كلما زادت وطأة الحزن والسام، تمر بك أيام تشعر فيها بان كل شيء يثقل على صدرك، الذين يحبونك والذين يكرهونك والذين يعرفونك والذين لا يعرفونك...
تشعر بالحاجة الى أن تكون وحيدا مثل غيمة وان تعيد النظر في اشياء كثيرة..ان تعود الى ذاتك مشتاقا لتنبشها وتواجهها بعد طول هجر وان تفجر كل القنابل الموقوتة التي تسكنك...لكن ذلك يحتاج الى شيء من الحرية وأنت لست حرا ابدا... لذا تعود صاغرا الى مضمارك لتجري بين الجياد معصوبة العينين ولاتعبأ بما ينهال عليك من لسعات سياط الزمن وشتائم المتفرجين او صيحات استحسانهم فأنت واحد من مجموع ومادام الجميع ليسوا أحرارا فلا ضير من الاستسلام معهم لما يكبل حريتك ويعيدك الى عزلتك الحزينة..
في العام الماضي، حاولنا الخروج عن اطار الحزن والتشاؤم..اعددنا شجرة عيد ميلاد كاشقائنا المسيحيين..دعوت كل اشقائي وشقيقاتي وعوائلهم واحتفلنا بعيد رأس السنة..خرجنا..شاهدنا الناس في الشوارع تستجدي الفرح من العام الجديد لتودع احزان واحباطات العام الذي سبقه..لا أدري لم طفرت من عيني دمعة حين التقى عقربا الساعة على الثانية عشرة وهلل الجميع وصرخوا فرحا..ربما تنبأت بما شهدناه في عام 2014 أم انني لم اعتد الفرح كأغلب العراقيين وأخشى من زيادة جرعاته..
لم تمر الا عدة أيام من العام الجديد حتى غزت عالمنا مفردات جديدة معه..." داعش "، " نازحون "، " ميليشيات "،" سبايكر "،" حشد شعبي "، " اقاليم " وغيرها الكثير مما احال ايامنا الى سلسلة من المتاعب والخوف والآلام..ومثل عراقيين كثر طالتني خسائرالعام الماضي ففقدت وجوها طيبة عديدة وفقدت منزلي الاول في اطراف بغداد ومعه ذكريات طفولة اولادي..فقدت مصدر رزق زوجي وممتلكاتنا..واصبحت منطقة استقراري الصيفي الجميلة ساحة حرب بين داعش وقوات الجيش....صار منزلي الثاني في بغداد ملاذا لعشرات النازحين وحملت همومهم معهم حتى تفرقوا في منازل فقيرة مستأجرة ومارسوا اعمالا بسيطة لتسيير حياتهم لحين العودة المنتظرة الى ديارهم..
سلسلة من الاحباطات والخسائر حملها لنا عام 2014...وحتى حين غمسنا اصابعنا من جديد في الحبر البنفسجي لنغير الكابوس الذي جثم على صدورنا لعدة سنوات،عانينا كثيرا من عسر ولادة حكومة جديدة لمحاولة رئيس الحكومة السابقة المستميتة العودة الى مقعده...
والآن وانا استقبل العام الجديد احاول ان استبشر خيرا مثل العديد من العراقيين بحكومتنا الجديدة وأتأمل ان نحظى بعام جديد يخلو من داعش وكل ما تبعها من المفردات التي شوهت حياتنا واعادتنا الى ساحات المعارك..سنصبر كما عودتنا امهاتنا على فقدان الاحبة وعلى التقشف والظلم وسنمنح فرصا جديدة لحكامنا ليعيدوا لأعوامنا عذوبتها ولقلوبنا طيبتها ولاطفالنا براءتهم..قد لانملك خيارا آخر غير الصبر والانتظار لكن الاكثار منهما قد يحولنا الى الغام بشرية تنفجر بوجه من لا يريد الخير لهذا البلد وقد نرفع العصابة عن اعيننا لكي لا نواصل السير في مضمار الخاضعين ونكسر قيودنا لنحظى اخيرا بشيء من الحرية...
عام بلا "داعش"
[post-views]
نشر في: 2 يناير, 2015: 09:01 م