الحكام العرب في أيام الأزمات والتهديد الخارجي ، لمعاقبتهم على "مكسراتهم " وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى ، يفضلون الظهور بمشاهد مصورة يبثها التلفزيون الرسمي تكشف عن التفاف القيادة والحكومة حول الرئيس فبدت على الوجوه الابتسامات، وسرعان ما تتحول الى ضحكات وقهقهات متناغمة مع حركة الكروش ، ومثل هذه المشاهد كثيرة ، وللعراقيين ذكريات مريرة معها ، الغرض من عرض المشاهد لرفع الروح المعنوية لدى أبناء الشعب ، وتحمل الكوارث المتوقعة عن طيب خاطر ، والمشهد في حقيقته نوع من الخديعة الرسمية اعتادت الأنظمة العربية على تسويقه ، على الرغم من إدراكها بان الرسالة لم تحقق اهدافها ، فالطرف الاخر اي الشعب ، يعرف كيف تفكر السلطة ، لكنه يعجز عن مواجهتها ، فيظل منتظرا رحمة الله لتحقيق الفرج .
الزعيم العربي عرف عنه بأنه ذو وجه متجهم ، وملامح صارمة ، لا يعرف الابتسامة الا في المناسبات الوطنية والقومية ، او عند استقبال ضيوفه ، وبعد تفتيش حرس الشرف، يجلس مع الضيف في صالة المطار ، وأمام المصورين يرسم على وجهه ابتسامة كاذبة أمام الكاميرا.
يقال ان "أريحية" المسؤول او السياسي تعد احد ابرز أسباب نجاحه في تحقيق قاعدة شعبية ورسم ابتسامة عريضة على الوجه والمشاركة في فعاليات شعبية ، وحضور نشاطات ثقافية ، ومباريات كرة القدم ، عوامل مهمة تجعله قريبا من الجماهير، الا ان هذا التوجه يجهله المسؤولون والساسة العراقيون، ومعظمهم حين يظهر عبر شاشة التلفاز يضع قناع الجينكو على وجهه، وكانه خرج قبل دقائق من معركة فاشلة او من إخفاق تحقيق صفقة مشروع تجاري.
الأوضاع السياسية في العراق وفي ظل التحرك الجديد لتجاوز أخطاء السنوات السابقة وتطبيق وثيقة الإصلاح السياسي تتطلب تلطيف الأجواء، وعزل أصحاب "وجوه الجينكو" لان هؤلاء تخصصوا بالضحكة الصفراء وهم سبب البلاء ، ووجودهم في المشهد السياسي والحكومي سيجعل الملفات معقدة ، وخاصة المتعلقة باحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة وتعديل الدستور واحترام حق المحافظات في تشكيل الأقاليم .
على مدى السنوات الماضية وبغياب اريحية السياسيين والمسؤولين تفاقمت الأزمات وارتدى الوطن هو الاخر قناع الجينكو ، ولتجاوز هذه الازمة باتت الحاجة ملحة لوجود مسؤولين وسياسيين يمتلكون أريحية ويسمعون الموسيقى والأغاني ، يتخلون عن ارتداء أقنعة الوجوه المتجهمة ، تمهيدا لإثبات الجدية في تحقيق الإصلاح ، ثم التوجه لخدمة مصالح شعبهم انطلاقا من إيمانهم بمبادئ أحزابهم ومعظمها دينية تعرف الحلال والحرام، وتسعى لتحقيق العدالة والمساواة " والك وحشة يابو ضحكة الحلوة" ياطويل العمر.
وجوه الجينكو
[post-views]
نشر في: 28 ديسمبر, 2014: 09:01 م