في الباحة الخارجية لبناية نقابة الصحفيين . وآنا أهم بدخول البناية لتجديد الهوية ! لمحته من بعيد، استرعت انتباهي خطواته المتباطئة ، وانحناءة كاهله . وقديم هندامه .
ما عرفته لأول وهلة ، ولا هو فعل … تريثت برهة ، وانا أتمعن في تقاسيم وجهه المتغضن ،،، أعرفه ؟ لا أعرفه ؟! أعرفه ، فجأة ، فجأة تختفي ملامح الشيخوخة وأرديتها البالية ، لألمح شابا في مقتبل العمر ، يمور نشاطا وحيوية ، وقدرة على تطويع ( الف باء ) اللغة ليجعل منها نافذة للآمل حينا ، وباقة ورد تارة ، وسوطا موجعا في معظم الأحيان .
ادنو منه ، وبصوت خاشع اقرب للهمس اسأله لمحض اليقين: استاذ ، ألست الصحفي فلان ؟
يحدق في وجهي — مستريبا ربما — :: نعم نعم ، انا هو ، وانت من تكونين ؟
— حدق مليا ، فلطالما جلسنا متجاورين ، لطالما تناقشنا في القضايا المصيرية حد الشجار ، لطالما تبادلنا الآراء وتجرعنا رحيق النتائج ! لطالما تخاصمنا حد العداء وتراضينا حد الوداد ، و،، — من ؟
— دعك مني الآن ، وقل لي .. ما الذي دعاك للخروج في هذا الضحى الزمهرير ؟
يبتسم بمعنى ، ينظر إلي معاتبا من سذاجة السؤال ، وكأني به يقول : الأمر الذي دعاك دعاني !
— اراجع لتعديل راتب تقاعدي لا يفي بمتطلبات بضعة ايام .. ولا يليق بصحفي أمضى زهرة عمره في خدمة صاحبة الجلالة الصحافة .. أكثر من نصف قرن !!
……….
إن هذي( الصورة ) الصرخة الملتاعة— عبر المدى— ليست عرض حال رخيص مدفوع الثمن .
هذا النداء ليس استجداءا ذليلا من متخمين شبعوا بعد جوع وتنعموا بعد شظف ، ولا هو ابتغاء مكرمة ،من متفضل .،
انه طلب عاجل وملح ارفعه لأعلى السلطات في البلد : مقام رئاسة الوزراء ، واللجان الثقافية في مجلس النواب ! — إن كان ثمة لجان بهذا المسمى في المجلس؟ — ولجناب نقيب الصحفيين ، آن افعلوا شيئا لنجدة الصحفيين الأصلاء — غير الفضائيين —امنحوهم حقوقهم المشروعة المتمثلة براتب تقاعدي مجز(ي) فهم الخميرة المباركة التي جعلت من العجين الفطير خبزا شهيا للآكلين ولا تتركوهم بين شدقي رحى الحاجة وذل السؤال……
ان حشرجة الألم قد ترقى على حشرجة المحتضر إذ نسمع ونقرأ عن الترليونات والمليارات المهدورة ، المسفوحة هنا وهناك ، وعلى الفضائيين …. وليس للصحفي الأصيل — غير المدجن، غير المرهون او المرتهن— من ثروات بلده إلا العوز والضنك وشظف العيش . ودريهمات التقاعد..
…..عيب يا نقابة الصحفيين … والله العظيم عيب !
عيب !!
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2015: 09:01 م