اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عام اللامركزية واختبار الاصلاحات

عام اللامركزية واختبار الاصلاحات

نشر في: 29 ديسمبر, 2014: 09:01 م

اذا كانت سنة ٢٠١٤ قد خصصت لداعش وتبعاتها، فان ٢٠١٥ ستكون سنة اللامركزية بامتياز. واذا كان البعض يعتقد ان الوضع العسكري سيؤجل نقاشا سياسيا كهذا، فان عليه ان يعيد النظر في تصوره لمجمل النقاشات الجادة، في مكاتب الساسة من نينوى الى البصرة، ومن طهران حتى واشنطن.
عروة بن الورد وهو اسم مستعار لناشط ذكي في السوشيال ميديا، مؤيد بحماس لفكرة اقليم البصرة، كتب ملاحظات مفيدة على خطاب حيدر العبادي الذي ترأس اجتماعا لبحث تطبيق اللامركزية، حضرته نحو ١٤ محافظة وعقد على ضفاف شط العرب. ابن الورد لم يكن راضيا كل الرضا عن موقف العبادي، لكنه ابدى فرحه لان الرجل لم يصف المطالب والاحتجاجات بانها "فقاعات"، كما انه رئيس وزراء اعلن استعداد حكومته للحوار مع ناشطين بصريين شباب مطالبين بتطبيق الفدرالية في محافظتهم.
وبالطبع فان ذوي الرأي في البصرة وكردستان وباقي الاطراف المؤيدة للامركزية، يقولون ان المسألة تتعدى الاستئثار المالي والنفطي، فاللامركزية لا تهدف لمجرد تخصيص مبلغ مالي اكبر، بل تعني امتلاك الصلاحيات، والمشاركة في صنع السياسات. ولذلك استغنى الاكراد عن اموال حكومة المركز عاما كاملا، وتمسكوا بصلاحيتهم، فما فائدة ان تعطي البصرة عشر مليارات دولار بصلاحيات مقيدة، بينما لو امتلكت البصرة صلاحيات كبيرة فانها يمكن ان تصنع سياسات تنتج الثروة والموارد.
وهكذا فان انصار الاقليم في البصرة لا يركزون على حجم حصتهم من الثروة، بل يريدون صلاحيات كافية، كتلك المتاحة للاقاليم في الهند وكندا وحتى الارجنتين. فلا معنى ان احتاج رخصة من بغداد لتعبيد شارع الميناء، او انشاء مدرسة اضافية، وما شأن بغداد بهذا، وهي غارقة في اذنيها بهموم السياسة الخارجية وشراء الاسلحة؟
وبالطبع يعتقد ساسة مهمون في العراق ان الوقت ليس مناسبا لمناقشة الفدرالية ولا تطبيق اللامركزية، ووجهة نظرهم محترمة، غير ان الطرف الاخر يعتقد ان محنة داعش هي الوقت المثالي لطرح السؤال التالي: لماذا وقعنا على دستور لامركزي قبل ١٠ سنوات، وبقينا مرتهنين بنظام مركزي، اضيف اليه فشل اداري رهيب وفساد مهول ادى بشكل مباشر الى انتاج داعش؟
ولهذا السبب فان النقاش حول الخلاص من التطرف المسلح اليوم، يضع على اجندته السؤال التالي: كيف ستكون صيغة علاقة بغداد مع نينوى وصلاح الدين والانبار بعد طرد داعش؟ ولذلك فان المجتمع الدولي يناقش فكرة ان تكون هناك قوات مرتبطة بكل محافظة، ولديها نوع استقلال عن بغداد، تتولى اقرار الامن، والهدف تبديد اسباب الاحتقان الطائفي الذي كان مناخا استغلته داعش في كسب المؤيدين.
وامام هذا النوع من النقاش في نينوى، وذلك النقاش في البصرة، فان بغداد التي ظلت مركزا للحكم، مطالبة الان بالقبول باصلاحات ادارية وسياسية عميقة، ولن يكون هناك معنى لاي اصلاح، قبل ان نبدي استعدادنا اخيرا لتطبيق الروح اللامركزية الواردة في الدستور، والتي يتزايد انصارها يوما بعد اخر.
وهنا سنكون بحاجة الى نقطتين مهمتين، الاولى ان تطبيق اللامركزية سيعني منح الاطراف الثقة اللازمة، وتشجيعها على ان تمضي في تنمية سياسية واقتصادية جادة. وهنا سيعاد الاعتبار للعراق الموحد المتضامن، بينما القمع والتهميش سيجعلان حتى اهل البصرة يفكرون باستقلال حقيقي، كما فعلوا عام ١٩٢٠. اما النقطة الثانية فهي ان تعديلات قانون ٢١ الخاص بصلاحيات المحافظات تحدثت عن تدرج هادئ في نقل الصلاحيات، وهذا يعني ان البصرة ونينوى وسواهما لن تصبحا اقليما برمشة عين، بل لابد من تنسيق هادئ ومدروس لا يحدث هزة في المركز ولا الاقليم. وعلينا ان نتذكر ان قبول خيار الانتقال الى الديمقراطية كان اخطر من متطلبات التحول الى الفدرلة، وقد قبلناه متحمسين.
ان استعداد حكومة العبادي لخوض هذا المضمار الحساس، سيكون محور اختبار القدرة على الاصلاح. وستتجه كل القضايا الاخرى نحو هذا المحور، وستكون اللامركزية حاضرة على كل طاولة تبحث التسوية. وستكسب الشرعة الفدرالية المزيد من الانصار خلال ٢٠١٥. وكل عام والتحديث السياسي بخير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram