TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وطني محض حقيبة ٢-٢

وطني محض حقيبة ٢-٢

نشر في: 7 ديسمبر, 2014: 09:01 م

يتناول عبد الكريم قاسم مستند كشف الراتب ،من محاسب مجلس الوزراء ، ويبصم بتوقيعه في خانة الاستلام ، ويسلمني الظرف بما فيه لأضعه بالخزانة الحديدية الموجودة في غرفتي .بعدها نقوم انا وحافظ علوان ( السكرتير ) بتوزيعه كالآتي : إرسال مائة دينار إلى أخيه حامد .ومائة دينار أخرى لأخته أم طارق . وأربعون دينارا إلى مطعم مقر الوزارة . ولا يتبقى من الراتب إلا مائتا دينار ، يتولى حافظ علوان السحب منها تباعا لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين خلال جولات عبد الكريم قاسم الليلية ، وكثيرا ما اصطحب واحدا منهم او أكثر من هؤلاء ليطلب صرف عشرة دنانير او عشرين دينارا. وعندما ينفد الراتب أخبره بذلك، ونادرا ما كان يتبقى شيء في الخزانة . فإن تبقى فهو لا يعدو غير دنانير معدودة . وعلى هذا فلم يكن في الخزانة يوم (١٤ رمضان ) إلا تلك الدنانير المعدودة . علما إنه رفض تسلم راتب الرتبة الأخيرة ( رتبة فريق ركن ) التي استحقها وفق التدرج والقدم العسكري .
أما مخصصاته السرية بوصفه رئيسا للوزراء ، فهي بحدود ستة آلاف دينار سنويا، لم يصرف منها دينارا واحدا إلا في مناسبتي العيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى ، وعند الاحتفال بذكرى ( ١٤ تموز ) ، فبعد إجراءات مراسيم المعايدة الرسمية ، يذهب عبد الكريم قاسم إلى مديرية الموسيقى العسكرية بالقرب من باب المعظم، ومديرها آنذاك العقيد سعيد . كان المدير يهيئ قائمة بأسماء ضباط الصف من قطعات بغداد - من رتبة نائب عريف إلى رتبة نائب ضابط، فيحضر هؤلاء ، وبعد المعايدة يلقي الزعيم كلمة يليها توزيع العيدية : عشرة دنانير لكل منهم … يبلغ ما يوزع نحو ألفي دينار في جميع المناسبات .. علما إن المخصصات السرية تصرف دون قوائم كشف او تدقيق …..
ذات يوم ، جاء من إحدى جولاته بصحبة رجل يبدو عليه الفقر ، وأمرني آن أعطيه من راتبه في الخزانة خمسين دينارا— وهو مبلغ كبير آنذاك — فامتثلت ، لكنني قلت له فيما بعد : إنه مبلغ كبير ، امتعض قليلا ، وقال : هذا الفقير لو منحته خمسة دنانير لصرفها في يوم واحد ، ولظل فقيرا ، انا منحته خمسين دينارا واشترطت عليه ان يشتري بها عدة لعمل الشاي ٠( قوري وكتلي وإسكانات ) ويعمل في نفس المكان الذي وجدته فيه متسولا، ووعدته أني سأزوره يوما لأشرب الشاي عنده . هذا الرجل سيصبح عاملا بعدما كان عاطلا ،،،،،،،،
………. هل من إضافة ؟؟؟ لا ،، إنما البحث جار عن رئيس متعفف نزيه ، الوطن كله بيت له ، جموع الأطفال والطلبة والفقراء وأهل الحكمة أحبابه ورواد بابه ،، نبحث عن إنسان حين يغادر — السلطة اوتغادره الحياة ،لا يجدون في رصيده إلا دنانير معدودة ، وليس في زوادته إلا صورة لشعب متعطش للحياة مؤطرة بخارطة للوطن .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو اثير

    ألف رحمة على روحه الطاهرة كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم ولم يأتينا منذ أستشهاده زعيما مخلصا ومحب لشعبه مثل الزعيم كرومي رحمة الله عليه.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram