الشيخ جلال الحنفي كثيرة هي وسائل التسلية التي يتشاغل الناس بها، من اجل قطع الوقت والطريق واشغال النفس بها يخفف عنها عناء الحياة ومتاعب الاعمال.. وكان يصل الى بغداد بين فترة واخرى بعض متعاطي الالعاب السحرية، فيتعاطون اعمالهم هذه في المقاهي والطرقات،
فيجتمع الناس عليهم ليشهدوا حركاتهم السحرية وتصرفاتهم الغريبة المدهشة، لقاء شيء يسير من النقد يدفعونه في مقابلة ذلك.. فكانت الناس تتحدث بهذا، فمن تسامع به ذهب الى حيث يلعب الساحر العابه فيجد في ذلك تسلية لنفسه وتسرية عن همه.. ومن وسائل التسلية عندهم الالعاب البهلوانية التي تؤدي حسب نظم وتقاليد معينة، في محال معدة لذلك يقال لها (الزورخانات) فيجتمع البهلوانية للقيام بحركاتهم الجسمية والبطولية ويحضر اجتماعاتهم هذه عدد من الناس للتفرج.. واحيانا يأتي الى بغداد بعض بهلوانية العجم وغيرهم، فيطلب الى بهلوانية بغداد منازلته ومصارعته فاذا اتفقوا على ذلك اعلنوا على الناس وقت المصارعة ومحلها فيجتمع خلق كبير لمشاهدة هذا الصراع واجدين في ذلك تسلية طيبة يقضون بها الوقت الطويل.. ومن وسائل التسلية الحديثة اجتماع الناس لمشاهدة مباريات كرة القدم وغيرها وكان من وسائل التسلية عندهم كذلك اجتماعهم على مشاهدة سباقات الخيل في ساحات مخصصة لهذا الغرض.. وقد ازيلت هذه من بغداد قريبا لما كان يصاحبها من المقامرات وتعريض الناس للخسائر المادية الكبيرة.. اما العاب الرجال فان منها ما يجري في ليالي شهر رمضان من نحو لعبة المحيبس والصينية، ويتسلى الرجال ببعض وسائل اللهو يلعبونها في المقاهي والاندية من نحو الطاولي الذي يلعبونه بطرائق متعددة والدومنة والدامة والشطرنج والمنقلة، فمنهم من يباشر اللعب ومنهم من يتطلع الى اللاعبين.. وقضاء الرجال والشباب لكثير من الوقت في المقاهي من ابسط وسائل التسلية والالتقاء بالمعارف والاصدقاء.. وغالبا ما يمكث جلساء المقاهي الساعات الطوال في المقهى اذ يتخذونها اماكن دائمية للتخلص من اوقات الفراغ المملة سواء أكان ذلك ليلا ام كان نهارا.. ومما يتعاطاه اناس من وسائل التسلية مناقرة الديكة الهراتية، حيث يهارشون بينها ويحارشون ويتخذون على ذلك المراهنات.. فيدمى الديكان، وربما تعرض احدها للموت او فقئت عينه.. وتقع هذه المناقرة في الطرقات المكشوفة وامام المقاهي والناس ينظرون الى هذه المشاهد فيتحمسون لها ويتسلون بها.. والقائمون بمثل هذه الامور يعنون بتربية الديكة وتدريبها على المناقرة، ويتعاطون كذلك بيعها لا لغرض الذبح والاكل وانما لغرض المناقرة اذ ان لهم ارباحا يربحونها وفخارا يفخرون به.. وكانوا كذلك يناطحون الكباش على عجل يجعلونه ورهن يتفقون عليه، فتتناطح الكباش والناس تتفرج عليها.. ومن وسائل التسلية عندهم اجتماعهم في المقاهي حول قصاص يقص عليهم بصوت جهوري، قصة (عنتر بن شداد) او قصة (ابو زيد الهلالي) وغيرهما من السير المشهورة.. ويجلس القصخون على كرسي مرتفع فيقرأ في كتاب السيرة قراءة مصحوبة بالاشارات والايماءات تصويرا للموقف الذي تتحدث عنه وقائع السيرة وشحذا لنفوس المستمعين لكي يشتد انتباههم الى قراءة القاص.. فاذا تحقق ذلك سخوا عليه بالعطاء والمكافأة.. وقد زالت هذه الوسيلة المعروفة عندهم بوجود الراديو والتلفزيون وشيوعها حديثا في المقاهي وغيرها من الاماكن العامة.. واللعب بالطيور والعكوف على تربيتها والمباهاة بها، من الهوايات المعروفة لدى فريق من الناس، وهم يطيرون هذه الطيور في جو السماء استئناسا بمشهدها وهي تتجول في الجو وتستدير وتتقلب.. وكثيرا ما ترى اسراب منها متعددة، تطير هنا وهناك، وكل سرب منها محتفظ بمجموعته لايختلط بمجموعة اخرى، ولايندر طير من طيوره عن بقية الجماعة.. وللناس في هذه المشاهد تسلية واستمتاع.. ومن وسائل لهوهم وتسليتهم السباحة في الشط، وهي هواية يشترك فيها الرجال والشبان والاحداث. وهم يخرجون ايام الصيف الى المقاهي والجراديغ التي تنصب على شواطئ الانهار لقضاء الاماسي الحارة القائظة وتناول اكلات من السمك المسكوف. واجتماع الناس في المقاهي والجايخانات وقضاء الوقت الطويل فهذا هو ايضا من ضروب التسلية وازجاء الوقت.. ومن وسائل التسلية التي كان يولع بها فريق من الشباب، خروجهم في ليالي الصيف خاصة وتجولهم في الطرقات والازقة، وهم يغنون باعلى اصواتهم حيث الناس نيام على سطوح بيوتهم.. وقد اوشكت هذه الانماط من التسلية ان تزول في ايام الناس هذه.. والخروج الى الشواطئ وركوب الابلام ونحوها من وسائط النقل النهرية، يعد من خيرة وسائل التسلية الصيفية التي يرفهون بها عن نفوسهم.. وهناك طبقات من رجال وشبابهم كانوا يخرجون الى البساتين المشهورة في بغداد فيجتمعون على الكأس والغناء، ومن هاتيك البساتين بستان الخس والكاوورية.. وهناك مجموعة من القواعد الاجتماعية الشعبية تدخل في عداد التسلية منها حفلات الطهور وزفة العرس والمواليد النبوية وحفلات الذكر، فان الذين كانوا يحضرون هذه الحفلات او يشهدونها ويحضرون من بيوتهم الى مشاهدتها انما كان يسوقهم الى ذلك الرغبة في التسلية وقضاء الوقت. ومن وسائل التسلية التي يغرم بها الشبان والصبيان، استعمال المفرقعات من نحو البوتاز والطرقا
وسائل التسلية الشعبية في بغداد
نشر في: 13 ديسمبر, 2009: 04:02 م