اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإعلام المستقل والإعلام المحايد

الإعلام المستقل والإعلام المحايد

نشر في: 13 ديسمبر, 2009: 04:24 م

سالم موسى السوداني ثمة فرق جلي بين الاستقلالية والحيادية بمعنيهما العام كفهم او كسلوك. والرأي هو العامل المهم في بيان أو إيضاح هذا الفرق كما انه أي الرأي هو الفيصل في أن نتبنى الحيادية أو الاستقلالية كسلوك إعلامي. الرأي عند المستقل موجود ولكن لا تمارس عليه الضغوط تأثيراتها وأقصد هنا كل الضغوط من حيث السلطة أو من حيث تزاحم القيم أو تأثيرها..
 فالرأي المستقل مبني على ثوابت يتبناها صاحب الرأي عن قناعة وبعد دراسة وتمحيص و بالتأكيد بعد معرفة وتشخيص الفائدة المتوخاة وهذه الفائدة إما تكون معنوية أو مادية، وهذا كله يتعلق بالهدف الذي من اجله تبنى صاحب الرأي رأيه والذي قد يختلف أو يتقاطع مع الآخرين من اجله. أما الحيادية فهي الوقوف على مسافة واحدة بين مختلفين أو مختلفين. والحيادي ليس بصاحب رأي يفرضه في موضوع الخلاف ولكنه بطبيعة الحال صاحب رأي في مواضيع أخرى. كل هذا على المستوى الفردي... أما إذا انتقلت القضية إلى المستوى العام فمن البديهي أن تتغير القناعات والمفاهيم بالاستقلال والحيادية ، كما أن تناولها والتعاطي معها من قبل المختلفين فيهما سيتغير أيضا. و ما يهمنا هنا من حيث الرأي والاستقلال هو ( الإعلام ) بوسائطه ووسائله وتوجهاته واتجاهاتها وتأثيره وتأثره. فإن يكون الإعلام مستقلا فهذا غاية المهنية وغاية المطلوب اجتماعيا سواء على مستوى الفرد أو المستوى العام.. ويبقى المهم في هذه القضية هو ما الشيء الذي يتحكم بمفهوم الاستقلالية؟ فالإعلام بحاجة إلى الموارد المادية التي تديم العمل الإعلامي بتوفير المستلزمات الفنية ومرتبات العاملين وكل ما تحتاجه المؤسسات الإعلامية ، والسؤال الأول هنا من أين يأتي هذا المال والسؤال الثاني هو كيف يدار هذا المال؟ أثبتت التجارب أن المال العام هو أنسب الموارد لضمان استقلالية الإعلام لأنه يضمن بالتأكيد عدم تسلط أصحاب المال باعتبار أن الدولة هي صاحبة المال ويفترض إن يديره فريق عمل بمختلف التوجهات ولكن تحكمهم أهداف وسياسات توضع من قبل مجالس أو هيئات يجب أن تكون هي الأخرى مستقلة ومحكومة من قبل البرلمان بموجب تشريع ، ودليلنا هنا هيئة الإذاعة البريطانية الـ BBC . أما في العراق فان الحال والواقع مختلف تماما عما تحدثنا عنه فان شبكة الإعلام العراقي والتي يفترض أن تكون هيئة مستقلة نجدها تصطبغ بصبغة الحكومة وتتبنى سياستها وتدافع عنها بحق أو بدونه. ولا نرمي اللوم هنا على الحكومة وحدها فالحكومة هي جزء من الشعب كما يفترض. فشعبنا التبست عليه مفاهيم كثيرة ولعل أخطرها أن كل من كلف بإدارة المال العام توهم إن المال ماله وان على الرعية طاعته .. أقول ليس العيب كله في الحكومة ولكن فيمن يعملون في الوظائف الصغيرة الذين يحاولون من باب ( الوفاء ) أن يردوا الدين إلى من نصبّه أو عيّنه في منصبه وذلك من خلال انحيازه له ويتلبسه فهم خاطئ بأن هذا المسؤول هو ولي نعمته وعليه تلبية متطلباته حتى لو لم يطلبها هذا المسؤول . هذا الفهم بطبيعة الحال ليس وليد مرحلة ولكنه نتاج تراكمات لظروف اجتماعية مرت علينا عبر عقود وربما قرون من الاضطهاد والتسطيح مورست على الشعب. أما المال الخاص الذي يتحكم ببعض المؤسسات الإعلامية في العراق فيمارس من خلاله غسيل أدمغة لمعظم أو لكل العاملين وتحويلهم إلى أدوات تنفذ توجهات مالك المؤسسة وتنفيذ ما يرمي إليه . فالإعلام هنا ليس مستقلا وهذا ينطبق على المؤسسات الإعلامية التي تديرها الأحزاب ، ومكمن الخطورة هو إن صاحب المال هو الذي يديره أصلا أو بالإنابة وهنا نرى إن الأهداف تتغير وفقاً لمتغيرات أحيانا تتعلق بصاحب المؤسسة وأحيانا أخرى بالواقع السياسي السائد ، فتارة ترى هذه المؤسسة في أقصى اليمين وأخرى في أقصى اليسار وان اقتضت مصلحة صاحب المال فلتكن وسطية . واللافت هنا إن بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية يمارسون الضغط على الحكومة لتبوّؤ منصب أو لتنفيذ غرض معين من خلال تصعيد الحملات الإعلامية التي تشوه صورة الحكومة أو التقليل من انجازاتها والأخطر من كل هذا إننا نرى الحكومة تستجيب أحيانا فتسارع إلى تلبية مطامع صاحب المؤسسة إما بتعيينه بمنصب مهم أو عن طريق نشر الإعلانات أو بثها من خلال وسائل تلك المؤسسة وربما عن طريق إرساء مناقصات لحملات إعلامية أو إعلانية .. الخ. أما الحيادية فليست مطلوبة أبدا إذا ما كان الموضوع يتعلق بالثوابت الوطنية أو بالمصالح العامة أي بالمصالح العليا للشعب ، إذا كان الأمر كذلك فيجب أن تصطف كل الوسائل الإعلامية العراقية لترسيخ المشروع الوطني والحفاظ عليه والذي هو ليس بالضرورة مشروع الحكومة كما انه ليس بالضرورة الوقوف ضدها ، فالحيادية هنا سلبية وتتسبب بضرر كبير للدولة والشعب . salimusaib@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram