مفردة "المنفيست" بالاستخدام العراقي بعد العام 2003 خرجت عن معناها التجاري المعروف والمتداول في الأسواق العالمية ، واعتمدت محليا مصطلحا للإشارة الى ظواهر ومظاهر جديدة طرأت على الحياة العراقية ، فالضباط السابقون بعد تعرضهم لأضرار ، نتيجة القرار الثوري لمستر بريمر القاضي بحل الجيش ، اضطر الكثير منهم لرفض الانضمام الى الجيش الجديد ، لأسباب شخصية واخرى سياسية ، على خوض ماراثون إجراء معاملة الحصول على الراتب التقاعدي وهو لا يكفي لسد نفقاتهم المعيشية ، مقارنة بامتيازات وارتفاع رواتب أقرانهم ، فأطلقوا على الضباط الجدد مفردة المنفيست في اشارة الى ان بعضهم اي الجدد انضموا الى القوات المسلحة بقرار دمج عناصر الميليشيات الى الجيش والشرطة الاتحادية ، وتولوا مناصب قيادية وكان لهم الدور الكبير خلال السنوات الماضية في ادارة الملف الامني .
ضباط الجيش السابقون هم الأكثر استخداما لمصطلح المنفيست وعنهم انتقل الى اوساط اخرى سياسية وثقافية ، ومهنية ، فصاحب المهنة الأصلي حين يبدي اعتراضه على الدخلاء والطارئين على مهنته يصفهم بانهم من فئة " المنفيست" ، ويتحدث الوسط الصحفي عن وجود آلاف الطارئين على المهنة ، فجعلوها بلا طعم ولون ورائحة ، سخروها لخدمة المسؤولين ، وتلميع صور الساسة ، مقابل الحصول على مبالغ مالية.
احد صحفيي المنفيست وبرواية عدد من زملائه ، تلقى دعوة مع ممثلي وسائل إعلام اخرى من رئاسة اقليم كردستان لتغطية نشاط في الإقليم، نظمته وزارة الشهداء والمؤنفلين ، وتم نقل الوفد الإعلامي بالطائرة وخصص احد الفنادق الضخمة ليكون مقرا للإقامة ، وقبل ساعات من تنظيم النشاط ، كان "الصحفي المنفيست" يتخذ موقعا يسمح له امكانية توفير فرصة للحديث مع الوزير ، وتحقق له ذلك ، ولكن بعد دقائق وقبل المباشرة بالنشاط ، تم استدعاء الصحفي ونقلته سيارة خاصة الى محافظة كركوك ثم الى بغداد ، وعرف اعضاء الوفد بان زميلهم خاطب الوزير بالقول "دير بالك علينا " فخاب مسعاه في الحصول على "المكرمة المالية " والفشل في كردستان لم يردعه من استجداء الأموال من الآخرين ، وخاصة في المؤتمرات الانتخابية .
الطارئون على اية مهنة يصخمون وجوه اصحابها ، حتى باتت الظاهرة شائعة ، وعرفا سائدا وفي الوسط الإعلامي هناك من يرفض تسلم المكرمة المكافأة المالية ، حرصا على شرف مهنته، وإبعادها عن اية تأثيرات تصادر استقلاليتها وتسخيرها لصالح جهات حزبية وحكومية واشخاص من مسؤولين وسياسيين يحملون صفة المنفيست.
تقع على الجهات الرسمية والسياسية مسؤولية تفشي الظاهرة فحكومة نوري المالكي بدورتها الاولى كانت تمنح للصحفي ومراسل الفضائية وفريق العمل من مصورين ومساعدين مبلغ مليون دينار لكل واحد منهم ، ثم انخفضت لتصل الى نصف مليون ، ويشير بعض العاملين في الوسط الصحفي العراقي الى ان زملائهم من "فئة المنفيست " يحتفظون بأسماء سياسيين ومسؤولين حاليين وسابقين ، يتمتعون بمواصفات أجدادهم البرامكة في منح المال العام مقابل نشر اخبارهم في الصحف او بث نشاطاتهم عبر شاشات الفضائيات .
صحفيو المنفيست
[post-views]
نشر في: 29 ديسمبر, 2014: 09:01 م