العراقيون بشر.. وكسائر البشر ، فإنهم بلحم ودم وروح ومشاعر وعواطف.. وكسائر البشر أيضاً فإن أغلبيتهم الساحقة أسوياء.. غير الأسوياء منهم أقلية ضئيلة، ومن سوء حظ العراقيين ان أفراداً من هذه الأقلية تحكّموا بمصيرهم على مدى عقود من الزمن، وان البعض ممن لهم القوة والنفوذ في دولتهم الحالية هم من هذه الأقلية الضئيلة.
الأقلية الضئيلة أخذت العراقيين الى حروب داخلية وخارجية عبثية مدمرة، وهي لم تزل تعبث بمصير الأغلبية الساحقة بحرب طائفية همجية وفساد مالي وإداري لا نظير له يبرره بعض الضالعين به والقائمين عليه وحماته بانه استرجاع لثروة "مُغتصبة" مع سلطة "مُختطفة" على مدى ألف سنة وأكثر!
هذه الأقلية، باختلاف هويتها السياسية ، من عروبية وإسلاموية، أرادت دائما للأغلبية الساحقة أن تقبل بالظلم والضيم والإملاق وان تضحّي بالتنمية والرفاه ومتع الحياة في سبيل القضايا القومية المركزية أو قضية الدين والمذهب، وكأنما القومية والدين والمذهب لا تستقيم مع الحياة الحرة الكريمة، فالمكافأة مؤجلة الى الآخرة، أو الى المستقبل غير المحدد لقيام دولة الوحدة القومية واستعادة أمجاد الماضي الذي لم يكن مجيداً ، إلا في كتب التاريخ المزوّر، فيما الأقلية الضئيلة تستوفي مكافأتها نقداً، سلطةً ونفوذاً وثروات مكتنزة منهوبة من المال العام والخاص.
العراقيون بشر، وهم كسائر البشر محبّون للحياة، مقبلون عليها وعلى متعها.. ولم تُفد كل فتاوى "وعّاظ السلاطين" والإجراءات المتخلّفة في منعهم هذه المرة أيضاً من استقبال العام الجديد بما يليق به وكما تحتفل به سائر الشعوب والأمم.
احتفالات ليلة رأس السنة في العاصمة لم تقتصر على مناطق محدودة، ومنها امتدت الى مراكز عدد من المحافظات الأخرى، فضلاً عن طوفان التهاني الذي اجتاح قنوات التواصل الاجتماعي، في إعلان لافت بان العراقيين ليس قدرهم أن ينوحوا أبد الدهر وأن يلطموا الخدود والصدور على مدى الزمان.
ينبغي تشجيع الناس على حبّ الحياة، فمن لا يحب الحياة لن يكون في مستطاعه النضال في سبيل الحقوق والحريات، ولا في مقدوره التضحية بوقت أو مال أو بذل جهد من أجل اكتساب هذه الحقوق والحريات لنفسه ولغيره، ومشاركة الآخرين في الكفاح لتحسين ظروف الحياة وشروطها .. الذين لا يحبون الحياة يكونون سلبيين في كل شيء وحيال كل شيء.
منظمات المجتمع المدني، على وجه الخصوص، منتظر منها دور كبير وفعال في تشجيع الناس على مغادرة سلبيتهم وإيمانهم بالقدرية، وثمة مناسبات كثيرة قابلة للاستثمار في هذا الميدان.
احتفالاً بالحياة ومباهجها
[post-views]
نشر في: 2 يناير, 2015: 09:01 م