مستعدون لكتابة رسائل الدكتوراه والماجستير لطلبة الدراسات العليا ، اكثر من مكتب للطباعة والاستنساخ في منطقة الباب المعظم وشارع المتنبي ، على استعداد لتقديم هذه الخدمة مقابل مبلغ من المال بالعملة الصعبة لينال الطالب اللقب العلمي ، ثم يظهر عبر شاشات الفضائيات محللا سياسيا او مؤرخا او ناقدا وباحثا ادبيا ويشترط على مقدم البرنامج اضافة حرف الدال على اسمه الظاهر اسفل الشاشة .
صاحب اللقب دكتور بفلوسه ، انضم الى الوسط الاكاديمي من الباب الخلفي ،وسط غياب الرقابة واعتماد المعايير الدقيقة في اختيار طلبة الدراسات العليا ، وخاصة في الكليات الانسانية ، فعن طريق تزكية حزب متنفذ ، او بتأثير زعيم سياسي ، وتدخل مسؤول كبير انفتحت الأبواب امام "الدماغ سيزية" فحمل اشباه الاميين شهادات عليا جعلت الجامعات العراقية تحتل المرتبة 800 في قائمة الترتيب الدولية للجامعات العربية ، والانحدار متواصل وبنجاح سابق ، ومن يعترض ليس امامه الا التوجه الى اقرب جدار كونكريتي ليضرب راسه ويصرخ باعلى صوته ، "خربت والعباس وطاح الفاس بالراس".
في زمن النظام السابق كان الحصول على شهادة الماجستير بالعلوم العسكرية يتطلب دراسة لمدة سنتين في كلية الاركان ، المعروفة بتاريخها العريق قبل خرابها ، وفيها تخرج ضباط كبار من جنسيات سودانية وفلسطينية وليبية ويمنية ، ولحمل الشارة الحمراء مع الرتبة يجب على الطالب ان يقدم اطروحة التخرج لنيل شهادة الماجستير ، وكانت مكاتب الاستنساخ تلبي الطلب خلال يومين ، فتقدم الاطروحة ، وتوصي الطالب بعد دفع السعر المتفق عليه بان يدافع عن رسالته بقوة ليثبت لاعضاء لجنة المناقشة بانه كاتبها و"يخش بعيونهم" ، وصاحب المكتب هو من وضع حتى الاهداء في الورقة الثانية ، وكان موجها الى شخص واحد ، ليس من المستحسن ان يشاركه اب الطالب او امه او زوجته او اشقاؤه في الاهداء.
الجهات الرسمية وبعد حصولها على معلومات بخصوص شراء الرسائل ، تحركت على اصحاب المكاتب ، وقبل دقائق من "تنفيذ الكبسة " هرب المشتبه بهم ، وتركوا مكاتبهم تحت رعاية ابنائهم او مساعديهم ، فتحملوا ذنب منح مئات الضباط شارة الركن وربما شغل بعضهم في الوقت الحاضر مناصب ومسؤوليات قيادة فرق والوية ،فكانت النتيجة ايضا "وقوع الفاس بالراس " وانشغال الاوساط السياسية والشعبية والرسمية بقضية ادارة الملف الامني.
ظاهرة كتابة رسائل الدكتوراه والماجستير مقابل المال برزت مطلع تسعينات القرن الماضي ، ولم تتخذ الجهات المعنية اية خطوات او اجراءات للحد منها ، وهي على علم اكيد بتفشي الظاهرة ، لكنها لم تحرك ساكنا للحد منها ، لاسباب كثيرة ربما يدخل ضمنها الحفاظ على مسار العملية السياسية وتوطيد حالة التوافق بين الاطراف المشاركة في الحكومة ، خدمة للمصالح الوطنية ، المهددة بالخراب حين يتم الكشف عن "شهادة كلك " يحملها الناطق الرسمي باسم ائتلاف الفرارات ، والناجح يرفع ايدووووووووو .
دكتور بفلوسي
[post-views]
نشر في: 20 ديسمبر, 2014: 09:01 م