه نعالا ليلبسه كي يستعد للوضوء. كان النعال من الجلد فسألني: هل اشتريته من بريطانيا ام من بلد إسلامي؟ قلت له اشتريته من "مارك آند سبنسرز". استغفر ربه وقال انه حرام إذن. أحتى في النعل حرام وحلال؟ نعم هي كذلك. ولكم والله يا عمي راح تكلبونها بينه. سمعت بعد أشهر انه ضرب زوجته ضربا مبرحا لأنه اكتشفها ذات صباح تستمع لفيروز.
كم من هؤلاء لدينا وفي كل المذاهب؟ بلا مبالغة أظنهم ملايين. هم هؤلاء الذين زرعوا بقلبي الخوف من قدوم ما هو أسوأ من القاعدة وأخواتها. وهم هؤلاء الذين مهدوا لمجيء داعش. وانهم عملتها الصعبة التي تعتمد عليها في ترويج بضاعتها وفي تعبيد الطريق لقدومها ان لم يكن اليوم فغدا. لتطردوا شر الدواعش من بيوتكم ومن داخل نفوسكم، احتفلوا بعيد رأس السنة هذا العام على وقع أغاني فيروز. وان تصاعد الفرح فلا بأس في إعادة الاعتبار لأغنية:
ومعلكه وتضوين يالبرتقالة ..
افعلوها وخطيتكم برقبتي، رغم إيماني بأن ممارسة كل شيء تعاديه داعش لا يعد كفرا او خطيئة بل واجب لا بد من أدائه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    ان وجود حوالى 70000 جاهلى ولدوا قبل 1450 هجرى قمرى فى سقر ----و الدين هم الان فى الصحارى السوريه والعراقيه --- ان هده المجموعه تمثل الكرة الارضيه كلها فمنهم من اتى من انكلترة ومنهم من من جيجينيا وداغستان و ليبيا والجزائر و وتركيا وتونس ومصر و

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram