TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الويل للمرتدين

الويل للمرتدين

نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 02:41 ص

لكل سياسي طريقته في إلقاء الخطاب اليومي او الأسبوعي او في المناسبات الوطنية والدينية، والعراقيون بعد العام ألفين وثلاثة، تعرفوا وفي" اجواء الديمقراطية" على شخصيات سياسية ، وزعماء احزاب ، ورؤساء كتل يلقون خطابات تكاد تكون يومية ، فهم يستثمرون عيد الشجرة واليوم الدولي لمكافحة مرض الايدز وغيرها من الأيام الممتدة على طول السنة للظهور أمام الجماهير او عبر شاشات فضائياتهم لتوجيه خطاب تاريخي لأبناء الشعب .
أساليب الخطبة تختلف بين سياسي واخر ، فمنهم من يبدأ بقراءة آية قرانية ، ويسرد روايات عن الأنبياء والأوصياء والأولياء ، ليصل الى زبدة القول اي تضافر الجهود لمحاربة الارهاب ، وسياسي آخر يفضل سرد وقائع تاريخية ، وحين يصل الى اعلى درجات الحماسة يردد اغنية أمجاد ياعرب أمجاد ، ثم يستعرض بطولات خالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة ، ومآثر الأجداد حين شنوا غزوات لنشر الإسلام في مشارق الارض ومغاربها ، وتشترك خطب الساسة باستذكار أحداث الماضي قبل مئات السنين ، اما المستقبل فيرد في الخطبة بتمنيات ودعوات لنبذ الطائفية ، وحرمان الدم العراقي ، وتعديل الدستور ، وتشكيل لجان تأخذ على عاتقها مهمة ضمان نجاح العملية السياسية في العراق ، والسير بخطى حثيثة نحو التقدم والازدهار، ولكن بالاتجاه المعاكس بمعنى اخر من الخلف وبالتعبير الشعبي السائد المتداول لدى الكثير من البغداديين "من وره " ولهذا القول حكاية ، تعبر عن انعدام ثقة العراقيين بالمسؤولين والسياسيين .
تقول الحكاية ان وزارة الداخلية خصصت منذ سنوات سابقة رقم الهاتف الأرضي واحد صفر أربعة لأغراض الاتصال وطلب النجدة الفورية ، وعندما تعرض منزل طبيب يسكن في حي القضاة بمنطقة المأمون لسطو مسلح في نهار يوم جمعة منتصف عقد التسعينات ، اخبر الطبيب نجله الأصغر ، بان يتصل بالرقم ، فاخبره الأخير بانه اتصل برقم أربعة صفر واحد ، فغضب الاب ، ومع التوبيخ وجه سؤاله لماذا " اتصلت بالرقم بالمكلوب " فأجاب الابن على الفور " حى تجي الشرطة وتلزم العصابة من وره ".
السياسيون أصحاب الخطب اليومية والاسبوعية ، لا يختلفون عن ابن الطبيب ،في التعامل مع المشكلة فهم اعتادوا على توجيه المواعظ والعبر ، والاعتصام بحبل الله ، والتمسك بالقيم والتقاليد والاعراف لمحاربة الافكار الهدامة ، فيما تسيطر احزابهم على مجالس المحافظات فجعلتها تعيش في زمن العصور الوسطى لا اعمار ولا بناء ، والفساد المستشري في دوائرها تناسل ووصل الى المحيط الاقليمي .
ضمن الدستور العراقي حق تشكيل اقاليم فيدرالية لمحافظة او اكثر ، وابناء البصرة ولكثرة سماع خطابات السياسيين ، نظموا حملة لتشكيل اقليمهم ، لكن جهات سياسية ، ابدت اعتراضها على هذا التوجه ، وهناك من ألقى أمام الجماهير خطبة يحذر فيها من تقسيم العراق ولوح اخر بمقاضاة اصحاب الدعوة واتهمهم بالخيانة العظمى ، وثالث يحاول الاستعانة بخدمات احفاد خالد بن الوليد لمحاربة المرتدين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram