اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > إعزيزةْ.. وجيل لا يعرف إلا لعبة الموت

إعزيزةْ.. وجيل لا يعرف إلا لعبة الموت

نشر في: 8 ديسمبر, 2014: 09:01 م

 ما قُدّم من لوحات درامية لمجموعة الشباب كان جهداً طيباً لأشهر من العمل اليومي المتواصل والتمارين الجادة لنوايا سليمة ومثابرة لمجموعة تريد أن تطل على المتلقين والمعنيين بالشأن المسرحي العراقي بخطاب احتجاجي رافض لكل ما يدور حولنا من عنف وموت وفسا

 ما قُدّم من لوحات درامية لمجموعة الشباب كان جهداً طيباً لأشهر من العمل اليومي المتواصل والتمارين الجادة لنوايا سليمة ومثابرة لمجموعة تريد أن تطل على المتلقين والمعنيين بالشأن المسرحي العراقي بخطاب احتجاجي رافض لكل ما يدور حولنا من عنف وموت وفساد وتخريب لروح المجتمع العراقي المتماسك والمتناغم طوال سنواته بدليل أن العرض مهدى إلى شهداء مجزرة سبايكر الذين ذبحوا بدم بارد وطريقة بربرية فاقت بوحشيتها مجازر رواندا لانهم أرادوا حماية وطنهم من التقسيم والنهب لثرواته وهتك أعراض نسائه واغتصاب براءة أطفاله، ذبحوا لخيانة قادتهم وتنفيذا لاوامر جهات عليا فاسدة نصبت في مواقعها لكي تنفذ خطة الربيع العربي سيئة الصيت بتقسيم وتفتيت الوطن العربي بدءا بأرض العراق، ما قدم من قبل مجموعة الشباب برغم حماسهم افتقر لما يأتي كي نقيم ونقوم ما تم بعيدا عن المحاباة والمجاملات والأساتذة:

1 – غياب روح الجمال والمتعة في التلقي والتي هي من مقومات وأسس العرض المسرحي لان الاشتغال داخل العرض المسرحي لا يتم الا على وفق تناغم وتضافر منظومة العرض وأنساقه داخل فضائه الضوء والموسيقى، الحركة، التوازن، البصري التعبيري الدال، ومفردات السينوغرافيا كل ما يمنح الفضاء المسرحي قدرته على بث دلالاته التعبيرية والتحويلية وأولها جسد الممثل حامل العلامة وأولى وحداتها داخل الفضاء. 
2- فقدان الايقاع والذي هو نبض العرض وروحه من خلال طريقة الاشتغال وزمنه فلكل ممثل ساهم في تقديم لوحته إيقاعه الذي مال الى الرتابة والبطء من العزف الصوتي الواحد والنغمة البكائية الشاكية الواحدة أو النغمة المتوترة المتسارعة في رغبة واضحة لقذف المنطوق والتخلص منه اما بدافع التوتر او بدافع الخوف او بدافع اثارة الاستغراب لدى المتلقي. 
3- غلبة المنطوق على المرئي اذ ليس ثمة تأمل جمالي وفني وصور بصرية بليغة، بل لهاث متسارع متوتر دون عناية وقصدية لخلق حالة ايقاعية مفضية للتشويق والإثارة أو بث وخز الأسئلة وعلاماتها, مستوى حركي وشعوري وتحولات نفسية جسدية واحدة. 
4- تشويش في كل ما تم طرحه ومعالجته من رؤى، فهل الهدف من كل ما تقدم في اللوحات المعروضة هو دعوة إلى اليأس ولإحباط وتوظيف فكرة الموت والغياب المادي والمعنوي للعقل والجسد للتخلص من كل ذلك الخراب الذي يحيط بنا، فأين بارقة الأمل وأين دعوة التغيير وشبابنا يدعونا للانتحار والموت!! أين البديل عن كل هذا الخراب الملقى على رؤوسنا !! أين الاشارة ولو تلميحا أو غمزا أو ايماءة الى من تسبب في هذه الفواجع لتأكيد حالة الوعي والاحتجاج والرفض ضد كل ما يرتكب بحقنا كشعب من مجازر وحرب ابادة منظمة، لأن من مهمات المسرح إثارة الاسئلة وتحفيز العقل الواعي وبث روح المعرفة وتشخيص السلب ومواطن الخلل بوعي العارف والمستشرف والقائد للعبة المسرح!! أما بداية العرض من خلال النهايات ونتائج كل ما تقدم دون مناقشتها والدعوة الى الموت الجماعي دون مناقشة وموقف فذلك أمر يدعو للغرابة!! لان كل اللوحات الناطقة التي خاطبتنا كمتلقين كانت تدعونا وتؤكد لنا على الموت وتصل بنا الى حالة احتجاجية بائسة محبطة هي اللطم والصراخ والبكاء الهستيري والهروب دون دعوة للتأمل والتمحيص والتعريف والتغيير لواقع ينخر فيه الفساد ويتعملق فيه الفاسدون والمرتشون والقتلة والانصاف من المحسوبين على الثقافة والتابعين الاذلاء والمتآمرين المنفذين دون أن يكون لشباب العراق الواعي وطليعته الثقافية المتنورة دورها الحقيقي في التأشير والتشخيص والتوعية والتحريض. 
5- غابت روح العرض المسرحي فيما قدم فأصبح المعروض مجموعة من اللوحات الحكائية بروح درامية تلفازية لا اشتغال فيها على جسد الممثل وقدراته الأدائية مشاعر متوقدة وتصويتا متنوعا ودربته ومهاراته في تقديم الحالات النفسية المتغيرة، مواهب لما تزل بحاجة الى صقل وتدريب وممارسة وخبرة لكي تنضج ويثمر حضورها وتتجلى مهاراتها. 
6- أين غابت مفاهيم المسرح في خلق الاجواء ورسم الفضاء وصياغة الخطاب المعرفي بما يتناسب مع كل ما يحيط بنا من متغيرات العنف والموت والانفلات الأمني والقتل على الهوية واغتصاب حقوق الطفولة والمرأة وسلب حرية الفرد وقمع حرية التعبير وزرع الارهاب والترهيب والترويع لامرار الخطط والمؤامرات والذي بات أمراً معروفاً ومكشوفا نقرأه في الصحف ونراه من خلال الفضائيات على اختلاف أيدولوجياتها ونطالعه على صفحات الفيسبوك واليوتيوب والتويتر وشوارعنا اصطبغت في السواد واكتظت بسرادق العزاء ولافتات الموت الكالحة وصار اللطم والندب والصراخ زادنا اليومي في المآتم والاحزان والمناسبات الدينية، فما الجديد الذي تم تقديمه ما هو الجديد الذي نتأمله من شباب واع يعول عليه في قيادة حركة مسرحية مضيئة بالمعرفة والقدرة على التحليل والتركيب وبث الشفرات الدلالية وخلق الصور البصرية الغنية بالتعبير وجعل المرئي واضحا وغنيا بدلالاته الجمالية والفكرية، جوردن جريك المصلح المسرحي يقول: ندخل المسرح كي نرى ويؤكد على أن المسرح فعل، وهنا تكمن خطورة العرض المسرحي في أنك تخلق حياة داخل فضائه كما نتمناها ونحلم بها ونسوقها الى المتلقي ليعرف ان الحياة التي ينبغي أن يحياها هي تلك التي يراها داخل فضاء المسرح وليس الحياة اليومية الرتيبة التي يجترها يوميا أو التي يقسر عليها , المسرح معرفة ووعي ونتاج فكري وروحي وليس نقلا عن تجربة أيا كان نوعها أوروبية أو عربية أو محلية ولكن بنسخة مشوهة أو منقوصة، المسرح هو تجربة الافراد أنفسهم، بحثهم، همهم، انتماؤهم وهذا يقودنا الى سؤال لابد من طرحه , أين كانت لجنة المشاهدة ورئيسها الذي اختار لها أسماءها ومنح نفسه ومنحها صلاحيات العارف والخبير والمتكهن في المسرح و المبحر في أسراره والفاك لطلاسمه وأحاجيه حتى لو تطلب الامر اطفاء منظومة الاضاءة لمنع العرض لأنه شخص الفساد وسخر منه !! أين كان ولجنته الموقرة والمؤتمرة بأمره من هذا الذي قدم لمجموعة الشباب العراقي المتحمس لكي تكون هذه اللجنة بحق مشرفة وراعية وموجهة دون وصاية أو قسر أو رقابة أمنية بل أن تكون لجنة توجيه فني وفكري وجمالي يطور ويرصن لما قدم هؤلاء الشباب!! والا أجيبوني ما هو الهدف من هذه الدراما التي قدمت من على فضاء منتدى المسرح ! ما هو المعيار الفني والجمالي والفكري الذي نحتكم اليه في تقييم هذا الذي قدم دون تزلف وزيف ومجاملة لأننا نتحدث عن مسيرة مسرح عراقي في زمن ملتبس، وأرجو أن لا يخرج من بيننا من يفتي علينا بفتاوى مللنا سماعها من أن المسرح تجارب والوان ورؤى وأن هذا هو التجريب وأن من حق هؤلاء الشباب أن يجربوا ويجتهدوا ويغامروا ويصرخوا الصوت الذي يضج في رؤوسهم , أذكركم ان الارتجال في القرار وسياسة الدمج التي اتبعها القائمون والمولون على أمور العراق وتسريح الجيش العراقي الذي ينتمي للعراق وحل وزارة الاعلام وما تبعه من اقصاء وتهميش وابعاد وحتى تصفية الطاقات والخبر والقدرات العراقية في الجيش والصحة والاقتصاد والاجتماع والقضاء والثقافة والفنون أدى الى ما أل اليه حال العراق اليوم من اختراق وفرقة طائفية بغيضة وموت يومي أخذ شكل الابادة الجماعية المنظمة ونهب للثروات مدروس وقصدي وإفراغ للعراق من أهم ثرواته ألا وهي الثروة البشرية والكفاءات العلمية, نجح المحتلون في تكريسها بعد ان راهنوا عليها !! أنا مع تجارب الشباب المعرفية المجتهدة والباحثة والجريئة والمغامرة على أن تكون واعية وعارفة لما تريد وكيف تصيغ ما تريد وتدير ما تريد ولمن تقدم هذا الذي تريد ومتى وأين, تحية للمسرح العراقي ومبدعيه الذين يحاولون أن يضيئوا فضاءات المسارح العراقية على محدوديتها وأن يزرعوا البسمة والامل للقادم من الايام رغم شحة الدعم الممنوح وغياب الرعاية الواجبة، ودعوة الى دائرة السينما والمسرح بتفعيل الحراك المسرحي العراقي بشكل حقيقي ممنهج ومخطط ومدروس وليس اجتهادا مزاجيا متعجلا وارتجالا انيا مستدركا، وأن لا تقصي أو تهمش الاسماء والقامات الحقيقية في الحركة المسرحية العراقية لدوافع شخصية ومزاجية بين وزارة الثقافة ومسؤوليها وفنانين مثقفين لان لهم موقفهم من الوزارة واخفاقاتها، وعلى دائرة السينما والمسرح أن تفتح أبوابها للورش والدورات للشباب الراغبين بالعمل والاجتهاد وأن يكون هناك من يعمل معهم من القامات العراقية الكبيرة في المسرح لان المسرح ملك لكل المسرحيين العراقيين الفاعلين والعاملين وأن تفتح الابواب أمام الجميع وتعقد جلسات ولقاءات ما بين ادارة الدائرة ومنتسبيها مع كسر جليد البيروقراطية التي تضخمت وتعملقت وغطت كل نوافذ الاتصال ما بين المسؤول الاول في الدائرة والمنتسبين ولاسيما العاملين في مجال المسرح، اذ أن هناك هوة واسعة لعلها لا تختلف عن الهوة الواسعة التي تفصل ما بين المثقفين العراقيين ووزارة الثقافة العراقية، سؤال بريء لابد من طرحه قبل أن أختم مقالي , هل نحن مع خطاب يبجل الموت ويدعو للاحباط واليأس ويكرس الكراهية والرفض لوطن ابتلى بالساسة الفاسدين ! هل نحن مع خطاب يدعو للتخلي عن الوطن الذي أنهك بالحروب والمؤامرات والقادمين بخارطة طريق لذبحه من وراء الاطلسي دون أن ندعو الى التغيير والرفض والبحث عن فضاءات التنوير والحرية , اذا كان هذا هو الخطاب الذي ندعمه فلماذا لا نسلم العراق الى داعش ورب داعش الاعلى الذي خلقها وسواها علينا وولاها أمرنا وملكها مصائرنا وننتهي!! هو سؤال بريء لمتلقين بينهم وبين البراءة ما بين وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح والفنانين والمثقفين العراقيين من هوة بسعة المسافة التي تفصل ساحة التحرير عن البيت الابيض في واشنطن !! وتذكروا ولاسيما وزارة الثقافة نحن نكتب تحت مظلة دستور عراقي كفل للعراقيين ونحن منهم حرية الرأي والتعبير, وكل عام والمسرح العراقي ينتظر من ينهض صروحه المغيبة وينطقها!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram