اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مقتولون شيوخ وقتلة فضائيون

مقتولون شيوخ وقتلة فضائيون

نشر في: 6 يناير, 2015: 09:01 م

تدلنا أقوال الفلاسفة والحكماء والسياسيين أحيانا الى مداخل هامة في ما نكتب ونتوجه، ولعل تعجب أحدهم حين مرَّ على قبر أحد الزعماء، وقرأ على شاهدته عبارة (هنا يرقد السياسيُّ المحنك والحاكمُ الصادقُ) بقوله : عجبت كيف يدفن الاثنان معاً، يقصد السياسة والصدق! نستحضر هذه ونحن نسمع محافظ البصرة يتوعد بالضرب بيد من حديد على العصابات التي تستهدف امن المواطن واهل السنة والأقليات بخاصة، وكان موقع خاص بالمحافظ أعلن بعد الحادثة بيوم أو يومين بان التحقيقات الأولية في قضية مقتل المشايخ الأربعة في الزبير قد اكتشفت الخيوط التي ستدل على مصدر الفاعلين القتلة. سنتفاءل إذن، ونبعد عن أذهاننا فكرة القاتل الفضائي !
ولأننا، -أبناء البصرة، المدينة التي ابتليت بالقتل العمد المجهول، والتفنن به، والتوقيت المناسب وغير المناسب، والمكان المناسب وغير المناسب ايضاً- شهود على عشرات المقاتل هذه منذ العام 2003 حتى اليوم سنقرأ بيان حكومة البصرة بموجب الحكمة تلك ونكتفي بالقول: السياسة والصدق لا يجتمعان في الحاكم. ففي ذلك سلامة لعقولنا.
ولكي لا نظلم رجال الحكم عندنا في البصرة نقول: بان البلاد كلها تخضع للمعيار هذا. ولأننا بصدد الصدق أورد حكاية وقعت لي أيام كنت اقدم برنامجا حواريا في محطة راديو، قبل العام 2008 وقد التقيت قائد الشرطة آنذاك، وكانت حوادث القتل ضد اهل السنة والمسيحيين والصابئة قد استشرت. كان سؤال قد ورد ضمن الأسئلة الكثيرة: ترى من هو القاتل المجهول هذا ؟ فظل يتلفت يمينا وشمالاً، مرتبكا، محرجاً، يبحث عن جواب مقنع لي. وفي دوامة حرجه جاءه المنقذ من الصدق، بإشارة من ضابط كبير، كان يجلس معنا في مكتب القائد. كانت الاشارة أنْ لا جواب للسؤال هذا. وهنا صمتُّ وخرجت مكتفيا بما في صوته من غرغرة وحشرجة. إذ لم تكن مفردة فضائيين قد ولدت بعد .
قضيتان خطيرتان تسببتا في ما يحدث للعراقيين من ويلات، الاولى عدم الكفاءة والثانية الكذب. وهنا نجد توأمة وملازمة عدم الكفاءة مع الكذب امرا طبيعياً، ذلك لأن الضعيف يقول ساعة هزيمته بانه كاد ان يطيح بخصمه، لولا انه وجد ذلك مستعصياً. وبتنا على يقين بأن الفاشل والكاذب يمثلان حياتنا، وهكذا اوقعنا حكامنا في ما نحن عليه. إذ من غير المعقول تسجيل مئات حوادث القتل التي وقعت وتقع في العراق ضد فضائيين ومجهولين؟ ومن غير المعقول أيضا بقاء المجهولين هؤلاء فضائيين الى الأبد. ومن حيث الأداء والسلوك هذين فقد انعكس الواقع على أداء الاجهزة الأمنية، لأنها وجدت نفسها غير ملزمة أو مطالبة بالكشف والتحري والتوسع في التحقيق، طالما أن السلطات العليا تعلم أو لا تعلم، وتكذب . ولو أجرينا مسحاً وثائقيا على مئات اللجان الأمنية التي تشكلت وظلت تتشكل الى اليوم لعثرنا على ملفات لا تشير الى شيء، ملفات فضائية ايضاً.
بقاء جملة المجاهيل في حياتنا وراء استمرار المقاتل لأهلنا جميعاً، وما يحدث في البصرة لأهل السنة لا يختلف عن ما يحدث لأي مكون في أي مكان. قد تكون القاعدة وراء مقتل المشايخ الاربعة، بحسب ما تيسر من اخبار، وقد يكون غيرهم. والحال في بغداد وديالى والرمادي وبقية المدن العراقية لا يختلف عن ما يحدث في البصرة، التي تشير تقارير أخيرة فيها الى تعرض ابناء الطائفة المندائية الى التهديد بالقتل ومطالبتهم بالهجرة والرحيل. مسلسل لا يتوقف ، فلا يظننَّ أحدٌ انه بمنجى من ذلك، حتى وإن كان من الطائفة الأكبر، لأنها ستنشطر، وهي منشطرة طوليا أساساً، كما يعلم الجميع، وستخرج من بينها طائفة من الناس بينهم من يهدد بالهجرة وينفي ويقتل. هذا إذا ظلت سجلات القتل تسجل ضد مجهولين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram