TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مرتكزات الأمن الوطني العراقي فـي محاربة الإرهاب

مرتكزات الأمن الوطني العراقي فـي محاربة الإرهاب

نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 09:01 م

على الرغم من عدم وجود تعريف محدد للإرهاب ولخصائصه ووسائله وآلياته من الناحية الأكاديمية أو أكثر تحديداً في الجانب النظري، لكن من الناحية التطبيقية تم تحديد أهداف الإرهاب على اقل تقدير من خلال الأعمال التي تقوم بها الجماعات المسلحة من حيث العنف الديني

على الرغم من عدم وجود تعريف محدد للإرهاب ولخصائصه ووسائله وآلياته من الناحية الأكاديمية أو أكثر تحديداً في الجانب النظري، لكن من الناحية التطبيقية تم تحديد أهداف الإرهاب على اقل تقدير من خلال الأعمال التي تقوم بها الجماعات المسلحة من حيث العنف الديني المتطرف وإضفاء الشرعية على تلك الأعمال على نطاق واسع، إن الأعمال التي تقوم بها هذه الجماعات تتناسب وتنسجم مع طبيعة توجهاتها وتطلعاتها بما يخدم مصالحها ومصالح الجهات التي تمولها وتساعد على تدريبها وتسليحها، إلى جانب فتاوى التكفير التي تطلق من قبل المشايخ التي تتزعم هذه الجماعات من هنا وهناك، فكانت نتائج الإرهاب واضحة في العراق بعد أن حصد أرواح مئات من العراقيين دون تمييز بين طائفة أو قومية أو ديانة، إلى جانب التمويل الذاتي لهذه الجماعات من خلال عمليات الخطف والابتزاز الذي يتعرض لها المواطنون العراقيون، أثر ذلك بشكل جلي على مستوى الأداء الأمني العراقي الذي أثر سلباً على الأمن الوطني العراقي. 

بعد عام 2003 عانى العراق من تجليات أحداث ما بعد هذا العام والإرهاب وتبعاته شكل جملة من تحديات داخلية وخارجية ألقت بظلالها على واقعه السياسي فنتجت معضلة أمنية حملت في طياتها مجموعة من الأزمات هددت الأمن الوطني العراقي في مناسبات كثيرة وهددت وحدة العراق أرضاً وشعبا، وهذا يعطي إشارات واضحة من أن الأمن الوطني العراقي لم يكن بعيداً عن أحداث أصابته بالصميم، والحديث عن الأمن الوطني يتطلب التعرف على أهم عناصر هذا الأمن ومرتكزاته، خصوصاً وفي أحيان كثيرة يعتبر المدخل النظري لمثل هذا الموضوع يثير النقاش ويتسم بالحساسية في الوقت ذاته، لاسيما وهو الشغل الشاغل للعديد من المهتمين سواء في مراكز البحوث أو المؤسسات الأكاديمية أو المؤسسات ذات الاهتمامات الستراتيجية، وعلى أثر ذلك فإن مفهوم الأمن الوطني العراقي يتطلب تطبيق نظرية للأمن يتم الاستناد إليها للانطلاق إلى تحقيقه وفقاً للسياقات المنطقية الصحيحة، إن وجود أمن ترتسم على ملامحه الخطوط الواضحة المحددة للأولويات التي تعمل بشكل متوازن وعقلاني يأخذ بالاعتبار المصالح الوطنية الشاملة سواء في الداخل أو في الخارج وفق حسابات ستراتيجية مدروسة تتجنب كل الانعكاسات السلبية في أي وقت مضى، وتأخذ أخطاء الماضي القريب على أنها دلائل واضحة على المراجعات الستراتيجية المزمع القيام بها.
إن دراسة الأمن كمحور رئيسي هو محاولة منا لوضع آليات للعمل وفق معايير تتناسب مع الواقع الأمني الذي يعيشه العراق وتتركز في المحافظة على الوجود الكياني، على الرغم من أن عملية استتباب الأمن هي عملية نسبية وليست مطلقة على اعتبار عدم وجود الأمن المطلق بكل جوانبه مهما بلغت الدولة من القوة والتفوق الصناعي والعسكري والاستقرار السياسي، حيث تبقى نقاط ضعف غير واضحة في جوانب معينة قد يغفل عنها من يحاول تطبيق الأمن ومهما كانت الاحترازات الأمنية للدولة في الداخل، أو قد تواجه الدولة تهديدات قد تكون غير تقليدية أو غير مرئية مثل قوى مجهولة أو إرهابية كما يواجه العراق اليوم جماعات إرهابية عابرة للحدود تتمتع بدعم دولي وإقليمي استطاعت ان تشكل تهديداً على مصالح الدولة كيانها السياسي، بالتالي مثل هذه الأعمال وغيرها تجعل الأمن الوطني مكشوفاً ومعرضاً للخطر.
وإذا كان الأمن تصوراً ستراتيجياً لأي شعب أو أمة، أو حتى في إطار التجمع الإقليمي، فإنه لا بد وأن تتجاذبه تصورات أمنية أخرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتتقاطع معه بشدة إذا تضاربت المصالح والأهداف أو حتى إذا اختلفت وجهات النظر في كيفية التعامل والأساليب التي يمكن انتهاجها مع محددات هذا الأمن، وكذلك للقيود التي تفرض عليه، وخصوصا في منطقة هي نفسها تساعد وتحفز الأطراف الأخرى على وضع تصورات وأفكار أمنية خاصة بمصالحها وسياساتها وعقيدتها العسكرية.
على الرغم من الأهمية البالغة التي يتمتع بها مفهوم الأمن الوطني ،لذلك لابد من التركيز على ان الأمن يتحقق من حيث وضع تصور عن السترتيجية العامة للدولة من خلال ما يأتي:
1- العمل على تأمين كيان الدولة ومنع أو صد الأخطار الداخلية والخارجية، ومسك الحدود ومنع تسلل الإرهابيين، واستعمال أحدث وسائل التكنولوجيا والتقنيات المتطورة لمراقبة الحدود، والاعتماد على الوسائل الحديثة والمتطورة في التسليح وتكنولوجيا المعلومات.
2- تامين مصالح الدولة الاقتصادية وأيضاً تأمين المصالح المجتمعية من خلال تحقيق الغايات للوصول للأهداف التي تعبر عن رضا المجتمع.
3- العمل الجاد من قبل الحكومة العراقية لمحاربة الجماعات الإرهابية وقطع الطريق عن مصادر التمويل و تطوير الجهد الاستخباري.
4- السيطرة على المناطق التي تعتبر حاضنة لهذه الجماعات من خلال إعادة الثقة بين مواطني تلك المناطق والأجهزة الأمنية المسؤولة عن حمايتهم.
5- العمل على القضاء على الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الأمنية والاعتماد على الكفاءات وذوي الخبرة.
6- العمل الجاد على فتح صفحات جديدة مع دول الجوار الإقليمي مبنية على العمل المشترك والتعاون لصد الأخطار عن العراق والمنطقة، ووضع ستراتيجيات واضحة من حيث رسم خطوط واضحة للعلاقة، والتفاهم على مبدأ التعايش السلمي مع هذه الدول، والضغط عليها لإيقاف التمويل لهذه الجماعات.
7- العمل الجاد على أن يكون القرار السياسي العراقي بعيداً عن التجاذبات السياسية والطائفية والدينية والقومية، وعدم السماح لأي دولة سواء كانت إقليمية أو دولية بالتدخل في صنع هذا القرار.
في الواقع تؤكد دروس الماضي و حتى الحاضر الذي نعيشه بكل ما يحمله لنا من تحديات، لا يمكن لأي دولة أن تحقق أمنها الوطني بمعزل عن أمن محيطها من الدول المجاورة على اقل تقدير المرتبط بشكل طبيعي بالأمن الدولي، على الرغم من أن لكل دولة أمنها الخاص وظروفها الداخلية التي من خلالها أن تحدد الأولويات والوسائل المتبعة لتطبيق ذلك الأمن والمحافظة على تماسك مقوماته وعناصره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الرياض تقرأ

العمودالثامن: اغلقوا النوافذ

العمودالثامن: أين اختفى نور زهير؟

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة: ايران 1953

العمودالثامن: مطاردة الرأي الآخر!!

العمودالثامن: جمهورية قص اللسان

 علي حسين أشاهد جزءا من الحوار الذي شارك فيه الشيخ مجيد العقابي ، واستمع اليه يقول بكل اريحية لتلك النساء اللواتي يقفن ضد تعديل قانون الاحوال الشخصية : لا بد من قص ألسنتهن...
علي حسين

قناطر: أجهزة الأمن بين مكافحة (الشغب) ومكافحة المخدرات! !

طالب عبد العزيز لا يكاد يمرُّ يوم واحد دونما نزاع عشائري في إحدى مدن الوسط والجنوب، فأخبارها منقولة في الصحف، ومواقع التواصل، وعلى الشاشات، وكثيرا ما تتحدث الأجهزة الأمنية عن تدخلها الخجول، والمخزي، غير...
طالب عبد العزيز

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة:من غواتيمالا إلى الكونغو

د. حسين الهنداوي (2)الجيش هو مؤسسة وطنية أساسية من مؤسسات الدولة في الجوهر، بيد ان هذه المؤسسة يمكن استخدامها من قبل قيادته السياسية لأغراض ضد الدولة وبالتالي غير وطنية ما يجعله مصدرا لويلات كبرى...
د. حسين الهنداوي

شخصيات ثقافية لافتة

عبد الكريم البليخ أصبحت الساحة الثقافية تتيح لنا ظهور شخصيات لافتة تبحث عن مكان آمن لها في عالم الأدب والثقافة والاجتماع والفلسفة والعلوم، وغيرها من الثقافات والاجتهادات المختلفة، وهذا من حقها الطبيعي ولكن؟ ومن...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram