عندما دخلت داعش الى الموصل وتكريت خرج السيد اوباما على العالم بالبث المباشر ليعلن "ان المفاجأة فيما جرى لم تكن في تقدم هذه الزمر بل في اندحار الجيش النظامي".. في ذلك الحين خرج علينا الفريق مهدي الغراوي ايضا ومن خلال البث المباشر ليرد على المستر اوباما متهما إياه بانه يجهل طبيعة المعركة، مؤكدا ان النصر على داعش اقرب الينا من حبل الوريد.. وبما أننا نعيش عصر البث المباشر فها هو الغراوي وبعد غيبة طالت يخرج علينا بطبعة جديدة ليروي حكاية جديدة من"حكايات المعركة". عفوا، أقصد من فصلا من القول المأثور"ان لم تستح فأفعل ما تشاء."
آسف، تذكّرت، لا يزال هناك حديث طويل آخر سيرويه الغراوي قريبا بكامل قيافته المدنية ، صورة لرجل ملتحٍ وأحلام بالبراءة وأسلوب اقرب لأصحاب المقاهي – مع الاعتذار الشديد لهم - ، ولكن بعد نهاية الحديث لا احد سيسال ماذا جرى ولماذا؟.
بالأمس وانا أشاهد الغراوي كنت قد انتهيت من قراءة كتاب جديد للفرنسي البارع"جاك اتالي"، يروي فيه حكايات السنين المقبلة، والمستقبل الذي ينتظر بلدانا مثل الصين والهند والبرازيل والمانيا واليابان وكوريا الجنوبية ، ولم ينس ان يضع معها سنغافورة واندونيسيا وفيتنام . يقول اتالي: هناك دول اختارت ان تحجز لها مكانا في الصفوف الاولى من عربة المستقبل ، فيتنام التي خاضت ابشع الحروب هي نفسها التي تخطط الان لتنضم الى عالم خال من العوز، يستمتع كل أفراده بخيرات التطور.
وانا اقرأ كتاب جاك اتالي تذكرت الجنرال الفيتنامي "جياب"صاحب النجمات الأربع – لاغير – لم يصبح فريق ركن مثل الغراوي.
يقول جياب في سيرته التي ترجم مقتطفات منها للعربية الراحل كامل الزهيري:"من يريد أن ينتصر في معركة الحياة عليه أن يدرس تاريخ وطنه جيدا.. أن يعرف كل شيء عنه، أن يحفظ آدابه وحكمه.، هذا عن الماضي. اما المستقبل فشيء آخر تماما. إنه سباق وبقاء، مع الناجحين لا مع المخادعين.."
في عام 1995، حدث لقاء فريد في هانوي، بين روبرت مكنمارا وزير الدفاع الأميركي أثناء الحرب الفيتنامية و خصمه العنيد جياب. لقاء وصفته الواشنطن بوست بأنه حوار القرن بين قائد مهزوم وقائد منتصر.. وصل جياب بهيئته النحيلة وابتسامته التي لا تفارقه ليتذكر مع عدوه السابق كيف استطاع هذا البلد الصغير - فيتنام - أن يقف في وجه الهيمنة الأميركية.. فيما خصمه القديم ينظر إليه ويسأل نفسه. لماذا أحب الناس، في العالم، الرجل النحيل صاحب النجمات الأربع.. ظل الفيتنامي ثابتا في مواقفه، متواضعا وغير متعجرف. لم ينس حكمة معلمه الصيني شوان لاي عندما قال يوما لنكسون"نحن دولة حديثة التكوين"فاعترض الأخير قائلا"لكنكم حضارة عمرها آلاف السنين"رد معلم جياب:"صحيح. لكن هذا يفيد في شحن همم الناس في الداخل، لكن لا معنى له في عندما يكون الحديث عن مستقبل البلاد ."
لا أريد أن اصدع رأس الفريق الركن الغراوي بحكايات المرحوم جياب لكن فقط اريد ان انشط ذاكرته وأعيد على مسامعه البيان الذي صدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة بعد ثلاثة أيام من سقوط الموصل والذي ردت فيه على وسائل الإعلام"المغرضة"التي تتحدث عن الانسحاب، في ذلك الوقت خرج علينا السيد مهدي الغراوي نفسه وبتصريح ناري يؤكد أن الأنباء التي أوردتها وسائل الإعلام عارية عن الصحة، وأن الجيش لم ينسحب من الموصل والامر مجرد تكتيك عسكري، اما الصور عن دخول داعش فهذه فبركة غربية، أتمنى لذاكرة الغراوي العافية، ليتذكر معنا التصريحات النارية التي اطلقها في تلك الايام الغابرة.
ظل جياب يعلق في غرفة القيادة عبارة مقتبسة عن كونفوشيوس"هذا الذي يتكلم ولكنه لا يفكر شخص ضائع."
الغراوي في طبعة جديدة
[post-views]
نشر في: 26 ديسمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ام رشا
الأستاذ الفاضل عندما ارى الكل يتحدث عن حضارة آلاف السنين اكره هذه الحضارة التي لاتمت باي صله لما نحن فيه فتجد احدهم يقول اننا شعب عمر حضارتنا أربعة الاف سنة والآخر يقول عمر حضارتنا خمسة الاف سنة واخر سبعة الاف سنة وأخيرا هناك من يقول ان حضارتنا عمرها ثمان