من خيم اعتصام أهالي الأنبار ، انطلق الصوت المطالب بإطلاق سراح المعتقلات ، وإقرار قانون العفو العام ، وإلغاء التهميش والإقصاء بحق السنة ،وإعادة النظر بقانون المساءلة والعدالة ، ووقتذاك شكلت الحكومة السابقة لجنة سباعية وأخرى خماسية لتنفيذ مطالب المحتجين ، وظلت المعالجة الرسمية تدور في إطار ضيق ، وبمرور الأيام ولغياب التعاطي الإيجابي الرسمي في التعامل مع المتظاهرين ، صادرت خيم المعتصمين جماعات مسلحة ، حولت منصات المعتصمين إلى منابر لترسيخ الانقسام الطائفي ، واطلقت شعارات استفزازية دفعت صاحب القرار إلى ارتكاب حماقات مهدت لحضور تنظيم داعش في مدن العراق الغربية .
في أول أيام اعتصامات أبناء الأنبار هناك من تحدث عن تحديد موعد لعرس المحافظة ، بتشكيل إقليمها الخاص ، والتخلص من قبضة الحكومة المركزية ، وعلى الرغم من اعتماد أصحاب هذا الموقف على الدستور لتشكيل إقليمهم الخاص ، إلا ان الاتهامات ظلت تلاحقهم بوصفهم دعاة تقسيم العراق ، فتأجل عرس الأنبار حتى إشعار آخر ، نظرا لبروز انقسامات بين القوى السياسية في المحافظة وحتى داخل العشيرة الواحدة ، وحتى الصحوات لم تسلم من التشرذم والانشقاقات، واختلف زعماؤها بين مؤيد وداعم للحكومة ،وآخر اعتلى المنصة وحمل المسؤولين في بغداد مسؤولية إجهاض عرس الأنبار.
لطالما اعلن سياسيو الأنبار بان محافظتهم أول من رفعت السلاح وقاومت الاحتلال الأميركي ، وفيها شكلت عشرات الجماعات المسلحة ، وعملت ضمن ما يعرف بفصائل المقاومة ، بعضها تحول تحت إشراف وترتيب أميركي إلى صحوات لملاحقة تنظيم القاعدة ، ثم اعلن المشاركة في العملية السياسية وخاض الانتخابات التشريعية والمحلية ، فحصلت الأنبار مقارنة بمحافظات سنية اخرى على تمثيل واسع في الحكومة والبرلمان ، لكن الحضور الانباري الواسع في الدولة لم يسهم في تشجيع سياسيين وشخصيات عشائرية ودينية على بلورة اتفاق موحد يخدم مصالح أبناء الأنبار، بتوفير فرص العمل وتحقيق التنمية ويحصنهم من الانضمام لجماعات مسلحة.
ممارسات الحكومة السابقة تعد واحداً من أسباب اتساع الخلاف بين الأنباريين ،فاصبح الانقسام علامة المحافظة الفارقة ، الحكومة المحلية منقسمة ، والعشائر بعضها يقاتل داعش وآخر يحتضن عناصر التنظيم ، شخصيات عشائرية في عمان ، وأخرى في أربيل ، وماكان يعرف بمجالس الثوار، اقتصر نشاطها على إصدار بيانات الاستنكار والتنديد بالتدخل الصفوي بالشأن العراقي ، حميد الهايس يعلن ان جرذان داعش هربوا إلى سوريا ، ووسام الحردان تفرغ لتأليف كتب عن تجربته في تشكيل الصحوة ، وعلي حاتم سليمان ، تخلى عن الظهور بوصفه بطل الشاشة ، وفضل الصمت ، واحمد أبو ريشة توارى عن الأنظار، وما عاد احد يتكلم عن عرس الأنبار .
في غضون الأيام القليلة المقبلة سيتوجه وفد من محافظة الأنبار إلى واشنطن بحسب عضو مجلس المحافظة يحيى المحمدي وسيضم شخصيات سياسية ،منها رئيس المالية السابق رافع العيساوي ، ومسؤولين محليين ، وسيبحث الوفد مع الجانب الأميركي تسليح العشائر ، وتشكيل الحرس الوطني ، وربما يعود الوفد بموعد جديد لتحديد عرس الأنبار بعد القضاء على داعش، وهلا برجال الجوبي .
عرس الأنبار
[post-views]
نشر في: 24 ديسمبر, 2014: 09:01 م