TOP

جريدة المدى > سينما > خفايا برامج المنوعات العربية.. "عرب آيدول" أنموذجا!

خفايا برامج المنوعات العربية.. "عرب آيدول" أنموذجا!

نشر في: 24 ديسمبر, 2014: 09:01 م

اختتمت مؤخرا الحلقات الثماني والعشرين من برنامج المنوعات الموسيقي"عرب آيدول" (Arab idol )، للموسم الثالث، الذي عرض عبر شاشة "mbc" و"مصرmbc"، وأعلنت النتائج، التي أثارت حولها الكثير من اللغط بين موافق ورافض. لكن  كل الأطراف كانوا متفقين على ان ال

اختتمت مؤخرا الحلقات الثماني والعشرين من برنامج المنوعات الموسيقي"عرب آيدول" (Arab idol )، للموسم الثالث، الذي عرض عبر شاشة "mbc" و"مصرmbc"، وأعلنت النتائج، التي أثارت حولها الكثير من اللغط بين موافق ورافض. لكن  كل الأطراف كانوا متفقين على ان البرنامج رافقته الكثير من العيوب التي تتطلب مراجعتها ومعالجتها. وبرنامج "عرب آيدول"، الذي لاقي  إقبالاً كبيراً ونسبة مشاهدة عالية، هو أساسا النسخة العربية من برنامج المسابقات الغنائي العالمي"Pop Idol"الذي أوجده الموسيقي ورجل الأعمال سيمون فيلر (هو غير المحكم سيمون كاويل) وطورته شركة فريمانتل البريطانية وقدم في اكثـر من مئة بلد في أنحاء العالم.

 
سبقه برنامج "سوبر ستار" الذي تم عرضه منذ عام 2003 وأنتجه وبثه تلفزيون المستقبل لخمسة مواسم، ولأسباب تتعلق بإمكانيات تمويل برنامج منوعات ضخم، أعربت مجموعة "mbc" عن رغبتها في إحياء البرنامج وامتلاك حقوق المسابقة، فغيرت اسم البرنامج الى "عرب آيدول"، وكان الموسم الأول من البرنامج انطلق في التاسع من ديسمبر/كانون أول 2011 ، عبر قناة "mbc". وأثار اسم البرنامج بعض اللغط بين القوى الدينية السلفية لاستخدام كلمة "آيدول" والتي احدى معانيها "المعبود" ، وقالوا ان المعبود هو الله وحده ، ما اضطر مجموعة "mbc" لإصدار بيان خاص أوضحت فيه أن اسم البرنامج معناه هنا "محبوب العرب" ولا يمت بأية صلة لأمور ومعتقدات دينية.
وضمن تفاصيل الواقع الثقافي المزري في الأقطار العربية، ونشاط الإسلام السياسي في مواجهة الحركات الليبرالية والمدنية التي تعاني انحسارا في نشاطها، وانتشار الفكر الظلامي والرجعي والمتطرف، وارتفاع نسبة الأمية، والانخفاض الكارثي لنسب القراءة، والدور المتعاظم لفضائيات النفط في نشر الثقافة السطحية، فإن برنامج منوعات موسيقي مثل "عرب آيدول"، يمكن القول عنه بأنه من افضل المتوفر من برامج المنوعات، رغم كل ما يحمله من ثغرات، وبعضها فضائحي. في اول ذلك يأتي حال لجنة التحكيم، والتي ضمت الفنانة الإماراتية أحلام والفنانة اللبنانية نانسي عجرم والموزع الموسيقي المصري حسن الشافعي، والفنان اللبناني وائل كفوري ،الذي شارك في الموسم الثالث، وللموسمين الماضيين سبقه الفنان اللبناني راغب علامة، والذي ترك البرنامج، وكما تردد كثيرا، أثر خلافاته مع الفنانة أحلام التي طالما كانت تعليقاتها الجارحة والفظة تثير الإشكاليات والجدل بين المتسابقين والمشاهدين. لجنة التحكيم يفترض ان يكون لها دور تربوي، بحكم وجودهم الاعتباري، الى جانب الدور الفني، لكننا نجدها ــ خاصة في الحلقات الأولى لاختيار المشتركين ــ تسخر وبشكل فج من الشباب وتواضع مواهبهم او تصرفاتهم وسلوكهم ، ووصف الموسيقار العراقي حميد البصري ذلك في تعليق على صفحته في فيس بوك بأنه " سلوك غير لائق". وايضا إلحاح بعض أعضاء لجنة التحكيم، على تسويق انفسهم، بشكل سافر، من خلال الحديث المستمر عن انفسهم ونشاطاتهم ونجوميتهم، واستعراض اكسسواراتهم وثيابهم، واستغلال منصة البرنامج لتكرار تقديم الدعايات لشركات الطيران والمشروبات، التي يبدو انها تدفع جيدا، ما أعطى البرنامج أهدافا اخرى بعيدة عن الفن ورسالته السامية، ولا ننسى ايضا التعامل الفوقي مع الصحافة، التي تتابع وقائع البرنامج، من قبل بعض أعضاء لجنة التحكيم. كل هذا يلقي بمسؤولية كبيرة أمام منتجي البرنامج، لاختيار فنانين يتميزون بحد ادنى من اللياقة والدبلوماسية في التعامل مع المشتركين والصحافة والظهورعلى الشاشة بشكل ينسجم وما يفترض ان يكون عليه الفنان كرسول للتعامل الحضاري. ويمكن التوقف عند ما تسرب من معلومات عن الضغوط التي تمارسها إدارة البرنامج، في تعاملها مع المشتركين سواء في اختيار الأغاني او حتى اختيار الملابس، والأهم من كل هذا هو عقود الاحتكار بشروط جزائية صعبة، لأجل احتكارهم لسنوات طويلة، ــ المشترك السعودي فارس المدني من الموسم الثاني في حديث تلفزيوني ــ ويكشف الطبيعة التجارية الربحية للبرنامج، ويوضح بأن المشتركين، وخصوصا الفائزين منهم، ما هم الا خيول سباق لجني الأرباح، من خلال الجولات الفنية والحفلات التي تنظم لهم من بعد انتهاء البرنامج والنسبة العالية من الأرباح (60% وفقا لتصريحات فارس المدني ) من أية حفلة أو نشاط . اما اختيار الفائزين ـ مربط الفرس ـ الذي يتم باجراءات خفية لا يعلم بها إلا المطلعون على الغيب، فآليتها تخضع لأغراض أصحاب البرنامج، فالممول هنا كما يبدو هو من يقرر وليس ما يقال انه تصويت المشاهدين!
في الموسم الأول تم اختيار المشتركة المصرية كارمن سليمان لتفوز باللقب، وفي الموسم الثاني المشترك الفلسطيني محمد عساف، والموسم الثالث المشترك السوري حازم شريف. فكيف تم ذلك؟ عن أسلوب اختيار الفائزين، ووصول احد المشتركين الى المركز الاول، قيل الكثير الذي يشكك بآلية الاختيار ونزاهتها، وجرت أحاديث وانطلقت أقاويل عن ما يجري في الكواليس للدوافع الحقيقية لاختيار الفائزين. في الموسم الثالث اشتعلت التعليقات مع إقصاء المشترك عمار الكوفي من كردستان العراق، والمصري محمد رشاد ، حيث أثار خروجهما موجة من ردود فعل غاضبة، ورافضة حتى داخل البرنامج، اذ امتنعت هيئة التحكيم، التي هي جزء أساس من قوام البرنامج،عن التعليق بأية كلمة تعبيرا عن الصدمة التي شكلها إبعاد عمار الكوفي ومحمد رشاد . فهناك من اعتبر سبب خروج عمار الكوفي لكونه من القومية الكردية والبرنامج طبيعته عروبية، وان وجود مشتركين أكراد ما هو الى جزء شكلي وديكور لأغراض تجارية ولأجل رواج البرنامج وإيجاد مساحة مشاهدة اكبر، وان هناك تلاعبا في نتائج البرنامج، وهناك من ذكر أسبابا اخرى.
ورغم كوني لست متخصصا بالموسيقى والغناء، ولكن كمستمع ومتابع، وجدتني، وحسب الوقائع، اتفق مع الملاحظات التي أشارت الى ان هناك تلاعبا ملحوظا في نتائج البرنامج بشكل يخدم أغراض ممولي البرنامج . في الموسم الاول، رغم ان الكثير من التوقعات، كانت تشير الى إمكانية فوز المتسابقة المغربية فاطمة بطمة بالمركز الأول، منح اللقب للمصرية كارمن سليمان، وفي الموسم الثاني، وفي المراحل قبل الأخيرة تم وبشكل مفاجئ إقصاء صوت متميز لمشترك سوري هو عبد الكريم حمدان، لينفتح الطريق سهلا أمام الفائز الفلسطيني محمد عساف، حيث وقفت الى جانبه في الحلقة الأخيرة مواهب يفوقها كثيرا بقدراته. وتكرر ذات السيناريو في الموسم الثالث مع إقصاء العراقي الكردستاني عمار الكوفي والمصري محمد رشاد لينفتح الطريق بسهولة أمام المشترك السوري حازم شريف. يكاد لا يختلف المختصون بالشأن الموسيقي، على موهبة وقدرات المشاركين في المراحل الأخيرة، فكل الفائزين بالمراكز الاولى هم بكل الأحوال موهوبون فنيا ولديهم قدرات جيدة ، وهذا الذي تحتمي به ادارة البرنامج كدرع لتنفيذ ألعابها التي كثر اللغط حولها. كان المطلوب فوز محمد عساف لدغدغة الشارع الفلسلطيني، ما تطلب إقصاء المشترك السوري، لأنه يشكل تهديدا فنيا واضحا له، وبخروجه، لا يمكن الاعتراض على افضليه محمد عساف على الأصوات التي وصلت معه للمرحلة النهائية، وكذا الأمر تكرر مع حازم شريف، اذ تم إقصاء عمار الكوفي ومحمد رشاد المنافسين القويين، ليكون حازم شريف الأفضل بين الأصوات المتبقية. والى جانب الأجندة الخاصة بالقناة المنتجة للبرنامج ، لا يمكن إقصاء الجانب السياسي الذي يلقي بظلاله على احتساب النتائج، فلا توجد أية شفافية لاحتساب الأصوات لتتوفر الثقة بالنتائج المعلنة. في العديد من برامج اليانصيب التلفزيونية يرى المشاهد عادة السلة التي تحوي كرات الأرقام، لاختيار الأرقام الفائزة، والعملية تجري مباشرة أمام الكاميرات وبحضور مراقبين قانونيين، فيمنح ذلك الثقة بالبرنامج وبعملية اختيار الفائز، فما هي معلومات المشاهد عن استلام الاتصالات واحتسابها في برنامج "عرب آيدول"؟
أن فوز السوري حازم شريف، وهو صوت متميز ومذهل، يأتي هنا برأينا، وفي جانب منه محاكاة ساخرة لدبلوماسية هنري كيسنجر في التقرب الى الصين الشعبية في اتباع (سياسة البينغ بونغ)، التي فتحت الأبواب مشرعة في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين الشيوعية في عام 1972. ان الأوضاع السياسية التي بثت فيها حلقات الموسم الثاني من البرنامج جرت في أجواء كان الجميع ينادي بسقوط النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، فجاء حرمان المتسابق السوري عبد الكريم من وصوله للمراكز الثلاثة الاخيرة، انعكاسا لما يجري على الشارع السياسي. الآن وأمام المتغيرات الحاصلة، في ذات المشهد، والإشارات عن إمكانيات العودة للتفاهم والتعايش مع النظام السوري ورئيسه الأسد، من قبل الدول الداعمة لقوى المعارضة السورية، بشكل يخدم سياسة التصدي للمجاميع الإرهابية العاملة تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق وسوريا"، التي صارت وبالا يهدد الدول الغربية وحلفاءها من دول الخليج وفي عقر دارها، وفق معادلة انقلاب السحر على الساحر، فان ذلك كما يبدو دفع المشرفين على برنامج "عرب آيدول"، لتعويض ما سبق وحدث في الموسم الثاني، ولربما لاتباع سياسة (دبلوماسية "عرب آيدول")، واختيار المتسابق السوري حازم شريف ، الذي قتل والده خلال الأحداث برصاصة قناص، فهاجرت عائلته الى لبنان ، ولكن النظام السوري دفع بوسائل إعلامه وشجع فنانيه لدعمه ليبدو وكأنه مرشح النظام ، رغم امتناع حازم شريف عند إعلان فوزه من رفع أي من الأعلام السورية، سواء علم النظام او المعارضة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

فيلم (الوحشي) للمخرج برادي كوربيت والبحث عن الحلم الأمريكي

"اللودج" يختارمشاريع ضمن النُسخة السادسة من برنامجه

مقالات ذات صلة

لـ
سينما

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

متابعة المدى عاش طاقم فيلم "Anora" ليلة لا تنسى، في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 97، الأحد، حيث فاز الفيلم بـ 5 جوائز، بما في ذلك أفضل فيلم، وأفضل ممثلة للنجمة مايكي ماديسون. وحصد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram