عبدالله السكوتييحكى ان محمود صبحي الدفتري عين امينا للعاصمة (بغداد) ، واراد ان يجري بعض الاصلاحات ، ومن جملتها تغيير اواني بيع اللبن والذي يبعنه البائعات نظرا لقذارة تلك الاواني لانها كانت تصنع من الخشب. استدعى الامين الجديد مهندس الامانة آنذاك
وكان يدعى علي رأفت وعرض عليه فكرته وطلب منه الاستعاضة عن هذه الاواني الخشبية بـ (طاسات) من (الفافون او الالمنيوم) لسهولة تنظيفها فقال له المهندس : ذلك صعب لان كل واحدة من بائعات اللبن لايوافق على ذلك، ضحك امين العاصمة وقال ساخرا (اذا على ام اللبن مانكدر عليمن نكدر)؟ لانريد ان نستهين باعدائنا فبعض الاحيان تأتي الاستهانة وتجاهل قدر العدو وقوته بنتائج عكسية ربما، ولكن من المؤلم ان ندع مجموعة من المتخلفين والظلاميين تتلاعب بمصيرنا وتصادر حياتنا مع العلم اننا صنفناهم ضمن قائمة المتخلفين، وفعلا هم هكذا لانهم اتوا بالظلام والتخلف والموت والانحطاط، لكننا مع الاسف مع ما اوتينا من تجربة وقوة دفع نحو التغيير للافضل،لكننا اسلمنا قيادنا للظلاميين واصبحوا يقررون متى يقتلون ومتى يركنون الى التوقف بانتظار الفرصة السانحة ، ولم نقدر بعد على (ام اللبن). الرجل لديه حق لقد جندنا مليونين من افراد الشرطة والجيش لاجل استقرار الوضع الامني الداخلي لاننا لم نتعرض الى اعتداء خارجي ومع هذا نلاحظ ان العبوات مازالت تزرع والمفخخات مازالت تنفجر، لقد عطل هؤلاء كل مشاريعنا خصوصا في بغداد لانها مستهدفة بقوة اكثر من اية محافظة اخرى، فبغداد عاصمة العراق الاولى ومركز امجاده وتراثه العريق واذا ماتعرضت لاسامح الله لمايريد هؤلاء من تدمير فان العراق جميعه يهتز لذلك ولذا تحملت بغداد مالم تتحمل غيرها. ومنذ قديم الزمان ، تناوب عليها السفاحون والجلادون والاباطرة والغزاة ايام كانت (دولة) يتداولها العثمانيون والسلاجقة والبويهيون ويحاصرها تارة اخرى غيرهم لانها سنام العراق ومتى ما اصبحت في محنة فان العراق جميعه كذلك. وهذا مايدعونا الى ان ناخذ المسألة على محمل الجد والا نتهاون في واجب ، لقد تساءلنا اذا لم نقدر على هؤلاء فعلى من سنقدر؟ ونحن بامكانات دولة وبمساعدة اكبر دولة وبميزانية نستطيع من خلالها ان نستورد اكثر الاسلحة تطورا ، لا ان نلجأ الى التفكير باستقدام شركات امنية جديدة كما يريد ان يفعل مجلس محافظة بغداد لحمايتها ، ماذا نفعل نحن ابناؤها وماذا ستقول عنا الاجيال اللاحقة؟! لقد لاحظنا الصمت العربي المخزي في الثلاثاء الدامي باستثناء جامعة الدول العربية ودولة الكويت والسكوت كما نعلم من علامات الرضا، لقد هز برج التجارة العالمي في الولايات المتحدة العالم ووصل الينا بنادرة يحكيها احدهم يقول ان برج التجارة ونتيجة لارتفاعة خشيت ان يصل مدينة الثورة ويدمرها ، لقد اسقطت انظمة ووصلت عجاجة البرج الى افغانستان فما بال دمائنا مستباحة وليست لها مطالب ، وعلام نقتل وبهذه القسوة كأن ترى الانسان يتحول في لحظة الى اوصال متناثرة ، تجمعه بعد عناء طويل؟! ومع هذا فبائعات اللبن غير متعاونات؛ بالامس وفي طريقي الى العمل وفي (الكيا) العزيزة وتحت جسر زيونة تقاطع شارع فلسطين حين شك الحرس بسيارة مفخخة في الساعة العاشرة والنصف واخذوا يطلقون النار ، استهجن الجالسون في (الكيا) التصرف.. فانتفضت وقلت ألم يسرعوا في تفتيش السيارة وما ادراكم انها لم تكن مفخخة ، الم يكن هذا واجبهم؟ مع الاسف ان ثقافة شعبنا في الوقت الحالي تتجه نحو الاستنكار والرفض واصبح النقد ميزة الانسان العراقي ان خيرا وان شرا ، ولهذا لم نقدر (على ام اللبن).
هواء في شبك: (على ام اللبن مانكدر عليمن نكدر)؟
نشر في: 12 ديسمبر, 2009: 06:39 م