TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عام بلا "داعش"

عام بلا "داعش"

نشر في: 2 يناير, 2015: 09:01 م

كلما زادت وطأة الحزن والسام، تمر بك أيام تشعر فيها بان كل شيء يثقل على صدرك، الذين يحبونك والذين يكرهونك والذين يعرفونك والذين لا يعرفونك...
تشعر بالحاجة الى أن تكون وحيدا مثل غيمة وان تعيد النظر في اشياء كثيرة..ان تعود الى ذاتك مشتاقا لتنبشها وتواجهها بعد طول هجر وان تفجر كل القنابل الموقوتة التي تسكنك...لكن ذلك يحتاج الى شيء من الحرية وأنت لست حرا ابدا... لذا تعود صاغرا الى مضمارك لتجري بين الجياد معصوبة العينين ولاتعبأ بما ينهال عليك من لسعات سياط الزمن وشتائم المتفرجين او صيحات استحسانهم فأنت واحد من مجموع ومادام الجميع ليسوا أحرارا فلا ضير من الاستسلام معهم لما يكبل حريتك ويعيدك الى عزلتك الحزينة..
في العام الماضي، حاولنا الخروج عن اطار الحزن والتشاؤم..اعددنا شجرة عيد ميلاد كاشقائنا المسيحيين..دعوت كل اشقائي وشقيقاتي وعوائلهم واحتفلنا بعيد رأس السنة..خرجنا..شاهدنا الناس في الشوارع تستجدي الفرح من العام الجديد لتودع احزان واحباطات العام الذي سبقه..لا أدري لم طفرت من عيني دمعة حين التقى عقربا الساعة على الثانية عشرة وهلل الجميع وصرخوا فرحا..ربما تنبأت بما شهدناه في عام 2014 أم انني لم اعتد الفرح كأغلب العراقيين وأخشى من زيادة جرعاته..
لم تمر الا عدة أيام من العام الجديد حتى غزت عالمنا مفردات جديدة معه..." داعش "، " نازحون "، " ميليشيات "،" سبايكر "،" حشد شعبي "، " اقاليم " وغيرها الكثير مما احال ايامنا الى سلسلة من المتاعب والخوف والآلام..ومثل عراقيين كثر طالتني خسائرالعام الماضي ففقدت وجوها طيبة عديدة وفقدت منزلي الاول في اطراف بغداد ومعه ذكريات طفولة اولادي..فقدت مصدر رزق زوجي وممتلكاتنا..واصبحت منطقة استقراري الصيفي الجميلة ساحة حرب بين داعش وقوات الجيش....صار منزلي الثاني في بغداد ملاذا لعشرات النازحين وحملت همومهم معهم حتى تفرقوا في منازل فقيرة مستأجرة ومارسوا اعمالا بسيطة لتسيير حياتهم لحين العودة المنتظرة الى ديارهم..
سلسلة من الاحباطات والخسائر حملها لنا عام 2014...وحتى حين غمسنا اصابعنا من جديد في الحبر البنفسجي لنغير الكابوس الذي جثم على صدورنا لعدة سنوات،عانينا كثيرا من عسر ولادة حكومة جديدة لمحاولة رئيس الحكومة السابقة المستميتة العودة الى مقعده...
والآن وانا استقبل العام الجديد احاول ان استبشر خيرا مثل العديد من العراقيين بحكومتنا الجديدة وأتأمل ان نحظى بعام جديد يخلو من داعش وكل ما تبعها من المفردات التي شوهت حياتنا واعادتنا الى ساحات المعارك..سنصبر كما عودتنا امهاتنا على فقدان الاحبة وعلى التقشف والظلم وسنمنح فرصا جديدة لحكامنا ليعيدوا لأعوامنا عذوبتها ولقلوبنا طيبتها ولاطفالنا براءتهم..قد لانملك خيارا آخر غير الصبر والانتظار لكن الاكثار منهما قد يحولنا الى الغام بشرية تنفجر بوجه من لا يريد الخير لهذا البلد وقد نرفع العصابة عن اعيننا لكي لا نواصل السير في مضمار الخاضعين ونكسر قيودنا لنحظى اخيرا بشيء من الحرية...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram