أتابع بحزن كظيم - كما يتابع الملايين غيري - أخبار النهيبة من الترليونات المسفوحة والمهربة هنا وهناك - على يد هذا وذاك ، من المؤتمنين على مصير ومقدرات البلد ، وأستحضر بيتا من قصيدة لمحمود درويش: وطني ليس حقيبة - وأنا لست مسافر ، وأحوره ليغدو : وطني محض حقيبة - وانا محض مسافر .
……….
يكذب من يدعي - في عالم اليوم - ان الرغبة بتولي مسؤولية الحكم محض رغبة بخدمة الناس وإعلاء شأن الوطن ، وإشاعة الأمن والاستقرار والرفاهية بين أفراده دون تمييز او تحيز ،،، تلك المعزوفة المشبوهة التي يعزفها البعض كلما سعى ساع لتسلم ناصية الحكم ، والتربع على الكرسي الملغوم بالدسائس المعبأة بصرر المال والمغانم .
…….
ما من نزاهة مطلقة حتى في أكثر الدول العريقة ، ولكن بدرجات معقولة لا تبلغ حد السرقة العلنية ، معظم الساسة ( في العالم أجمع ) الذي يستقتلون لنيل موطئ قدم في بلاط السلطة تحدوهم رغبة دفينة — بالاستحواذ بأنواعه ومسمياته المتعددة ، ابرزها : الرغبة في التملك ( المال والعقار والنساء ومغانم السلطة )، الرغبة في الأبهة والوجاهة ( لفاقديها )، الرغبة في سد النقص لمن يعاني من العقدة !، الرغبة في دخول التاريخ من أضيق أبوابه ،الرغبة في خدمة الناس وتصحيح مسار الانحراف السائد وإعلاء شأن الوطن. إلخ.
من بين الرهط الأخير في القائمة المبتسرة ( أعلاه ) كان الزعيم عبد الكريم قاسم ، رغم جميع أخطائه وخطاياه ، أقرأ في كتاب ( ثورة ١٤ تموز بقلم سكرتير الزعيم ، العميد الركن جاسم العزاوي ) ولا تفاجئني حقيقة نزر ما كان يتقاضاه من راتب لا يزيد دينارا عما يتقاضاه أقرانه ومن هم في مثل رتبته . ولكن تفاجئني رغبته بعدم تسلمه الراتب الذى يستحقه وفق رتبته الأخيرة ( فريق ركن ) .
كان راتب عبد الكريم قاسم بوصفه رئيسا للوزراء مع المخصصات يبلغ ( ٤٤٠)دينارا فقط ولم يكن يتسلمه نقدا باليد ، فقد كان محاسب مجلس الوزراء يأتي في نهاية كل شهر، ومعه قائمة الراتب ، وظرف يحوي الراتب الشهري ، يتناول القائمة ويوقع على كشف الراتب ، ويسلمني الظرف لأودعه في الخزانة الحديدية……. يتبع .
السطور الأخيرة .. وطني محض حقيبة!
[post-views]
نشر في: 3 ديسمبر, 2014: 09:01 م