ثلاثة اشياء تستحق المتابعة هذا الاسبوع، وفي وسعها ان تحدد لنا درجة التقدم الممكن خلال السنة الجديدة الصعبة التي ستبدأ بعد ١٠ ايام.
اول الاشياء هي عملية سنجار، فرغم ان داعش تحاول ان تستأسد قرب قواعد تدريب المقاتلين حول الرمادي، الا انها تتراجع وتنسحب في الطوق الشمالي لنينوى، حيث تنجح البيشمركة في شن هجوم واسع باسناد دولي ومحلي، انتهى باستعادة جبل سنجار، والتوغل في مناطق المدينة.
الامر فيه دلالات عديدة، ترسم ما يمكن ان يحصل اذا تعزز التعاون السياسي بين العراقيين، واذا استكملت الثقة مع المجتمع الدولي. حتى ان رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتردد في الاتصال هاتفيا بمسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان، ليهنئ المقاتل القديم وهو يشرف على العمليات من جبال دهوك المشرفة على سنجار. انها مكالمة تضع حدا فاصلا بكثير من الرمزية، بين حقبتين. وترسم لنا امكان ان ندير اشد الخلافات في جو من التعاون امام عدو مشترك.
الحدث المهم الاخر هو مؤتمر القوى السنية الذي انعقد الخميس في اربيل، فهو حدد لنا اشياء كثيرة. اولها ان العديد من السنة والشيعة لم يستعدوا بعد للتفاهم والتعقل، ولم ينضجوا سياسيا بعد، وظلوا يتشاتمون. لكنه كشف كذلك ان عقلاء كثيرين في وسعهم وضع حد للفوضى والتمزق الذي يعانيه السنة، فقد مزقهم نوري المالكي وداعش في ان واحد، كما مزقهم ساسة سنة فاسدون او ينقصهم مستوى الخبرة المطلوب. ودور هذا المؤتمر ان يهيء جردة حساب ومراجعة، واخر الاخبار الجيدة ان وفد نينوى برئاسة المحافظ اثيل النجيفي يعتزم الذهاب لبغداد هذا الاسبوع، ليستأنف الحوار مع العبادي حول المطلوب الاتفاق عليه لتسليح الاف من الشرطة والمتطوعين يتدربون في معسكر على مشارف الموصل، وكتلة التحالف الشيعي باتت تعلم انها اذا بقيت مترددة تتفرج، فان المجتمع الدولي سيقوم بتسليح المصالوة سواء وافقت بغداد ام لا، لنكون حينها عنوانا لفضيحة سياسية. وهذه فضيحة لن يمنعها سوى ان نجلس ونتصارح في وقت قليل، ونعترف بكل ما يتطلبه الاعتراف، لان ما يجمع كل الاطراف هو تشوقها لطرد داعش، وتدشين عهد سياسي جديد، لا تقوم خلاله قبيلة بالتلذذ باخضاع القبيلة الاخرى.
وبينما نراقب بتفاؤل حذر جبهة سنجار والحوار الصعب المتوقع بين السنة والشيعة، فاننا سنظل نتابع ايضا دروسا ممكنة عبر لجنة تقصي الحقائق بشأن سقوط الموصل، فقد اخبرنا نواب من لجنة الامن والدفاع اليوم بان السيدين عبود كنبر وعلي غيدان قد خضعا لاستجواب دام ٧ ساعات من قبل اللجنة البرلمانية الموسعة، وان الخبراء يتولون الان المقارنة بين افاداتهما، والادلة والوقائع، وهو ليس مجرد محاولة فهم لما جرى، بل في وسع المعلومات التي سيتكشف جزء منها، ان تعكس لنا كيف كنا نفشل داخل مؤسسة الجيش وكيف كان الفشل يبدد دماء الشهداء الذين سقط عشرات الالاف منهم في حرب الارهاب.
ان الساعات السبعة لاستجواب ضباط المالكي، هي ساعات نادرة ترسم معنى العهد السياسي الجديد الذي نريده، كما هي مكالمة العبادي وبارزاني، وكما هو حوار عقلاء السنة المرتقب مع رئيس الوزراء، الذي لا يتحمل المسؤولية بمفرده، بل يجب ان ينخرط في هذا الحوار فورا، فريق عمار الحكيم ومقتدى الصدر وحلفائهما، الذين عارضوا ارتجالات المالكي وخطاياه، ونحن نطالبهم اليوم بحسم التردد ووضع ما تتطلبه السياسات الجديدة، من تسامح وتكاتف وتحلٍ بالمسؤولية.
التقدم الذي يتحقق في صناعة الحلول السياسية، وفي محاسبة المخطئين، هو افضل تسليح لكل شاب كردي او عربي، سني او شيعي، يقاتل داعش هذه اللحظة، وافضل مواساة لمليوني نازح يعيش بعضهم ظروفا قاسية وسط شتاء لا يرحم حول الجبال والبراري، وحين نتقدم على هذه المستويات الثلاثة، ستكون اسعار النفط تحديا عاديا يسهل مواجهته، وسنضع لاول مرة تقليدا لتخفيف الكوارث، ورؤية الحلول الممكنة.
سنجار والسنة وضباط المالكي
[post-views]
نشر في: 20 ديسمبر, 2014: 09:01 م