في اطار تنفيذ وثيقة الإصلاح السياسي ، ومنها محاسبة المفسدين والمتورطين بسرقة المال العام ، أعلنت لجنة النزاهة النيابية انها ستتبنى التحقيق في قضية عقارات الدولة باستضافة مدير عام العقارات للاستفهام والاستفسار منه حول قضايا الفساد التي شابت دائرته طوال السنوات الماضية ، مشددة في الوقت نفسه على فتح جميع الملفات ، وواضح من استخدام مفردة الاستضافة وليس الاستجواب ، من قبل اللجنة البرلمانية ، انها ترغب في خوض المباراة مع الخصم باعتماد النصيحة ، والتعرف على بعض ما يحتويه الملف الخطير عقارات الدولة ، واللجنة صاحبة الحق الدستوري بالمراقبة والاستجواب " وجر المسؤول المتورط بالفساد من أذانه"وإحالته الى القضاء ومصادرة ممتلكاته المنقلولة وغير المنقولة المسجلة بأسماء الأقارب والمعارف، ليس من مهماتها الدخول في مجاملات والخضوع لتسويات وصفقات ، ولاسيما ان العراقيين يعرفون جديدا ولديهم خرائط تؤكد استيلاء احزاب ومسؤولين وشخصيات سياسية ودينية على عقارات الدولة في العاصمة بغداد ومحافظات اخرى تحولت الى أماكن إقامة ، ومكاتب فضائيات، وخير مثال على ذلك منح النائب عن ائتلاف دولة القانون موفق الربيعي في زمن الحكومة السابقة احد الدور التراثية الواقعة في شارع حيفا ليكون مقرا لحزب الوسط بزعامة الربيعي .
من حق العراقي ان يوجه السؤال لممثليه في البرلمان ، واعضاء لجنة النزاهة ، كيف حصل حزب الوسط على مقره ، وما هي القاعدة القانونية المعتمدة في منحه واحدا من دور شارع حيفا التراثية ، والسؤال يمتد لمعرفة مقار الاحزاب الاخرى ، وهي بالمئات ، في منطقة المسبح والكرادة ، وبناية مطار المثنى العاطل عن العمل منذ سنوات .
استيلاء الحزب على احد عقارات الدولة المنتشرة في مناطق متفرقة من العاصمة ، يجعله يغلق الشارع وربما الحي بأكمله فيشدد الإجراءات الأمنية خشية التعرض لهجمات ارهابية محتملة ، فيتحمل أعباءها أهالي الحي ، بمواجهة مصاعب الدخول والخروج والخضوع لتفتيش دقيق من عناصر الحماية ، ويروي شخص يقع منزله بزقاق يضم مقر احد الاحزاب انه تعرض الى توبيخ شديد اللهجة من حراس المقر ، وكاد يعتقل بتهمة المتاجرة بالخمور لحمله "صندوق بيرة" بسيارته، تمت مصادرته ، بقرار من المكتب السياسي للحزب.
عقارات الدولة دائرة تابعة لوزارة المالية ، عرفت سابقا باسم الأموال المجمدة استحدثت بعد هجرة اليهود من العراق ، وقررت امانة مجلس الوزراء تشكيل دائرة اخرى في العام 2006 اختصت بعقارات المنطقة الخضراء ، فمنحت للمسؤولين والسياسيين منازل في حي التشريع وللنواب الشقق السكنية مقابل مبالغ مالية باسعار "اخت البلاش " ، ولايستبعد ان يكون احد اعضاء لجنة النزاهة النيابة الحالية مستفيدا من هذه المكرمة ، لذلك فضل الاستضافة على الاستجواب ، فقدم النصيحة للنطيحة ،وهو يعلم قبل غيره بان الناطح الكبير على استعداد لاستخدام قرونه الطويلة لمواجهة من يحاول المساس بممتلكاته ومقر حزبه .