أن تمنع ظهور أخبار سياسيين لايسبّحون بحمد أولي الأمر جائز، أن تجعل من نفسك الخبير الأوحد في مجال الإعلام فذلك جائز ايضا، ولكن ان تدافع عن خطأ مهني وتعتبره معركة مفتعلة فهذا قمة التزييف المهني. الذي حدث ببساطة أيها السادة ان شبكة الإعلام العراقي وبأوامر "قراقوشية" تمنع منذ سنوات وحتى كتابة هذه السطور ظهور اسم صحيفة المدى، لا لشيء سوى ان فرمانا بالمنع صدر أثناء الولاية الثانية للسيد نوري المالكي.. حتى ان هذا القرار " العجيب والغريب " شمل أنشطة مؤسسة المدى الاسبوعية والتي يتم فيها تكريم واستذكار أعلام العراق.
وإذا كان مفهوما أن تنحو ردود فعل السادة القائمين على إدارة الشبكة هذا المنحى الكاره لكل شيء يتعلق بالمدى، فإن غير المفهوم أن يمنع أنصار الشفافية والديمقراطية ظهور تقارير عن نشاطات المؤسسة في تكريم واستذكار شخصيات مثل محمد مكية وعلي الوردي والسياب وسالم الآلوسي والقبانجي وعشرات من رموز العراق الثقافي والسياسي، لان اسم المدى يصيب البعض بالغم والهم.
بالأمس أراد أصحاب القرار في شبكة الإعلام العراقي الدفاع عن خطأ مهني حين أصرّوا على منع الإشارة الى حوار "المدى" مع السيد حيدر العبادي، وبدلا من ان تقدم الشبكة اعتذارا عن هذه " السقطة " المهنية، خرج علينا السيد عبد الجبار الشبوط بافتتاحيته اليومية في جريدة الصباح ليلقي على مسامعنا محاضرة " دسمة " عن الإعلام ومواجهة الإرهاب معتبرا الحديث عن حوار رئيس الوزراء نوعا من الترف، ولهذا علينا حسب وصية السيد الشبوط عدم الانشغال بقضايا هامشية وجانبية واثارة " معارك مفتعلة "
افتتاحية السيد الشبوط لم تخرج عن المنطق نفسة الذي بموجبة تحجب أخبار المدى من الظهور على شاشة العراقية، وهو المنطق الذي ينقلنا من مرحلة الأسى على المهنية إلى حالة من الهم والحزن على ما وصلت إليه مهنة الإعلام في هذا الظرف العصيب.
ولأن السيد الشبوط ربما أصيب بآفة النسيان، فهو يعتقد بأن الناس فقدت ذاكرتها ونسيت ماذا فعلت العراقية أيام معارك الأنبار وبعدها معارك الموصل وكيف اصرت القناة على تحويل المعركة مع الارهاب من معركة تهم الشعب العراقي باكملة، الى معركة شحن طائفي غلفت بأهازيج واناشيد معارك المصير، إن رحلة سريعة لما قدمته القناة خلال العام الماضي، من شأنها أن تأتي بالحقائق عارية مهما حاول البعض تغطيتها بتلال من المساحيق والخطب الثورية، وأظن أن موقف الشبكة المنحاز في الازمة السياسية الاخيرة دليل على إننا لم نغادر عصر إعلام "مختار العصر ".
عندما ألغوا وزارة إعلام الصحاف استبشرنا خيرا وقلنا إن ساعة فطام العراقيين قد حانت، وأننا أخيرا التحقنا بركب الدول العاقلة وتجاوزنا نزق الإرشاد والتوجيه، إلى مرحلة من النضج يكون فيها الإعلام هو إعلام المواطن وليس إعلام النظام، لكن يبدو ان البعض لا يستطيع أن يعيش دون إعلام حزبي ينقل من خلاله بياناته وخطبة فأعاد إلى الحياة وزارة الإعلام تحت مسمى جديد أطلق عليه شبكة الإعلام العراقي، ولكي يمرروا هذه الخطوة أشاعوا أنهم منحوا لهذه الشبكة استقلاليتها، بينما الواقع يقول إننا نعيد إنتاج وزارة إعلام جديدة شعارها: “لا أرى.. لا أسمع لكني أتكلم”.
لقد مرت الآن سنوات على تعيين السيد محمد عبد الجبار الشبوط الذي كنا نعتقد حتى هذه اللحظة انه قادم من أجل إصلاح الآلة الإعلامية ووضعها على الطريق الصحيح كي تصبح جاهزة للانطلاق والمنافسة بعيدا عن حضانة الحكومة، غير أن الوقائع والايام تثبت أن “العراقية” تمر بحالة تراجع ونكوص شديدة.
قرار منع حوار المدى يثبت بالدليل القاطع إن القائمين على الشبكة فشلوا في اختبارات تقديم إعلام مهني بعيد عن التحزب، فلا يحق لمسؤول أن يناصب مؤسسات اعلامية العداء، لمجرد أنها تختلف مع سياسة " أولياء الأمور " وغير متوائمة مع منهج قديم كنا نظن ان صفحته قد طويت.
بمناسبة "المعارك المفتعلة"
[post-views]
نشر في: 30 ديسمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سدير
الاستاذ علي حسين هذا الاسلوب الصدامي لشبكة الاعلام العراقي يجب ايقافه عند حدوده نلاحظ فقط نشر فعاليات شخص بعينه حتى انها ليست بالمستوى المطلوب واسقاط فعاليات اخرى مهمة على سبيل المثال لا الحصر السيد مسعود برزاني والدكتور اياد علاوي ومؤسسة المدى ...انها نق
khalid
...وأما الشبىط أو البني أو القطان وأمثالهم وأولياء نعمتهم فزائلون, وأما المدى فهي باقية فناراَ عالياَ يضيء الطريق الى الحقيقةز