اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خلاصات ٢٠١٤ وديون بلا نهاية

خلاصات ٢٠١٤ وديون بلا نهاية

نشر في: 27 ديسمبر, 2014: 09:01 م

ان فهم ما حصل في السنة التي توشك على الانتهاء سيحدد ما اذا كنا سنتقدم في العام الجديد. واذا كان كل تاجر ينشغل هذه الايام بتصفية حسابات سنته المالية، فاننا مطالبون بوضع خلاصات عن السنة السياسية المنصرمة كي نفهم ماذا نريد بالضبط ولا نبقى مجرد "نخوة شعبية" في زقاق يحترق.
وحين مراجعة اوراقنا كمعلقين سياسيين طوال ٢٠١٤ يمكننا تقسيم هذا العام الى ثلاث مراحل. في الشهور الاولى كان العقلاء يطلقون التحذير تلو التحذير من ان حماقة الحكومة ستقدم هدايا رهيبة للمسلحين، وان اغلاق باب الحوار الموصد منذ ٢٠١١ سيفتح باب الجحيم بموازاة الحرائق السورية. وبينما كانت التحذيرات تتصاعد كان رأس السلطة يسخر ويتهم المعتدلين بالجبن ويطالبهم بالتصفيق لخيارات الحرب وتأجيل السياسة.
اما في المرحلة الثانية فقد شهدنا كيف انهدم المعبد فوق رؤوسنا. ان طعم الصيف بالنسبة لي ولكثير من العراقيين كان ليلاً مبللاً بدموع الحسرة. اذ عجزنا عن طرد السائق المجنون الذي تهور في القيادة وجلسنا ذاهلين نتأمل مشهد الخراب والسقوط المؤلم.
اما المرحلة الثالثة فكانت خطة تصحيح عاجلة طردت السائق، السكران بخمر السلطة وزهوها المزيف، وعجزت بالطبع عن القيام باصلاح سريع للخراب الكبير. ومن الجيد اننا ونحن ننزف بين انقاض المعبد المهدوم امتلكنا جرأة اعتراف جزئي بالخطايا، وراح حزب الدعوة نفسه ينخرط في مراجعة علنية للمسارات المسدودة، حتى انني حاولت ان اتجرأ خلال الاسابيع الماضية واتشبث بتفاؤل اولي لاقوم بالتبشير مثل كثيرين سواي، بولادة نظام سياسي وقواعد لعب جديد، عقب نظام نقص الحكمة الذي سقط يومي ٩و١٠ حزيران الماضي.
وخلال المراحل الاولى والثانية كان العالم متفرجا علينا يحاول قياس درجة البلاهة، ولكن حين بدأت مراجعة عراقية صريحة لتنتهي بالاطاحة بسلطان التهور، لاحظنا كيف اقبلت الدنيا كلها للتعاون وتشجيع العراقيين على تدشين موسم اصلاح اداري وسياسي سيخفف الاحتقان ويسحب البساط من تحت ارجل الارهاب وداعش، بحيث يقول شركاؤنا الدوليون بصراحة ان ترتيب الوضع الامني ومسار الحرب قد يستغرق ثلاثة اعوام، ذلك ان واشنطن والعقلاء في العراق ايضا، يعلمون انهم لايديرون مجرد معارك، بل تحولا سياسيا يتضمن اجراءات عسكرية، اي ان القضاء على داعش لا يحتاج صواريخ ودبابات وحسب، بل معالجات سياسية لانقسام دموي يجب ان نعترف به.
ولاتريد هذه السنة ان تنتهي بلا اخبار ساخنة، لتستكمل المرحلة الثالثة الخاصة بمراجعة الحقبة الماضية، فخلال حديث الزميل وائل نعمة من قسم الشؤون السياسية في المدى، مع النواب حول اثار فرض الضرائب الجديدة، اكتشفنا لا عن قصد، ان اللجنة المالية في البرلمان تناقش بصوت خافت ازمة كبيرة مع عمالقة النفط. فنحن منذ سنوات ندفع للشركات النفطية التي تطور حقولنا، نحو ١٧ مليار دولار سنويا، كحصتها من كل برميل اضافي، وكثمن للمنشآت التي تبنيها والمعدات التي تشتريها، لانها ستبقى مملوكة لنا، الا ان اللجنة المالية تقول للتو بان الحكومة السابقة لم تدفع هذه المستحقات فتراكم مبلغ كبير قد يصل الى ٣٠ تريليون دينار (٢٥ مليار دولار).
وباختصار، سيعني هذا ان اخر سنة رفاهية مع اسعار نفط عالية، تبددت اموالها دون ان ندفع موازنة كردستان لعشر شهور (بحدود ١٥ مليار دولار). ولا بترودولار البصرة وباقي المحافظات المنتجة (بحدود ٦ مليار دولار). ولا ٢٥ مليارا من اموال عمالقة النفط! فضلا عن موازنات الانبار ونينوى وصلاح الدين التي لم تتسلم شيئا من موازناتها.
ان هذا يكشف لنا اهمية حاسمة للاجهزة الرقابية التي تتولى التحذير من الوقوع في فخ مالي كهذا، وقد كانت كل ادوات الرقابة بيد المالكي وبقينا نحن عميانا في احلك الساعات، اي داخل ظلام مضاعف!
هذه المستويات هي التي ستحدد لنا خلاصات ٢٠١٥ بشكل مبكر، كي لا ندخل سنتنا الجديدة ونحن مترددون او عميان بداء التعصب والجدل غير العارف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. آريين آمد

    كلما تقدمت حكومة المالكي الى الامام اكتشفنا خرابا اكبر للحكومة السابقة... فاخبار الفشل المتراكم لا تريد ان تنتهي.... واخبار الافلاس العلني تحبطنا اكثر من داعش واكثر من الفساد والخطف والقتل المجاني في شوارع العاصمة....اعتقد باننا اقتربنا من الفصل الاخير لم

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram