ستة أشهر ونيف لم يستطع اتحاد كرة القدم خلالها أن يتعايش في ظل رئيس واحد ونائبين ، فالولاءات الانتخابية المسبوقة مزّقت نسيج هذه اللّحمة وحرّكت غرائز الانحياز لمجموعة بعينها على حساب شرعية الرئيس في امتلاك القرار الذي بقي مقيّداً وضعيفاً ومحاصراً بالشك لتجد الكرة العراقية نفسها أنها محكومة باتحاد فقد وحدته ويتلذذ أعضاؤه بحرب الملاسنة الإعلامية ليس انتصاراً لحقوق الكرة الضائعة وما أكثرها، بل إيذاناً لحرق ورقة الانتخابات ، فأمل الإصلاح يُحتضَر، والرئيس يهمّ لإبلاغ (فيفا) ببيان النعي.
أزمة تلد أزمة، والحِكمة (الغائب الأبرز) في العائلة الحاكمة للكرة العراقية ، قراراتها ارتجالية وسياستها عبثية أهلكت الأندية في دوريات متدنية المستوى، حمّلت إداراتها أموالاً طائلة نظير تعاقداتها مع محترفين يُشهرون المطالب كالسيوف فوق رقاب رؤسائها إذا ما أختل عقد الاتفاق القائم أساساً على نظام احترافي كسيح، ومسابقة عليلة لم تشهد تخبطاً في إطلاق جولاتها وإيقافها مرات عدة حتى في دورات الأحياء الشعبية المنتظمة، ومسّ الضرر سمعتنا الدولية بعدما خطف (غول) التزوير مشروع منتخباتنا الوطنية مع الفئات العمرية ودفن مواهب غضة أمام مرأى المراقبين وتشجيع القلة، ومع ذلك لم يستح أحدهم عندما يتفاخر بمنجزاته لملايين المشاهدين الذين كانوا يضحكون في عبّهم لميدالياته المغشوشة!
إن المشكلة التي تواجه منتخبنا الوطني ليست صنيعة ظروفنا، بل إهمال عَمد من اتحاد الكرة الذي يعمل بجدول الساعات لقضاء مشاغله ولا علاقة له بروزنامة العام المقبل أو برمجة تحضيراته ودراسة الخيارات المجدية للملاكات التدريبية وفق آليات غير قابلة للاجتهاد أو التخمين، هذه طامة كبرى توفر الغطاء الكافي لمنتقدي الاتحاد ونعتهم له بالفاشل كلما أدى تقصيره الى الخيبة والنكوص في المحافل الخارجية، وما حكاية شنيشل إلا واحدة من الحلقات المبكية لمسلسل الانهيار الإداري لقيم القيادة في الاتحاد وضعف رؤية اغلب العاملين فيه ممن اتخذوه منصة للوجاهة والانتفاع لا التعلم واضافة الخبرة لمفاصله المترهلة!
لسنا ضد شنيشل شخصياً فهو خيار وطني نعتز ونفتخر به ولكننا كنا نعوّل على اتخاذه من أول وهلة بعد تأخر التعاقد مع المدرب السابق حكيم شاكر وتصاعد حملات المعارضة بتوليه المهمة التي أتضح صوابها بعد النتائج المخزية في خليجي 22 والسقوط المدوّي لمنتخبنا الذي أسفر عن إقالة المدرب بعد اسبوعين من تسلمه مبلغ 210 ملايين دينار، أي كان حرياً أن يتسنم شنيشل المسؤولية في دورة الخليج باعتبارها محطة مناسبة لوضع قدراته على محك المنتخب الأول عقب تميّزه في أول تجربة احترافية بدوري نجوم قطر وينتقي الأسماء الخمسين بنفسه وليس كما انتقاها (الرئيس ونائباه وعضوان)!
كان حرياً أن يبقى شاكر في الانتظار أو يُسلم أمره للواقع ويُصغي لنصيحتنا السابقة "شكراً حكيم المهمة انتهت" يوم عاد من مونديال تركيا منتشياً بالمركز الرابع لكنه عدّها انتقاصاً من مكانته وإجباراً على التنحي ، وواصل عناده وتحديه بالنجاح مع الكبار فكانت النتيجة مريرة ليغير منتخبنا تحت قيادته لقبه من "زعيم آسيا" الى "ابو نقطة"!
للأسف إن إختيار شنيشل للمهمة الآسيوية ليس خياراً ستراتيجياً ، فالرجل يمر بأفضل مرحلة فنية مع ناديه القطري ويحقق نتائج متميزة ونال لقب افضل مدرب بجدارة ويضيف لرصيده التدريبي نقاط التميز في كل جولة بما يجنيه من فائدة شخصية "علماً ودراية" ووطنية تخدم سمعة المدرب العراقي في حال استمر بمهمته بلا توقف ويصطحب فريقه الى معسكر خارجي طوال مدة توقف الدوري القطري ليعالج أبرز المشكلات التي واجهته منذ بدء عمله في الجولة الثالثة.
نقف مع المنتخب ونعضّد من ثقة شنيشل ومستشاريه الكفوئين تاريخياً وأكاديمياً وتربوياً "يحيى علوان ونزار أشرف" لكن قرار إعارة الأول كان مستعجلاً وبلا تخطيط ويهدف الى انقاذ الاتحاد من ورطة ضيق الوقت بسبب فشل تفاوضه مع البرازيلي لازاروني قبل انطلاق البطولة بـ 20 يوماً بدليل أن شنيشل لم يعد بأنه سيروي جمهورنا عطش الانجاز من كأس سيدني ولم يقدم تعهداً بانه (الجنتلمان الساحر) ، والأمر الثالث ان رئيس الاتحاد نفسه أكد لـ(المدى) أمس أن مهمته تنتهي في 31 كانون الثاني ، فعلامَ زعزعة استقرار المدرب المثابر وارباك اعمال نادٍ محترف واتحاد شقيق سبق أن أبدى تعاطفاً لا محدوداً مع طلباتنا التي لا تنتهي وكأن العراق لم ينتم للاسرة الدولية الكروية إلا بعد عام 2003!
* حذارٍ: جلوس الكابتن المستشار الفني يحيى علوان في المقصورة لتقديم المشورة عن بُعد؟! هذا خطأ فادح يتوجب تصحيحه قبل فوات الأوان ، فالقرارات الفنية تتخذ خلال انصاف الثانية وغالباً ما تحتاج المعالجة الآنية الى قراءة صحيحة ربما لا تسعف خبرة شنيشل وأشرف لانقاذ الأسود من خطأ قاتل!
اتحاد "أبو نقطة"
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 02:28 ص