على غير العادة من كل عام بتنا نفتقد عربات التفاؤل وهي محملة بأمانينا وتتجول بمخيلتنا صوب مدن الاحلام لعام جديد يطرق ابوابنا بحذر شديد وربما بخوف من هول المصائب التي لم تترك موطىء طمأنينة في القلوب بعد أن تمادى الأشرار في غيّهم وكأنهم يخبئون هدايا الميلاد بعبوات مسلفنة برائحة الموت لوطن لم نزل نُمسك جرحه النازف بصبرٍ ليس له حد وهيهات نُسلّم كرامته على طبق الجبناء وإن.. طال الألم والعناء!
احساس غير منكسر بضياء قاتِم ومشاعر لن تتموّج مع قوارب تكهنات عابرة الى ضفاف عام آخر لا تبدو انها ستكون مرسى طموحاتنا وما أكثرها بعد ان صدّقنا رحيل شجون عام 2014 الى غير رجعة فإذا بحقيبة أخبار صباح أمس تُصعقنا برسالة عاجلة "الكرعاوي في ذمة الله " لتستمر قافلة ضحايا الرياضة وغيرها، ولا يعرف أحد في هذا الوطن أي رقم يحمل في تعداد المخطوفين والمغدورين ولا نملك سوى رفع الأيدي والرؤوس الى السماء متوسلين أن تنجلي محنة البلاد ويسود السماح بين العباد ونرجع الى ارحام الرسالة الانسانية لنتذكر قوة صلات التاريخ بيننا لعلها تفك اغلال الحقد عن النفوس وتدك الاجساد بتراص مع بعضها كالسد تمنع فيض الهمّ والدمّ.
هذه الرياضة آسرة روح التحدي والمعجزات في اعماق الشباب، تقاوم عللها اليوم بكل ما أوتيت من تجارب عتيدة لتبقى برجالها المخلصين سفيرة العراق في محافل – للأسف - لم تعد تقدّمها في الصفوف الاولى إلا ما ندر بعدما تلاعب ابناؤها بمقدرات هيبتها من دون ان يبالوا لماضيها أو يسهموا في خلاصها من بائعي الذمم ممن لا يتورعون في اذلالها مقابل ضمانهم مصالحهم ومناصبهم وتناسوا انها البطلة والفارسة والمتوجة عربياً وقارياً منذ عهود خلت لم تتخيل في يوم ما أن نجاتها في دورة خليجية (مثلاً) يُعد ضرباً من المستحيل مع ان نصف منافسيها كانوا يخشون اسمها في زمن ثراء النفوس وفقر المغريات!
صراحة لم يبق من بيت الرياضة ونحن نترقب اطلالة عام 2015 سوى هيكله، فالتناحرات هدمت كل شيء بعدما طمعت بأخذ كل شيء، وكنا نراهن على عقلانية أهل القمة في التصدي لنهّازي الوقت الضائع ممن ألقت بهم ظروف خاصة ليتحكموا بمصير الألعاب وابنائها بذريعة الانتخاب الحُر تلك البوابة التي دلف منها الطارئون واحتلوا مقاعد غير مخصصة لهم ليخلفوا الأمية في عملهم وتتراجع منتخباتنا الى حافات اليأس ويعلن أكثر الرياضيين ندمهم على ممارسة الرياضة التي أخذت رحيق العمر وأطعمتهم المرّ، فلا صانع الانجاز يشعر بقيمة العطاء ولا الخائب المنهزم ينال الجزاء، كلاهما في ميزان واحد، فقلّت حماسة الأول وزادت حماقة الثاني.. والخاسر الأكبر قيمة الرياضة حينما تحوّلت الى رحّالة تصطحب معها كل من هبّ ودبّ في طريقها بدلاً من ان تطوّر مهمتها وتصبح قبلة المبدعين يقصدون معقلها لصقل مواهبهم ومهاراتهم في مستطيل حلم المستقبل.
لا مناص من تغيير مفاهيم العمل بدءاً من وزارة الشباب والرياضة التي أحيا مهندسها عبدالحسين عبطان الأمل في رؤية واقع جديد استناداً الى مـد جسور التعاون مع الجميع بعدما اسهمت العزلة والقطيعة في حرمان الوزارة من التصدي للحالات السلبية التي انهكت البُنى التحتية للرياضة وقوّضت الاندفاع لدى شركائها بالأمس في امكانية إعادة الانشطة الدولية الى بغداد وبقية المحافظات مثلما أخذت بوادر رفع الحظر تلوح في أفق اللقاءات القادمة مع ممثلي (فيفا) فضلاً عن انبثاق اللجنة العليا المشتركة بين الوزارة والأولمبية لتشذيب الاخطاء ومحاولة ايجاد تناغمات فاعلة بين المؤسسات الصغيرة كالأندية وشقيقاتها الاتحادات ولكن ليس عبر مؤتمر بحلول تنظيرية كلما عزم اصحاب الخبرة ترجمة ورقة اعماله الى ورشة تنفيذية يُسارع المتقاعسون لاستخدام الذرائع كالممحاة لاخفاء المعالجات المهمة كي يبقى الجهل اللاعب الاساس بلا بديل يغرف من نِعَم السفر ويستطيب الإقامة في الحرام.
أياكم أن تحلموا برياضة عراقية وردية ببيت نظيف، فالسراق والجياع عند ابوابها يشمّون روائح المنافع ويستقتلون لكسب خيرها كله لانفسهم بانانية لم تشهد لها الحقب الماضية، وسنحتاج الى ضابِط "قانون" مُحكَم يعيد صياغة شروط الانتماء لأسرتها وفق الشهادتين السلوكية والعلمية ريثما تستعيد عافيتها تدريجياً على يد رجال لم يدنسوا تاريخهم بعهر الابتزاز وخيانة الامانة وتزوير الأعمار واغتصاب الحقوق والتآمر وتخوين الشرفاء، عند ذاك يمكن ان نقول "وداعاً لرياضة اللصوص وكل عام والنبلاء بخير".
رياضة اللصوص.. وداعاً
[post-views]
نشر في: 30 ديسمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
نير جورج
الأستاذ الفاضل أياد الصالحي المحترم تحية المحبة ايها الزميل الوفي و الغيور لرياضة العراق... كلماتك الذهبية هي بلسم شافي لرياضة العراق وفضح الطارئين والفاسدين وريحهم الصفراء, وازاحتهم وجعل الرياضة لأهلها ولكل مخلص وكفوء, وجعل التخطيط السليم في المقام الأو
نير جورج
الأستاذ الفاضل أياد الصالحي المحترم تحية المحبة ايها الزميل الوفي و الغيور لرياضة العراق... كلماتك الذهبية هي بلسم شافي لرياضة العراق وفضح الطارئين والفاسدين وريحهم الصفراء, وازاحتهم وجعل الرياضة لأهلها ولكل مخلص وكفوء, وجعل التخطيط السليم في المقام الأو