TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صورة العبادي مع ابو حنيفة

صورة العبادي مع ابو حنيفة

نشر في: 3 يناير, 2015: 09:01 م

كان معلم الفلاسفة سقراط يقول لكل من يراه في شوارع اثينا: الشر جهل والفضيلة معرفة، والخير عبادة.. ما هي أعلى مراتب الخير؟ يخبرنا سقراط انها في نشر الطمأنينة: سأظل اسأل كل من القاه مالي أراك يا صاحبي تعني بجمع المال والشهرة ولا تنشد من الطمأنينة وحب الخير الا اقلها الا يخجلك ذلك".
لا تحتاج الحوادث الكارثية التي حصلت خلال السنوات، الى ذكاء لكي نكتشف ان العراقيين دفعوا ثمن غياب الخير والأهم أنهم دفعوا ثمن غياب المسؤولية الوطنية، واعلاء شأن الطائفية والحزبية، وقد بدا ذلك واضحا في الطريقة التي تعامل بها البعض من مسؤولينا مع الأحداث الجسيمة.
قبل سنوات سألت وفي هذا المكان لماذا يحاصر شيخ التقاة والمتسامحين "ابو حنيفة" إمام بغداد الذي قدم حياته قربانا لمحاربة الظلم والاستبداد.. وبالأمس كانت صورة حيدر العبادي وهو يتجول في شوارع الاعظمية ويصافح اهلها اكبر دليل على اننا في ندخل مرحلة جديدة مطلوب فيها ان نتعلم ونفهم ماذا يعني التسامح وماهي حدود الشر وماهي مسؤولية السياسي في إعادة الوجه النقي والإنساني للإسلام، والتصدي لمهمة إزالة ما علق به من مفاهيم طائفية وقيم منحرفة، لا أصل لها في جوهر الدين.
لقد أخطأنا كثيرا حين سمحنا للمتطرفين سنة وشيعة بالسعي لحرق البلاد ، واخطأ العديد من رجال الدين حين لم يتعاملوا بجدية مع الركام المخيف من مناخ التعصب الذي دفع البلاد الى محرقة داعش، واستفحلت ظاهرة سياسيي الطوائف التي أخذت تتفشى في قطاعات عريضة، الجانب الجوهري فيها هو كلما أصبحت طائفيا وعنصريا وهددت وقتلت وهجرت وشردت وصرخت وشتمت واستخدمت كل ما لا صلة له بالقانون يمكنك أن تنجح، والأخطر أن الناس قد تهابك وتخاف منك، هذه الظاهرة انتقلت من السياسيين إلى الشارع وبالعكس، وأصبحنا نرى برلمانيين ووزراء يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم، ووصل الأمر إلى حد أن تغلق وزارة بأكملها لمكون طائفي واحد لا لشيء إلا لكون الوزير ينتمي لهذه الطائفة أو تلك.
في بلاد تعد مهد الديانات والحضارات صحونا لنجد انفسنا وسط ساسة ومسؤولين يتبادلون التكفير والقتل ولا يفقهون في الخير يصرون على ان يأخذوننا معهم في مسيرة دائمة نحو الموت والخراب.
عام 1955 قدم المفكر الإسلامي خالد محمد خالد للمحاكمة بتهمة ازدراء الأديان بعد ان اصدر كتابه الشهير " هذا او الطوفان " والذي اراد ان يقول فيه: الإسلام دين للتسامح والمحبة ولا علاقة له بإنشاء الحكومات، وفي كلمات كأنها تقال هذه الايام يكتب: " الحكومة الدينية لا تستلهم مبادئها وسلوكها من كتاب الله وسنة رسوله بل من نفسية الحاكمين وأطماعهم ومنافعهم الذاتية، وهي تعتمد في قيامها على سلطة غامضة لا يعرف مأتاها ولا يعلم مداها... وحين تسأل عن دستورها، تقول الدين، هو القرآن، لقد استغل بعض الحكام بعض آيات القرآن استغلالاً مغرضا، كما استغلت الآيات نفسها إبان الصراع بين الامام علي ومعاوية والخوارج. ما كانوا يقدمون من الآيات والأحاديث هي نفسها الآيات والأحاديث التي كان يحرّض بها أصحاب معاوية على ذم علي وقتاله،، كما قتل يزيد الطاغية الحسين بن علي، مبرراً فعلته هذه بآية وحديث استمسك بهما ".
وينهي خالد محمد خالد صفحات كتابه بكلمات مؤثرة لفيلسوف التسامح فولتير: " رجل الدين الجاهل يولد الجزع في نفوسنا، أما الناضج المتسامح، البعيد عن الخرافات، فهو الجدير بحبنا".
السيد العبادي خطواتك نحو ابو حنيفة نريدها ان تكون اولى الخطوات الى عصر التسامح الذي قدم من خلاله العراقيون للعالم عقولا مثل الكرملي والزهاوي والرصافي وعلي الوردي والجواهري..
الناس تريد نظاما سياسيا لا يستبعد فيه احد بسبب رأيه، أو طائفته.. نظام قضيته الأولى العدالة لا دولة القانون، ومثله في السياسة والحياة رجال بقيمة مانديلا ولي كوان لا بوزن"........."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. khalid

    كم أود, أيها العزيز, أن تكون معي ولا تصدق أو تثق بمن هو من حزب المالكي. لقد أخذ هذا الرجل في الآونةالأخيرة يغبر عن (أنا مالكية) أخرى تجلت بالتنويه عن تنصله من الاتفاق مع الاقليم بشأن النفط. واتمنى أن تكذب الأيام القادمة ظني هذا .

  2. عمر ياسين

    دعوة مرة اخرى للتفائل و الله تعبنا واصبحت اخشى التفائل لخشيتي من الصدمة التي تليه لا باس محاولة اخرى لخاطرك استاذ علي ملاحظة دائما ما تكون مقالاتك غنية بالمعلومات التاريخية او الادبية ارجوا الاستمرار بهذا النهج فالمقال يصبح متنوع و مشوق اكثر و بالموفقية

  3. ام رشا

    كلام رائع وجميل أستاذ علي ليته يتحقق ودائما طروحاتك تزرع فينا الأمل في بلد امن ومستقر ومستقل يعيش أهله في محبة و وئام.. وتبقى الشمس أجمل في بلادي ..مع تقديري .

  4. علي كريم

    عوفيت ، كلام جميل لعله يجد آذاناً تصغي وعقولا تفقه.

  5. khalid

    كم أود, أيها العزيز, أن تكون معي ولا تصدق أو تثق بمن هو من حزب المالكي. لقد أخذ هذا الرجل في الآونةالأخيرة يغبر عن (أنا مالكية) أخرى تجلت بالتنويه عن تنصله من الاتفاق مع الاقليم بشأن النفط. واتمنى أن تكذب الأيام القادمة ظني هذا .

  6. عمر ياسين

    دعوة مرة اخرى للتفائل و الله تعبنا واصبحت اخشى التفائل لخشيتي من الصدمة التي تليه لا باس محاولة اخرى لخاطرك استاذ علي ملاحظة دائما ما تكون مقالاتك غنية بالمعلومات التاريخية او الادبية ارجوا الاستمرار بهذا النهج فالمقال يصبح متنوع و مشوق اكثر و بالموفقية

  7. ام رشا

    كلام رائع وجميل أستاذ علي ليته يتحقق ودائما طروحاتك تزرع فينا الأمل في بلد امن ومستقر ومستقل يعيش أهله في محبة و وئام.. وتبقى الشمس أجمل في بلادي ..مع تقديري .

  8. علي كريم

    عوفيت ، كلام جميل لعله يجد آذاناً تصغي وعقولا تفقه.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram