حازم مبيضينتبدأ في الكويت اليوم أعمال القمة الثلاثين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وتنتظر اجتماعاتها ملفات ساخنة في ظروف إقليمية ودولية بالغة الاهمية، تترافق مع تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية شهدتها دول العالم والمنطقة أخيراً، وبما يدفع للاعتقاد أن مناقشات هذه القمة لن تتوقف عند الموضوعات الخاصة بدول المجلس،
بل ستتعداها إلى قضايا أكثر شمولاً، تتجاوز حدود الاقليم وتصل إلى تخوم العالمية، مع إدراك القادة المجتمعين لأهمية ما سيخرجون به من قرارات وتوصيات، يؤمل أن تصب في مصلحة المواطن الخليجي، وتصحح بعض الاختلالات، وتواصل مسيرة البناء والتنمية التي تحتاج لكل جهد مخلص ودؤوب. وإذا أخذنا الانجاز في الجانب الاقتصادي، فان قمة اليوم ستشهد تدشين مشروع الربط الكهربائي بين دول المجلس، الذي انتهت مرحلته الأولى بربط البحرين والسعودية وقطر والكويت، وبقي ربط الإمارات وعمان، وهو مشروع تكاملي يتيح لكل دول المجلس الاستفادة القصوى من هذه الطاقة، إضافة إلى مناقشة الاتحاد الجمركي ومشروع السكك الحديدية، واتفاقية الاتحاد النقدي التي تعتبر الخطوة الأولى لإنشاء بنك مركزي يتولى إصدار عملة موحدة، تعظم التعاون والتكامل، وتفضي إلى تكوين كتلة اقتصادية تواجه التكتلات الاقتصادية العالمية، كما أن ملفات الطاقة والتجارة والصناعة والنقل والمواصلات والكهرباء والماء والزراعة والتخطيط والإحصاء والتنمية وبراءات الاختراع، ستكون حاضرة على موائد القمة . وسياسياً وبالرغم من أن اليمن ليس عضوا في المجلس، فان قادته سيناقشون وضعه السياسي والتنموي، خصوصاً في ظل الأحداث العسكرية المستعرة فيه، وحرب حكومته مع الحوثيين، الذين تتهمهم صنعاء بالتبعية لايران، التي ستكون حاضرة بقوة، من خلال بحث علاقاتها مع دولة الإمارات التي تحتل ثلاثاً من جزرها، منذ أيام الحكم الامبراطوري، والمؤكد أن قمة اليوم ستعيد ما كانت أعلنته القمم السابقة، عن ضرورة انتهاج الحوار سبيلاً لحل هذا الخلاف، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وهو ما ترفضه إيران حتى اليوم، وكالعادة سيناقش القادة تعثر العملية السلمية، وبعض القضايا العربية. القمة الخليجية اليوم لا تكتسب أهميتها من كونها فقط ستنجز عدداً من الملفات الاقتصادية التي يتطلع المواطن الخليجي لانجازها، ولا من بيانها الختامي الذي سيحدد موقفها من بعض القضايا السياسية التي تهم المواطن العربي، ولا بافتتاح بعض المشاريع الاستراتيجية، وإنما وهذا هو الأهم، لأنها تشكل استمرارية مفقودة في كل المشاريع العربية، فقمم مجلس التعاون، ورغم بعض الخلافات العابرة بين الدول الأعضاء، ظلت مستمرة في الانعقاد منذ انطلاقة المجلس من ابو ظبي في العام 1981، وبما يعني أنها تحولت إلى مدرسة في العمل السياسي، تعتمد الواقعية بدل الشعارات الفضفاضة، وتعتمد القول بدل التبجح اللفظي الفارغ من المضامين، وتعتمد التخطيط السليم بدل القرارات الهوجاء، وهي تدرك أهمية المجلس لأمن المنطقة، ولاقتصاد العالم وتتصرف على هذا الأساس.
قمة التعاون
نشر في: 13 ديسمبر, 2009: 05:38 م