TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يا سيدي متى تكون جادا؟

يا سيدي متى تكون جادا؟

نشر في: 2 يناير, 2015: 09:01 م

يستطرد الايرلندي أوسكار وايلد في مسرحيته الشهيرة " أهمية ان تكون جادا " في وصف حال من يوهمون أنفسهم بامتلاك الحقيقة.. يقول بطل المسرحية: "أيها السادة خبرتي في الحياة علمتني ان تحريف الحقائق، اكثر ضررا من طمسها ". يكتب وايلد في مقدمة مسرحيتة التي ترجمها الى العربية الراحل لويس عوض: "أنا اكره السياسيين الذين يخادعون في نقل الحقيقة "
غالبًا ما يكون البسطاء ضحايا مسؤولين لايختلفون عن أبطال مسرحية وايلد، عندما نتطلع حولنا سنرى جيدا ما يدور على خشبة المسرح من مهازل، لان أسوأ أنواع الكوميديا هي الضحك على المتفرجين، لا على الأحداث، في هذه الأيام أثقلت صفحات"الكوميديا " في العراق النقاش الذي يعلو كل يوم مجالس سياسيينا حول"السيادة وأخواتها".. والله العظيم يا جماعة هذه ليست كوميديا انها " مسخرة " عليكم ان تخجلوا، تتنافسون باسم السيادة على نهب ثروات البلاد والعبث بأمنه، وكأن ضياع الموصل لا يمس السيادة وقضم أجزاء من الأنبار لا علاقة له بالأمن الوطني، ورفع رايات دولة الخلافة في تكريت مسألة فيها نظر وليست مأساة وجريمة.
هل تعرفون يا سادة ما معنى السيادة، انها سعي لبناء الشعوب، وإبداع في الإعمار وإدارة شؤون البلاد واعلاء شأن العدالة، وانشغال بالبحث عن الرفاهية الاجتماعية، أكثر من إبداع في فنون السرقة واللعب على الحبال.
يخبرنا هربرت سبنسر صاحب كتاب " الرجل ضد الدولة" ان العدالة تكمن في تطوير قابليات الناس على العمل والمشاركة في القرار، لانها الطرق الوحيدة التي تؤدي الى التطور والسلام، ويضيف: "عندما تتوقف تخاريف السلطة، ينهض التطور ويتوزع الخير على جزء كبير من افراد المجتمع وتصبح الوطنية، العمل للوطن اولا واخيرا " لكن ياعزيزي السيد سبنسر معظم ساسة اليوم يرون مبرر بقائهم في التحريض على الاخرين، والخدمة الوحيدة التي يقدمونها لشعوبهم هي خطب مزيفة وخادعة عن النجاح والتفوق، ولا يدخل في مضامين هذه الخطب اي حديث عن حق المواطن بالحياة الكريمة وحقه بالامن والامان وفي الاستقرار.
الساسة "الخطباء" يتصورون ان خطبهم " السيادية " يمكنها ان تكون بديلا عن بناء دولة مؤسسات، ما هو هذا المنجز الكبير الذي نباهي به شعوب العالم؟، وماذا يعني أن على العراقيين ان يتحملوا فشل المسؤول، وهل هناك نظام سياسي حقيقي يعتبر الخراب والازمات والاف الضحايا دليلا على النجاح، الذي تسعى دول كبرى الى اجهاض مسيرته، يريدون ان "تلتهي" الناس بأحاديث مطاطية، عن الفشل الذي لا يتحمله أحد، وعن السعادة التي كانت في انتظار الشعب لو ان دول العالم اختفت من الوجود، وعن اجبار امريكا على الانسحاب، وهي تجر اذيال الخيبة، والبند السابع الذي اخرجوه من "فم" مجلس الأمن.
هل تريدون " سيادة " أكثر من هذا؟ هاكم ما خرجت به تقارير الامم المتحدة من أن العام 2014 الاكثر دموية في العراق منذ سبعة أعوام، حيث بلغ عدد القتلى من المدنيين أكثر من 15 ألف قتيل في العام الماضي. ولاننا في زمن احصائيات السيادة فان حصيلة العنف هذه هي الاكبر منذ عام 2007.
يخاطب بطل مسرحية وايلد أحد السياسيين قائلا "يا سيدي متى تكون جادا، الا تدري ان الخديعة شقيقة الجهل، والاثنتان تؤديان الى طريق واحد: موت المستقبل وضياع الحاضر".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. قيران المزوري

    للاسف هذه المقالة يقلل من اهمية مؤتمر القمة في بغداد وتأثيرها الايجابي على حياة الشعب العراقي ،،، ملكة جمال القمم العربية ..

  2. عراقي

    الاخ الكاتب علي حسين المحترم تحية لشخصكم الكريم تحية لقلمك الشريف أودّ هنا ان اعرف السيادة علميا وهي ( السيادة تعني السيطرة الكامله على ،الارض ،الجو، المياه الاقليميه ،ضمن الحدود الدوليه المعترف بها قانونا ) ... ان فقدان اي جزء حتى وان كان بنسبة ب

  3. قيران المزوري

    للاسف هذه المقالة يقلل من اهمية مؤتمر القمة في بغداد وتأثيرها الايجابي على حياة الشعب العراقي ،،، ملكة جمال القمم العربية ..

  4. عراقي

    الاخ الكاتب علي حسين المحترم تحية لشخصكم الكريم تحية لقلمك الشريف أودّ هنا ان اعرف السيادة علميا وهي ( السيادة تعني السيطرة الكامله على ،الارض ،الجو، المياه الاقليميه ،ضمن الحدود الدوليه المعترف بها قانونا ) ... ان فقدان اي جزء حتى وان كان بنسبة ب

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram