TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السوريون يواصلون الهجرة

السوريون يواصلون الهجرة

نشر في: 23 ديسمبر, 2014: 09:01 م

لم يعد غريباً أن يعلن أحدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استعداده لمساعدة السوريين حصراً على الهجرة إلى أي مكان في العالم، سواء كانت الهجرة شرعية أو غير ذلك، نهازو الفرص كثيرون، وهم غير معنيين بمصير المهاجرين الهاربين من جحيم الحرب وانعدام الأمان، إلى أمل مجهول بحياة أفضل، ومنهم شاب وحيد لأمه ترك البيت ووظيفة يتمناها كل سوري، وارتحل إلى جنوب السويد، أو شاب يترك أمه الأرملة وزوجته وطفلها في عهدة عائلته، أو يعيدها إلى بيت أبيها، رغم أنه تعذب طويلاً حتى ظفر بالزواج منها، لتبتلعه الغربة متنقلاً ما بين صربيا والنمسا، حتى يصل جنته الموعودة والمأمولة، وربما يكونا أنفقا كل ما ادخراه للوصول إلى غايتهم، أو يفكر مثقف كرّس الكثير من عمره للدفاع عن النظام بالهجرة إلى مسقط، أو يحمل كهل كل عائلته ليجتاز الحدود إلى خيمة بائسة، وعيش مرير في واحدة من دول الجوار.
يأخذ البعض على الشباب السوريين هجرتهم من وطنهم، وبدافع من شعور وطني، ينسى هؤلاء أن السوريين اعتادوا حتى في الظروف العادية الهجرة بحثاً عن حياة أفضل، يشهد بذلك عديدهم في دول أميركا اللاتينية والكثير من دول العالم، قبلهم هاجر العراقيون هرباً من بطش صدام وانتشروا في أربع أنحاء الأرض، بعضهم عاد عقب سقوط النظام، لينخرط في صفوف النظام الجديد، معتمداً على تاريخ "هجرته النضالية"، وليس على قدرته ومعارفه العلمية التي تؤهله للموقع الذي يشغله، وقبل هؤلاء تم تهجير الفلسطينيين من وطنهم، ليبنوا بالحلم فلسطين جديدة أينما حلوا، بانتظار العودة إلى الأصل، ومع هؤلاء هاجر الكثير من أبناء المغرب العربي إلى فرنسا باعتبارها عاصمتهم، وظلت عائلاتهم حتى اليوم تعيش هناك كفرنسيين، لهم كامل الحقوق وعليهم كافة الواجبات.
في لبنان اليوم ما يقرب من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، تعجز الحكومة حتى عن توفير مخيمات لإيوائهم، فيشتغلون بأكثر الأعمال قسوة وأقلها أجراً، وفي الأردن أكثر من مليون يضم العديد منهم مخيمات أقيمت على عجل في الصحراء، وفي تركيا ما يقرب من عدد اللاجئين في لبنان، وهذه الأعداد التي تشكل أكبر عملية لجوء في العالم الحديث،
تضغط على ظروف واقتصاد الدول المضيفة، وهي فقيرة أصلاً، والراهن أن عدداً من اللاجئين يفضل البقاء في بلد اللجوء، خصوصاً وهو يسمع عن ما يجري في وطنه من تدمير لا تبدو له نهاية، ولا يعرف أحد متى وكيف يعاد تعمير ما هدمته الحرب المجنونة، وإن كنا هنا نتحدث عن الجانب المادي من الخراب، فإن إصلاح ما أصاب روح الإنسان السوري، وما أفرزته سنوات القتال من انقسام بين مكونات هذا الشعب، يحتاج لمجلدات من إنتاج الباحثين المتخصصين.
مع دعوات أوروبية انطلقت بوقاحة من لايعرف الواقع، لتوطين المهاجرين السوريين الراغبين، في لبنان والأردن ما سيفضي إلى خلل في التوازن الديمغرافي في البلدين، وان كان تأثير ذلك أكبر في لبنان، مع الصراع المستتر بين السنة والشيعة، إضافة لوجود مئات آلاف الفلسطينيين، أما في الاردن فإن الضغط سيزداد على أنظمة الخدمات الضعيفة أصلاً، وسيكون لذلك تبعات على الاستقرار والأمن الذي يتغنى به الأردنيون كافة، وفي تركيا حيث التأثير السلبي على الصراع السنّي العلوي، والكردي التركي بينما يسعى أردوغان لتوطين اللاجئين في المنطقة الآمنة التي يدعو لها.
السؤال اليوم، هل يرجع السوريون المهاجرون، وإلى أي وطن يعودون ومتى، واذا كانت الأحداث تعلن أن الحرب ستطول، فإن الغربة ستطول والأرجح أنها ستكون نهائية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

القضاء يحسم 853 طعناً على نتائج الانتخابات

الداخلية: العراق بنى منظومة متطورة لمكافحة المخدرات

التخطيط تتجه لتوسيع الرقابة النوعية لتشمل الصادرات والواردات عالية المخاطر

قبول 1832 طالباً في المنح المجانية لكليات المجموعة الطبية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram