أرجأت الكتابة عن يوبيلية جان فيليب رامو 1683 – 1764 الخمسين بعد المئتين حتى اليوم. ولعل هذا أفضل ختام للعام 2014 ولسنة رامو اليوبيلية. كتبت عنه وعن أعماله مراراً، وسأكتب مستقبلاً لأهمية هذا العملاق الذي أهمل دون سبب. فهو في تقديري أهم مؤلف فرنس
أرجأت الكتابة عن يوبيلية جان فيليب رامو 1683 – 1764 الخمسين بعد المئتين حتى اليوم. ولعل هذا أفضل ختام للعام 2014 ولسنة رامو اليوبيلية. كتبت عنه وعن أعماله مراراً، وسأكتب مستقبلاً لأهمية هذا العملاق الذي أهمل دون سبب. فهو في تقديري أهم مؤلف فرنسي على الإطلاق، مؤلف مجدد وعالم موسيقي أغنى نظرية الموسيقى بأبحاثه القيمة التي لخصها في "رسالة في الهارموني" (1722). كتب في كل الأشكال الموسيقية، الصرفة والغنائية، الدينية والدنيوية، للأدوات المنفردة وموسيقى الحجرة والاوركسترا. نسيت أعماله بعد الثورة الفرنسية، ومر القرن التاسع عشر دون اهتمام به، إلا من قبل بعض الموسيقيين الذين انتبهوا إلى عبقريته، ومنهم كلود ديبوسي الذي عده أهم مؤلف موسيقي فرنسي. إذ لم تبدأ عملية إعادة اكتشاف رامو إلا بعد الهزيمة الشنيعة التي عانتها فرنسا على يد ألمانيا في حرب 1871 والتوجه للبحث عن الهوية القومية الفرنسية، عندما بدأ الاهتمام يبرز بمجموعتيه الرائعتين المسميتين "قطع للكلافسان"، وهي سوناتات لأداة المفاتيح التي سبقت البيانو (وتسمى كلافسان بالفرنسية وتشمبالو بالايطالية وهاربسيكورد بالانكليزية)، وبأعماله الأوبرالية الجادة والكوميدية. ثم صعد نجمه في العقود الأخيرة مع انتشار الفرق التي تؤدي موسيقى الباروك على الطراز القديم وبالأدوات القديمة، على يد ويليام كريستي وجون أليوت غاردنر ومارك منكوفسكي وآخرين.
بدأ رامو حياته العملية بعد دراسته فنون الموسيقى عازفاً للاورغن في مدن فرنسية صغيرة، آخرها في كاتدرائية كليرمون، لكنه كان دوماً يطمح الانتقال إلى باريس عاصمة الفنون والثقافة. وعندما سنحت له الفرصة لذلك رفض مرؤوسوه طلبه بفسخ عقده، فجلس يومها إلى الاورغن في الكاتدرائية، وبدأ يعزف بأشد النغمات تنافراً فاضطر مرؤوسوه الموافقة على طلبه على عجل، وكان وقتها في الأربعين من عمره.
أصبح رامو جزءاً أساسياً من الحياة الموسيقية الفرنسية وطرفاً في الخصومات الشديدة التي ميزت منتصف القرن الثامن عشر وقامت بين أنصار الأوبرا الايطالية وأنصار الأوبرا الفرنسية، وكذلك بسبب تجديده للأوبرا الفرنسية انقسم الناس إلى مؤيدي اوبرات رامو في مقابل مؤيدي الأوبرات المكتوبة على النمط الذي بدأه جان باتسيت لولي (1632 – 1687) موسيقار الملك لويس الرابع عشر.
توفي رامو في 12 أيلول 1764، ويقال أن كاهناً استدعي ليرتل الصلوات بعدما دخل رامو في غيبوبة، لكن الأصوات الناشزة التي غناها القس جعلته يفيق فور سماعها، ليطلب منه الغناء الصحيح، بعدها أسلم الروح.