TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل كانت الأربعينية ناجحة؟

هل كانت الأربعينية ناجحة؟

نشر في: 15 ديسمبر, 2014: 09:01 م

هل كان الأمر حقاً وفعلاً مثلما جاء على لسان قائد قيادة عمليات الفرات الأوسط؟ أم يصح القول إن هذه القيادة إنما ترى بعين واحدة وتسمع بأذن واحدة، فجاء كلام قائدها غير مجسّد لواقع الحال، متغافلاً عن وقائع صارخة لا تدع مجالاً للفخر بما تفاخر به القائد؟
في مؤتمر صحفي قال اللواء الركن قيس المحمداوي يوم الأحد "أنهينا اليوم الخطة الأمنية الخاصة بزيارة الأربعين في كربلاء بنجاح متميز قياساً بالتحديات الأمنية والخدمية وعدد الزوار غير المسبوق الذين دخلوا المحافظة".
نعم، بالنظر بعين واحدة وبالسماع بأذن واحدة يمكن القول إن الزيارة الأربعينية انتهت بنجاح، فهذه المرة لم تكن هناك هجمات وتفجيرات مروّعة في صفوف ملايين الزائرين في مدينة كربلاء أو على الطرق المؤدية اليها، مثلما كان يحدث في السنوات الماضية، ونرجو أن يكون هذا بالفعل بفضل الجهد المبذول من القوات الأمنية لتأمين الزيارة والزوار، فهذا ممّا يحيي الأمل في النفوس في ان قواتنا الأمنية يمكنها، إن أرادت، أن تحفظ الأمن للبلاد وتحقق السلم والطمأنينة للناس.
ولكن، هل الزيارة هي مجرد وصول الزوار الى العتبة المقدسة المقصودة والعودة منها بسلام؟.. اذا كانت قيادة عمليات الفرات الأوسط وسواها من القيادات العسكرية والأمنية تفكّر بهذه الطريقة فهو تفكير قاصر. من العناصر المهمة التي يتعيّن حسابها في تقييم أحداث كحدث الزيارة الأربعينية، ما اذا كان هذا الحدث قد شهد مظاهر سلبية أم لا، واللافت ان الزيارة الأربعينية هذه شهدت، أكثر من سابقاتها، مظاهر تسيء إلى المناسبة نفسها والى المبادئ التي استشهد في سبيلها الإمام الحسين وآل بيته.
كانت هناك كتابات على بعض الطرق العامة تشتم الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وبعض الصحابة، وكانت هناك حلقات احتلت بعض الشوارع تلعن هؤلاء الخلفاء والصحابة. وكانت هناك أيضاً ممارسات تحط من إنسانية الإنسان وقيمته العالية، كالزحف على البطون والرُكب.
هذه الممارسات تنتقص كثيراً من قيمة الإنجاز الذي حققته القوات الأمنية والعسكرية، فواجب هذه القوات لا ينحصر في منع وقوع العمليات الإرهابية وحفظ حياة الزوار.. من واجباتها الأساسية أيضاً المحافظة على الأمن الاجتماعي، وما بدر من بعض الزوار من ممارسات طائفية مستهجنة يضرب في العمق السلم الأهلي. والواقع إن القوات الأمنية والعسكرية قصّرت تقصيراً واضحاً في العمل على ردع القائمين بهذه الممارسات، بما في ذلك حجزهم وتقديمهم الى القضاء وإعادة القادمين منهم من الدول الأخرى إلى بلدانهم في الحال.
الدستور يضمن حرية العقيدة، ويحظر كل نهج تكفيري.. والممارسات التي شهدها بعض الطرق العامة والشوارع في كربلاء وخارجها هذه السنة بالذات تنتهك ما نصّ عليه الدستور، فشتم الخلفاء الراشدين الثلاثة وبعض الصحابة هو مما يتجاوز على حرية العقيدة ويدخل في باب النهج التكفيري، والقوات الأمنية والمسلحة ملزمة بتطبيق الدستور والقانون.
فتح حدود البلاد على مصراعيها بدون حسيب أو رقيب عشية الزيارة هو مما سمح بهذه الممارسات الخطيرة للغاية، ولابدّ من أخذ هذا في الحسبان مستقبلاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. علي العراقي

    استاذي العزيز اذا كانت القوات الامنيةهي التي تفعل ذلك فماذا يعني هذا وسيارةالشرطة في مقدمة الموكب ومؤخرته وفي مناطق بغداد وداخل الشوارع لبعض المحلات ذات النسب المتداخلة ((شيعة وسنة ))لمصلحة من هذا السكوت رغم ان المكون الاخر اتخذ موقف العقل والسكوت عن هذا

  2. ام رشا

    التفاتة رائعة من حضرتك أيها الكاتب الغيور فلم نجد أي مسؤول تطرق إلى اللافتة التي يحملها الزوار الإيرانيين التي استفزت أناس كثيرين ..وليعلم هؤلاء أن اللعن والسب لا يقلل من قيمة هؤلاء الشخصيات التاريخية عند مليار مسلم متطرف أو معتدل ،وكان اجدر بهؤلاء ان يط

  3. علي حسن

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. انا معك في اكثر مما قلته .. ولكن يجب ان يذكر السيد كاتب المقال ان هناك من الاعداد الطثيرة للزوار التي رفضت بكل وضوح وبقوة مافعله بعض الزائرين كونها لا تنسجم وطبيعة المناسبة ومن اجلها قامت .. وانا من ضمن العشرات الذين نا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram