اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > التخصص الدراسي فـي الجامعة بين رغبة الطالب وآمال الأهل والقبول المركزي

التخصص الدراسي فـي الجامعة بين رغبة الطالب وآمال الأهل والقبول المركزي

نشر في: 6 يناير, 2015: 09:01 م

الجامعة ..ذلك الحلم الذي يراود كل طالب وصل إلى مشارفها بعد رحلة عناء طويلة مع سنوات الدراسة والتي يتم اختتامها في المرحلة الأخيرة للدراسة الإعدادية حيث يتحدد مصير الطالب فيها ، وحينها يظهر لون بطيخته التي طال انتظاره لها ، فيغرس سكينه فيها ، فإما أن

الجامعة ..ذلك الحلم الذي يراود كل طالب وصل إلى مشارفها بعد رحلة عناء طويلة مع سنوات الدراسة والتي يتم اختتامها في المرحلة الأخيرة للدراسة الإعدادية حيث يتحدد مصير الطالب فيها ، وحينها يظهر لون بطيخته التي طال انتظاره لها ، فيغرس سكينه فيها ، فإما أن تكون حمراء اللون وبذلك يكون قد حقق قدرا كبيرا من أحلامه ، أو تكون بيضاء وحينها يبكي ندما لأنه لن يحصل على مكانه المناسب في سباق الحياة ، وبين هذا الاحتمال أو ذاك يبقى الطالب حائرا بين الخضوع لأحلام الآهل ، أو أحلامه ، أو التسليم بما أقره القبول المركزي .
 
أحلام الطفولة 
منذ الطفولة تنطبع في مخيلتنا أحلام كثيرة عن مستقبلنا ،ومنها الأحلام الخاصة بالدراسة والوظيفة ، واغلب الأطفال حين نسألهم يكون جوابهم عن أحلامهم واحد لا يختلف ، فهذا يريد أن يصبح طبيبا أو صيدليا أو طبيب أسنان ، بينما يختار آخر أن يكون مهندسا بعيدا عن كل ما يتعلق بالطب ، في حين يحلم بعض الأطفال بالدفاع عن المظلومين بارتداء ثوب المحاماة الأسود ،بينما تغري بعض الصغار الثياب العسكرية للضباط ، في حين يبقى حلم الكثيرات من الفتيات هو أن تكون معلمة أو مدرسة وتصبح لعبتها هي طالبتها التي تلقنها كل ما تتعلمه في المدرسة .ومع كل تلك الأحلام يبقى للأهل دور كبير فإما أن يتعزز الحلم بالتوجيه والإرشاد والدعم الدائم لتحقيقه ، أو يكون حلم الأهل فيما يختص بمستقبل أولادهم مختلفا عن حلم الأولاد فيحاولون ترسيخ مفاهيم عن الاختصاص الذي يتمناه الأهل لأبنائهم وفيه يجدون المستقبل المضمون لهم ..ولكن يبقى الفاصل بين لحظة الحلم والحقيقة هو القبول المركزي .
(سرى فاضل ، طالبة في كلية الفنون الجميلة/ المرحلة الثالثة / اختصاص رسم ):
ـ لطالما حلمت ومنذ نعومة أظفاري بإمساك الفرشاة وتلوينها بالألوان المختلفة ، منذ أن دخلت هذا العالم وأنا امسك الفرشاة ولدي رسوم كثيرة منذ بداياتي الأولى ، وكبر الحلم معي حتى لم أكن أتخيل نفسي يوما في كلية سوى كلية الفنون الجميلة ولم أر نفسي إلا وأنا أفتتح معرضا أو أرسم حلما ، رسمت حلمي بيدي وساعدني الأهل في تحقيقه..
ولكن حلم (غادة كامل ، خريجة كلية العلوم ، قسم علوم الحياة ) لم يتحقق :
ـ عرفني الجميع طالبة مجدة أحصل دوما على أعلى الدرجات ولكني أخفقت في الامتحان الوزاري بسبب الخوف والتردد والإرهاق من فرط الدراسة المستمرة فلم احصل على المعدل الذي حلمت به كي يؤهلني لدخول كلية الصيدلة فاقتنعت بحلم أصغر قليلا وهو الالتحاق بكلية الهندسة ، ولكني اصطدمت بواقع مرير وهو القبول المركزي الذي دمر معدلاتنا كثيرا فلم احصل سوى على قبول في كلية العلوم وحاولت إقناع أهلي كي أقوم بتحسين معدلي أو الالتحاق بكلية أهلية كي ادرس الاختصاص الذي أحبه إلا أنهم أقنعوني بان كلية العلوم لها مستقبل جيد وسأمتلك مستقبلا مختبري الخاص ولكن ما حدث فعلا هو إنني لا أزال جليسة المنزل رغم محاولاتي الكثيرة كي احظى بفرصة تعيين في أي مكان وفق اختصاصي . وعلمت بأن كل ما فعله القبول المركزي وأهلي في أحلامي هو تعليق ورقة على الحائط لا تغني ولا تنفع.
ضربة حظ /
يجمع اغلب الناس على ان المرحلة الأخيرة للدراسة الإعدادية ما هي إلا ضربة حظ فمن يتوقع له الجميع أن يحظى بمعدل وقبول جيد فقد تخيب ظنونه ويجد نفسه وقد زج في مكان لا يجد نفسه فيه ومن لا يتوقع له أحد سوى مستقبل لا يتعدى حدود الاختصاصات التربوية او المعاهد فقد يفاجئ الجميع بمعدل مذهل وقبول لم يحلم به وحينها لا نسمع سوى كلمة واحدة وهي ( ضربة حظ ).
*( دعاء قاسم ) أكملت دراستها الإعدادية هذا العام بإحباط كبير جدا ليس بسبب المعدل ولكن بسبب القبول ، تقول دعاء:ـ أكملت المرحلة الإعدادية وحصلت على معدل جيد وهو 93% كنت أخاله كافيا كي يجعلني أحقق حلمي وحلم عائلتي بالالتحاق بكلية الصيدلة او طب الأسنان فقد كبرت وانا اسمع أبي وأمي وهما يرددان على مسامعي كلمتين فقط ( صيدلة ، طب اسنان ) ولكن ما حصل هو إن معدلي أهّلني للقبول في كلية الهندسة / جامعة الكوفة ، ولا اخفي مدى حزني الكبير لذلك ورغم ان أهلي حاولوا ان يهوّنوا الأمر ولكني لم أتقبل الفكرة إطلاقا وحينها رضخوا لرغبتي في الالتحاق بكلية الصيدلة الأهلية فلا بد لهم من دفع ثمن أحلامهم ، هم يريدون أن يفخروا بان ابنتهم تخرجت من كلية الصيدلة إذن لا بد لهم من دفع ثمن ذلك .
ولكن قبول دعاء أهون بكثير من الكارثة التي لحقت بـ(أحمد عامر ) الذي تخرج من كلية التربية قسم اللغة الإنكليزية والذي حصل على معدل (94%) في الامتحانات الوزارية وكان يؤمل النفس بالالتحاق بإحدى كليات المجموعة الطبية او كلية الهندسة على اقل تقدير ولكنه فوجئ بزجه في كلية التربية واعتراضه لم يجد نفعا واضطر الى إكمال دراسته فيها مرغما ليتخرج مدرسا وتضيع جهوده سدى .
هذا في الوقت الذي كانت فيه الاختيارات محدودة في زمن لم تكن الجامعات الأهلية قد اجتاحت بعد عالم التعليم العالي ووضعت الحلول السهلة أمام الطلبة في حالة توفر الثمن المناسب .
ضمان مناسب للتعيين
في العقود الماضية كان الطالب يحدد اختياره منذ البداية ويحلم بالمجال الذي سيدرسه كونه متأكدا بأن شهادته الجامعية لن تضيع وستجد لها مكانا في دوائر الدولة او أي قطاع حكومي آخر ، ولكن مع إطلالة الحصار على أجيالنا ضاع معنى الشهادة فلم تعد كما كانت في اول عهدها وأصبحت مجرد ورقة لا اكثر ، وانتهى وقت الحصار واستبشر الخريجون خيرا لأن ما تعلق على الحائط او ضاع في كومة الأغراض في الدرج سيخرج اخيرا الى العالم وينفض عنه الغبار وفعلا فقد شهدت السنوات الاولى في أعقاب السقوط حملة كبيرة عين خلالها غالبية الخريجين وأعيد من أعيد الى الوظيفة مفصولا كان او متقاعدا ، ولكن تدريجيا عادت المشكلة الى سابق عهدها وحينها بدأ أولياء أمور الطلبة يفكرون بدلا عنهم فشجعوهم لبذل المزيد من الجهد للالتحاق بالمجموعة الطبية او أي مجال يكون التعيين فيه مركزيا بحيث يتخرج الطالب وهو يعلم بأن مكانه الوظيفي موجود . هنا برز دور الجامعات الأهلية لتحقق آمال الأهل والطلاب معا .
يقول (احمد الساعدي ) أستاذ جامعي مختص في علم النفس :
ـ نعم في السنوات الأخيرة واجه الطلاب ضغوطات كبيرة وأحبطت أحلامهم وذلك لا يعود الى سوء العملية التعليمية في العراق بل يعود اصلا الى غياب التخطيط الحقيقي للحكومة ، ففي الدول الاخرى تقبل الجامعات الطلاب في مختلف الاختصاصات بعد الرجوع الى المخططات التي تدرس كم الشركات والمعامل والقطاعات الاخرى وحاجتها للأيدي العاملة وبالتالي يتم توزيع الطلاب بحيث يتخرجون ليجدوا فرصا جيدة للتعيين ، ولكننا اليوم نرى غيابا حقيقيا لدور الحكومة في التفكير في كم الأجيال ممن يتخرجون سنويا لتتلقفهم المقاهي وزوايا المنزل، ومن وجد فرصة عمل منهم فقد زج في نفسه ضمن الأجهزة الأمنية فتساوى مع من لا يحمل شهادة جامعية .بينما يجب أن تقوم الحكومة بدراسة الواضع التعليمي في العراق وذلك بتعديل قانون التقاعد وجعل سنوات الخدمة لا تتعدى الخمسة والعشرين عاما وذلك لفسح المجال أمام الخريجين لإيجاد أماكن لهم في دوائر الدولة بدلا من المتقاعدين وكذلك تشجيع الصناعة الوطنية وترويجها من جديد وافتتاح المعامل التي أغلقت وفتح معامل وشركات جديدة ودعم الشركات الأهلية. هذا كله من اجل استيعاب اكبر عدد من الخريجين فيها ، حينها لن يضطر الأهل الى الضغط على أبنائهم في المرحلة الإعدادية وحبسهم في حلقة المدرسة والمدرس الخصوصي على مدى عام كامل واكثر فقط كي يحصلوا على معدل يؤهلهم لدخول الكليات ذات التعيين المركزي ، ولن يضطر الطالب الى التخلي عن أحلامه والتفكير بشكل واقعي فقط كي لا يقع في فخ البطالة .نعم نحتاج الى دراسة حقيقية لإنقاذ الأجيال الحالية والقادمة من قعر الإحباط .
دراسة لا تشبه التطبيق العملي
من جهة أخرى ناقش بعض من التقيناهم مشكلة اختلاف المواد التي يتم تدريسها في جامعاتنا مع التطبيق العملي في الحياة .
يقول (علي عبد الحر ) وهو مدرس لمادة الرياضيات :
ـ ما يؤخذ على جامعاتنا وأسلوب التدريس فيها هو اختلاف المادة التي تدرس فيها عن التطبيق العملي اذ تكون المواد التي يتلقاها الطالب في الجامعة صعبة ولا تتشابه مع التطبيق العملي في الحياة فيضطر الى التعلم بواسطة الخبرة والتعلم من الحياة العملية ولا يطبق مما درسه الا النزر اليسير بينما في باقي الدول يكون التعيين هو المكمل والتطبيق العملي لما درسه الطالب .
في حين توضح (إيمان الموسوي ) أستاذة جامعية في مجال الموارد البشرية:
ـ بعيدا عن كوننا أساتذة جامعيين فنحن كأولياء أمور ندفع أبناءنا ايضا في هذا الوقت للرضوخ لما نتمناه نحن وقد يحدث تصادم بيننا وبينهم ولا ينصاعون لما نريد كون المرحلة الإعدادية تعتبر مرحلة مراهقة وتمرد لدى الطالب ويحاول ان يطبق رأيه هو لا رأي من هم اكبر منه ، ولا يفهم حرص الأهل على انه حرص على مستقبله الوظيفي اولا كي لا يقع في المحظور وينضم الى قائمة العاطلين عن العمل ، ومع هذا لا بد من إيجاد حلول حقيقية تضمن للطالب تحقيق أحلامه الخاصة وضمان مستقبله الوظيفي ايضا .
وتختتم الحديث (ساجدة حمزة ) مديرة معهد المعلمات التي تؤكد بان اغلب طالباتها يعترفن بانهن التحقن بمعهد المعلمات نزولا عند رغبة الأهل بسبب حرصهم على بناتهم وخوفهم من الحياة الجامعية وعواقبها وكذلك من اجل ضمان التعيين عاجلا ام آجلا ولكن ما يحدث الآن هو تخرج أعداد كبيرة من المعهد مع ضياع فرص التعيين .
تلك الثلاثية التي تدور حول نفسها والتي تتمثل برغبة الطالب ورغبة ذويه وحكم القبول المركزي ما هي الا تقرير لمصير انسان في مرحلة انتقالية من حياته ، ذلك أن اختيار نوع الدراسة في كل أنحاء العالم يعتمد على رغبة الطالب ولكن ما مر ويمر به بلدنا من تخبطات جعلت من رغبة الطالب مجرد حلم يراوده ويراه كالسراب يتحسر عليه بعد ضياع العمر بعد أن تقف عدة حواجز أمامه بدءا من رغبات الأهل وصولا الى القبول المركزي وصدماته وانتهاء بصدمة ما بعد التخرج وضياع فرص التعيين وهذا كله لا يحتاج سوى الى دراسة عميقة وفاعلة لاتخاذ سبل جديدة وفعالة من أجل تحقيق رغبات الطلاب وتخريج دفعات من الطلبة يختصون في كل ما يحبونه لا ما يحبه الآخرون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram