TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مصر..من الميدان إلى صراع القوى

مصر..من الميدان إلى صراع القوى

نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 04:33 م

لينا مظلوم*
ظلت مصر عبر تاريخها رقماً صحيحاً..لم تتعود طبيعتها القِسمة على اثنين..
و لا الجمع بين النار و الماء..أو الصيف والشتاء في وقت واحد..إلاّ أن تداعيات ثورة 25 كانون الثاني غيّرت هذه الطبيعة إلى حالة انقسام حاد –ربما يكون أحد أهم أسباب التخبط و حالة عدم الفهم التي يعيشها الشارع المصري.. تحول الواقع المصري بمجمله إلى كتلتين ..يمارس كل منهما تجاه الآخر أقسى درجات التربص و الهجوم.

لينا مظلوم*

يأتي على رأس قائمة الانقسامات و التخبط  في مركز القرار المصري..رئاسة الجمهورية و العاملون الجُدد بها.. د.محمد مرسي أتى من قلب جماعة الإخوان المسلمين إلى منصب الرئاسة بعد أن أقسم علنا أغلظ الأيمان بانفصاله –سياسيا- عن الجماعة.. وأحاط نفسه بحوالي عشرين شخصية- غلب عليها الانتماء للتيارات الإسلامية!- بين مستشارين و نواب...كل من هؤلاء تصور أن وجوده داخل الرئاسة يخوّله حق إصدار التصريحات الرئاسية المتناقضة ,رغم وجود متحدث رسمي لهذه المهمّة!! قادة حزب الحرية و العدالة- الجناح السياسي للجماعة- يمارسون بدورهم إطلاق التصريحات باسم الرئاسة ..كونهم أصحاب الفضل في إيصال مرسي داخل قصر الرئاسة.. أيضا الإخوان هم الرصيد الشعبي الباقي للدكتور مرسي في ظِل حالة التذمر العام التي تسود الشارع..فهم الذين يحشدون له في كل المناسبات.. بينما تتبخر مئات التصريحات التي أطلقها مرسي أثناء وبعد الانتخابات عن كونه رئيسا لكل المصريين تحت حرارة شمس القاهرة التي تُزيدها حالة السخط العام سخونة.. نتيجة هذا الانقسام فقدت القرارات الرئاسية جديتها و مصداقيتها.. أصبحت –رغم خطورتها- مادة للعبث و السخرية..
الأمثلة عديدة..أبرزها أزمة الانقسام الحاد بين القضاء المصري و مؤسسة الرئاسة  التي تفجرت إثر محاولة مرسي عزل النائب العام عبد المجيد محمود عن منصبه مُخالفا القانون الذي يحمي صاحب هذا المنصب من العزل إلاّ إذا ارتكب ما يُخالف القانون.. مما أشعل فتيل العداء و التربص بين مؤسسة القضاء و الرئاسة.. زادها وقود التصريحات الرئاسية المتضاربة التي أخذت تُلقي على مختلف الأطراف تبعات هذه الأزمة التي انتهت بتراجع مرسي عن قرار الإقالة ..بينما تتحمل الرئاسة وحدها وزر هذا العبث بقرارات الرئاسة.. و تتوالى فصول الأزمة إلى فضيحة جديدة مسّت  المؤسسة الرئاسية حين أعلن احد قادة جماعة الإخوان عن مكالمة هاتفية سجلتها الرئاسة تتضمن موافقة النائب العام –شخصيا- على الإقالة!! و هي سقطة خطيرة تُدين الرئاسة بتهمة التجسس عبر طرق غير قانونية إذ لا يجوز قانونا تسجيل مكالمات هاتفية دون إذن من القاضي!!
أخطاء الجماعة توالت لتُغذّي حالة الانقسام مع إعلان التيارات و الأحزاب المدنية عن خروجها في مظاهرات ضد "الوهم" الاخواني الذي حاولت الجماعة ترويجه منذ الثورة.. و انتهى باستئثارها على جميع مؤسسات و مفاصل الدولة ..و حدد لها يوم 12 تشرين الأول  لتلتقي المسيرات في ساحة التحرير.. إلاّ أن قرار دخول حشود الإخوان حوّل المكان إلى ساحة اقتتال دامٍ بادر إشعالها مؤيدو مرسي من شباب الإخوان ضد المظاهرة السلمية المعارضة للحكم الاخواني..
مثال آخر على الانقسام الرئاسي , خطاب أثار استياء و صدمة المصريين لما كشفه عن حالة" الانفصام" العصبي الذي تمارسه الجماعة..إذ نشرت المواقع الإعلامية الإسرائيلية مؤخرا صورة الخطاب الرسمي الذي قدمه السفير المصري الجديد في "تل أبيب"  بمناسبة تسلم منصبه إلى الرئيس الإسرائيلي.. بسبب  الصيغة الحميمة ( بدءاً من الصديق العزيز بيريز..حتى صديقكم الوفي..مرسي).. بينما الديباجة البروتوكولية تعتمد على العبارات الرسمية و لا تُصاغ بهذه الحميمية.. خصوصا و أن جماعة الإخوان و ممثلها في الرئاسة طالما أعلنوا أن القدس- لا القاهرة- هي عاصمة مصر!!.. بالإضافة إلى شعارهم التاريخي الدائم في كل مظاهرة( خيبر خيبر يا يهود..جيش محمد سوف يعود) .. طبعا لم تجد الرئاسة ما يحفظ ماء وجهها أمام خطاب "الغزل" هذا سوى إعلان مرتبك ساذج عن طلبها توضيحا من الخارجية المصرية .. رغم أن الخطاب يحمل توقيع مرسي الشخصي..
الإعلام المصري لم ينجُ من حالة الانقسام الحاد بعد تولي شخصيات إخوانية وزارة الإعلام و كل المناصب القيادية في وسائل الإعلام المصري الرسمي- المقروء و المرئي- .. حشّدت هذه الوسائل خطابها في مواجهة مع القنوات والصُحف الخاصة التي التزمت بحرية استقلال الآراء و المواقف التي تتبناها.. مما أطلق حالة هجوم شرسة من الإخوان ضد هذه الوسائل وصلت إلى درجة الشتائم و الاتهام في العرض و الطعن في الذمّة المالية لمن يعملون في هذه المنابر الإعلامية.. هذا التدني في مستوى الخطاب الهجومي الإخواني يحدث يوميا أمام المشاهدين!!  أما الصُحف الرسمية .. فقد تحولت إلى مجرد "منشورات" تُمجّد الفكر الإخواني .. و تصبغ أزمات مصر بلون وردي زائف ..  بينما اتجه كبار الكتّاب و الصحفيين إلى الصحف المستقلة نتيجة استبعاد مقالاتهم من النشر- بعد أن قضوا سنين في الكتابة على صفحات الجرائد الرسمية- لجرأتهم على التمسك بمبدأ مصر المدنية الليبرالية التي تحكمها قوانين القضاء .. لا قوانين الإخوان المسلمين.

*كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

يأتي على رأس قائمة الانقسامات و التخبط  في مركز القرار المصري..رئاسة الجمهورية و العاملون الجُدد بها.. د.محمد مرسي أتى من قلب جماعة الإخوان المسلمين إلى منصب الرئاسة بعد أن أقسم علنا أغلظ الأيمان بانفصاله –سياسيا- عن الجماعة.. وأحاط نفسه بحوالي عشرين شخصية- غلب عليها الانتماء للتيارات الإسلامية!- بين مستشارين و نواب...كل من هؤلاء تصور أن وجوده داخل الرئاسة يخوّله حق إصدار التصريحات الرئاسية المتناقضة ,رغم وجود متحدث رسمي لهذه المهمّة!! قادة حزب الحرية و العدالة- الجناح السياسي للجماعة- يمارسون بدورهم إطلاق التصريحات باسم الرئاسة ..كونهم أصحاب الفضل في إيصال مرسي داخل قصر الرئاسة.. أيضا الإخوان هم الرصيد الشعبي الباقي للدكتور مرسي في ظِل حالة التذمر العام التي تسود الشارع..فهم الذين يحشدون له في كل المناسبات.. بينما تتبخر مئات التصريحات التي أطلقها مرسي أثناء وبعد الانتخابات عن كونه رئيسا لكل المصريين تحت حرارة شمس القاهرة التي تُزيدها حالة السخط العام سخونة.. نتيجة هذا الانقسام فقدت القرارات الرئاسية جديتها و مصداقيتها.. أصبحت –رغم خطورتها- مادة للعبث و السخرية..
الأمثلة عديدة..أبرزها أزمة الانقسام الحاد بين القضاء المصري و مؤسسة الرئاسة  التي تفجرت إثر محاولة مرسي عزل النائب العام عبد المجيد محمود عن منصبه مُخالفا القانون الذي يحمي صاحب هذا المنصب من العزل إلاّ إذا ارتكب ما يُخالف القانون.. مما أشعل فتيل العداء و التربص بين مؤسسة القضاء و الرئاسة.. زادها وقود التصريحات الرئاسية المتضاربة التي أخذت تُلقي على مختلف الأطراف تبعات هذه الأزمة التي انتهت بتراجع مرسي عن قرار الإقالة ..بينما تتحمل الرئاسة وحدها وزر هذا العبث بقرارات الرئاسة.. و تتوالى فصول الأزمة إلى فضيحة جديدة مسّت  المؤسسة الرئاسية حين أعلن احد قادة جماعة الإخوان عن مكالمة هاتفية سجلتها الرئاسة تتضمن موافقة النائب العام –شخصيا- على الإقالة!! و هي سقطة خطيرة تُدين الرئاسة بتهمة التجسس عبر طرق غير قانونية إذ لا يجوز قانونا تسجيل مكالمات هاتفية دون إذن من القاضي!!
أخطاء الجماعة توالت لتُغذّي حالة الانقسام مع إعلان التيارات و الأحزاب المدنية عن خروجها في مظاهرات ضد "الوهم" الاخواني الذي حاولت الجماعة ترويجه منذ الثورة.. و انتهى باستئثارها على جميع مؤسسات و مفاصل الدولة ..و حدد لها يوم 12 تشرين الأول  لتلتقي المسيرات في ساحة التحرير.. إلاّ أن قرار دخول حشود الإخوان حوّل المكان إلى ساحة اقتتال دامٍ بادر إشعالها مؤيدو مرسي من شباب الإخوان ضد المظاهرة السلمية المعارضة للحكم الاخواني..
مثال آخر على الانقسام الرئاسي , خطاب أثار استياء و صدمة المصريين لما كشفه عن حالة" الانفصام" العصبي الذي تمارسه الجماعة..إذ نشرت المواقع الإعلامية الإسرائيلية مؤخرا صورة الخطاب الرسمي الذي قدمه السفير المصري الجديد في "تل أبيب"  بمناسبة تسلم منصبه إلى الرئيس الإسرائيلي.. بسبب  الصيغة الحميمة ( بدءاً من الصديق العزيز بيريز..حتى صديقكم الوفي..مرسي).. بينما الديباجة البروتوكولية تعتمد على العبارات الرسمية و لا تُصاغ بهذه الحميمية.. خصوصا و أن جماعة الإخوان و ممثلها في الرئاسة طالما أعلنوا أن القدس- لا القاهرة- هي عاصمة مصر!!.. بالإضافة إلى شعارهم التاريخي الدائم في كل مظاهرة( خيبر خيبر يا يهود..جيش محمد سوف يعود) .. طبعا لم تجد الرئاسة ما يحفظ ماء وجهها أمام خطاب "الغزل" هذا سوى إعلان مرتبك ساذج عن طلبها توضيحا من الخارجية المصرية .. رغم أن الخطاب يحمل توقيع مرسي الشخصي..
الإعلام المصري لم ينجُ من حالة الانقسام الحاد بعد تولي شخصيات إخوانية وزارة الإعلام و كل المناصب القيادية في وسائل الإعلام المصري الرسمي- المقروء و المرئي- .. حشّدت هذه الوسائل خطابها في مواجهة مع القنوات والصُحف الخاصة التي التزمت بحرية استقلال الآراء و المواقف التي تتبناها.. مما أطلق حالة هجوم شرسة من الإخوان ضد هذه الوسائل وصلت إلى درجة الشتائم و الاتهام في العرض و الطعن في الذمّة المالية لمن يعملون في هذه المنابر الإعلامية.. هذا التدني في مستوى الخطاب الهجومي الإخواني يحدث يوميا أمام المشاهدين!!  أما الصُحف الرسمية .. فقد تحولت إلى مجرد "منشورات" تُمجّد الفكر الإخواني .. و تصبغ أزمات مصر بلون وردي زائف ..  بينما اتجه كبار الكتّاب و الصحفيين إلى الصحف المستقلة نتيجة استبعاد مقالاتهم من النشر- بعد أن قضوا سنين في الكتابة على صفحات الجرائد الرسمية- لجرأتهم على التمسك بمبدأ مصر المدنية الليبرالية التي تحكمها قوانين القضاء .. لا قوانين الإخوان المسلمين.

*كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram