دعا عدد من الاقتصاديين إلى استحداث موازنة خاصة بإقليم (المركز) لبغداد وبقية المحافظات وإدراجها ضمن الموازنة الاتحادية للعراق للسنوات المقبلة من أجل تحسين واقع النظام المالي في البلاد، فضلا عن توضيح ماهية مصطلح ( الوفرة ) المدرجة ضمن إستراتيجية الموازنة المالية وأسباب الزيادة في الضرائب على الموظفين للسنوات 2012-2015.وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد إبريهي لـ (المدى )إن هناك ضرورة وحاجة ملحة لاستحداث موازنة إقليم المركز (العاصمة بغداد وبقية المحافظات) وفصل حساباتها عن حسابات الموازنة الاتحادية من اجل تحسين واقع النظام المالي في العراق وتحسين الإدارة المالية لهذا الإقليم المقترح ،كما من المهم أيضا العمل على تطوير مالية الشركات العامة والسلطات المحلية للسير قدما بهذا الاتجاه .
تحقيق سبل الارتقاء
وأضاف إبريهي إن من المهم كذلك الكشف عن الأرصدة المالية المصرفية لجميع الموازنات بشكل دوري من اجل الأخذ بالاعتبار عند الإعداد وإصدار الموازنات الجديدة ، وإعادة تبويب البيانات المصرفية للفصل بين إيداعات قطاع الأعمال العام وموازنات الاتحاد والأقاليم والمستويات المحلية كلاً على حدة من أجل توضيح وتنشيط البحث والتفكير في سبل الارتقاء .
وقال إن هناك قضية أخرى طال انتظار الحسم فيها تتمثل في التمويل الداخلي لعجز الموازنة الاضطراري في حالة الهبوط الحاد في موارد النفط أو الاختياري ،ومنها ماله صلة بالجدل الدائر حول قانون البنى التحتية المقترح ، حيث أن التمويل المصرفي للموازنة يتطلب في البدء الكشف عن ودائع القطاع الحكومي في المصارف وعائديتها وكذلك إجراء التغييرات المقترحة في النظام المالي الحكومي ليتمكن من استيعاب هذه السيولة في البداية قبل الحديث عن الاقتراض المالي وغيرها ، كما أظهر التقرير السنوي للبنك المركزي في نهاية سنة 2011 وجود أكثر من 32 تريليون دينار بصيغة ودائع للمصارف في البنك المركزي ،منها ماهو احتياطيات إلزامية وغيرها من الاستثمارات بفائدة ، إذ بلاشك أنها توفر سيولة من دون توظيفها ،الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات ،منها اعتماد نظام إدارة نقدية للموازنة بالتنسيق مع الدين الداخلي .
وأوضح أن المباشرة باستحداث سوق خاص لأدوات الدين في العراق أسوة بالدول الأخرى تتطلب إخضاع الإنفاق العام لشروط الاستقرار المعروفة وملاحظة العناية المستمرة بتوسيع قدرة اقتصاد العراق بنسبة المشاركة في النشاط الاقتصادي ، وتقليص حجم مساحة القطاع الحكومي لصالح تنمية موسعة للقاعدة الإنتاجية للنهوض بقطاع الأعمال الخاص المحلي (القطاع الخاص) .
وأشار إبريهي إلى أن نظام المالية العامة في العراق يتصف بالتعقيد والذي يتكون من قطاع الأعمال العام الذي يتشكل من الشركات المالية وغير المالية ، والأولى هي المصارف التجارية المتخصصة وشركات التأمين وغيرها ، والثاني شركات وزارات النفط والصناعة والمعادن والإعمار والإسكان وغيرها التي تقوم بممارسة النشاطات التجارية المختلفة ، وجميع تلك الشركات تكون مستقلة ماليا وإداريا حسب قانون الشركات بالرقم 22 لسنة 1997 وتعديله اللاحق .
وأضاف إن حال تلك الشركات متباين ويغلب على نشاطاتها الفشل في الوقت الحاضر إلا القليل منها ، فيما تبنت الحكومة خطة متثاقلة لإعادة هيكلتها ، ومن الناحية العملية يؤجل تنفيذه لتعطل بعض تلك الشركات بنحو كبير فيما بعضها الآخر ذ و أداء ضعيف بكل المقاييس نتيجة غياب الدافع الذاتي لديها وانعدام وجود المحفزات والحزم الحكومي ، ولهذه الشركات علاقة واضحة بالموازنة ، إذ تقوم باقتطاع حصة من الأرباح عند تحققها لتدفع على شكل إعانات للشركات الخاسرة وكل مصاريف الشركات المتوقفة ،ومنها رواتب الموظفين .
وثيقة المركز المالي ..
ولفت إلى أن من المهم إعداد وثيقة المركز المالي التجميعي لتلك الشركات من أجل ضمان سلامة الأوضاع المالية في العراق ، مع تقديم تحليل وافٍ لملف الموازنة العامة للسلطتين التنفيذية والتشريعية مع تقديم التوجيهات للضوابط والسياسات التي يجب الالتزام بها والتي تصدر مع ملحق بالموازنة العامة عند تشريعها ، حيث أن هذه الشركات تسهم بشكل فاعل في تعيين المركز المالي للدولة .
ونوه إلى أن النظام المالي العام يتضمن كذلك الموازنة الاتحادية التي تستقبل إيرادات النفط لتعتمد عليها في الإنفاق ، والتي تعاني إدارتها عدداً من المشكلات ،منها ضعف التوثيق والمطابقات ،ومنها قصور الحسابات المقابلة لحركة الأرصدة المصرفية ،وضعف كفاءة أقسام المحاسبة والتدقيق في الكثير من الدوائر ،وعدم احتواء تقارير الأداء المالي على الوصف الكامل لتحسين إدارة الموازنة وغيرها.
وهناك الموازنات على المستوى الإقليمي كون العراق مقسماً إلى إقليمين ضمن دولة واحدة ، إذ توجد هناك موازنة اتحادية وموازنة إقليم كردستان ، فيما لا توجد هناك موازنات لبقية مناطق العراق التي كانت مدمجة حاليا ضمن الموازنة الاتحادية في إدارة مالية واحدة ، ومن الأفضل إدراج بقية مناطق العراق كإقليم تستحدث له موازنة تسمى موازنة إقليم المركز فيما تحول حصة بقية مناطق العراق بعد استبعاد النفقات الاتحادية والحاكمة إلى هذه الموازنة التي تكون لها دورة محاسبية مستقلة عن الموازنة الاتحادية وإدارة خاصة على غرار كردستان.
موازنات على المستوى المحلي ..
وأوضح إبريهي أن هناك نوعاً آخر من الموازنات هي الموازنات على المستوى المحلي لأمانة بغداد والمحافظات والوحدات الإدارية الأدنى وبلديات المدن ، وهي تزداد أهميتها مع التوجه اللامركزي في السلطة لضرورة الكشف عن تلك الأنشطة المالية للسلطات المسؤولة والجهات الرقابية والخبراء الماليين بنحو أفضل ، كما من الضروري مناقشتها بتمعن عند إقرار الموازنة المالية الاتحادية.فيما تساءل الخبير الاقتصادي مناف الصائغ عن استخدام مصطلح ( الوفرة) في إستراتيجية الموازنة المالية لتغطية جزء من مفردات العجز فيها ، إذ لم تتضمن توضيحاً لهذا المصطلح المبهم في أدبياتها والمقصود به هو هل هو الفائض من السنوات المالية السابقة ، أم أن المقصود به وضع فكرة جديدة يراد الإشارة إليها بوضوح ضمن مفردات الموازنة المالية الاتحادية للبلاد.
وقال الصائغ إن المقصود بها إذا كان هو الفائض يثار تساؤل آخر حول المعيار الذي تم اختياره وفقاً لذلك وماهية الاتجاه المنشود ،ولماذا يتم ذكر مصطلح الوفرة من دون الفائض ومصدرها غير المعلوم، كما تم إدراج زيادة في ضريبة الموظفين ضمن الموازنة للسنوات 2012-2015 بنحو 6,216 مليار في سنة 2012 إلى 313 ملياراً في سنة 2013 ، ولم يتم وصف تلك الزيادات وأسبابها بنحو واضح والمقصود بها هل هي لزيادة أعداد الموظفين ؟
اقتصاديون : تحسين واقع العاصمة يستلزم موازنة خاصة ببغداد
نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 05:01 م