TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رسالة جعفر العسكري الى الغراوي

رسالة جعفر العسكري الى الغراوي

نشر في: 6 يناير, 2015: 09:01 م

جعفر العسكري، محمد رضا الشبيبي، كامل الجادرجي، ساسون حسقيل، جعفر ابو التمن، ياسين الهاشمي، توفيق السويدي، هؤلاء الكبار ربما لا يعرف الجيل الجديد حتى أسماءهم جيدا.. ولايتذكر البعض وجوههم، يطلون علينا كلما تعرض البلد الى محن واهوال كى يذكرونا بأننا نستطيع أن نتكاتف ونهزم مشاكلنا حتى ولو بدت تافهة، كمشكلة اللامبالاة التي زحفت على نفوس العديد منا، أو بدت مستعصية كالتدهور الامني أو مشكلة تراجع مستوى التعليم والصحة والخدمات العامة.
كلها مشاكل تراكمت علينا..وأصبحنا نحوم حولها.. نتكلم.. نتعارك.. ونتاجر فيها ويكسب البعض منها ثروات طائلة..بينما تعانى الأغلبية من الإهمال والفساد والرشوة.. هذه المشاكل كبيرها وصغيرها.. نملك نحن حلولها، لكننا ياسادة استغرقتنا فى برامج" الردح السياسي" واصبحنا نشاهد وجوها غابت عنها ملامح الطيبة والتسامح والاهم المعرفة، وجوها تدعي بطولات زائفة واكاذيب ملونة، حفظنا أصواتهم ووجوههم.. وضجرنا من تكرار أحاديثهم.
بالامس وانا اتابع المواقع الالكترونية التي ضجت بخطب وبيانات لساسة ومسؤولين يتحدثون عن الجيش ويتغزلون بماثره، تساءلت مع نفسي أين جعفر العسكري؟ الرجل الذي قدم حياته قربانا من اجل ان يبقى الجيش خارج حلبة السياسة، يكتب الى الملك فيصل الاول:" في النظام البرلماني اجد ان من واجب الجيش ان لايدخل لعبة الصراعات السياسية التي لا تهدأ ولا تستكين"
عندما كنا ننتقد أداء الأجهزة الأمنية ونطالب بالحفاظ على قيمة الجيش والقوات الأمنية، فهذا لأننا نريد جيشا وطنيا يكون للعراق والعراقيين جميعا بعيدا عن الانتماءات الحزبية، لا جيش يخرج فيه فريق ركن مثل الغراوي يتحدث عن الارهاب والامن كانما يجلس على رصيف مترب ..كنا ننتقد الجيش لأننا ندرك جيدا خطورة أن يتورط في لعبة السياسة، فيصير طرفا في معارك يمكن ان تحل بلغة الحوار لا بلغة الحروب.
لقد كانت الجريمة الأكبر التي ارتكبها بعض المسؤولين هي توريط القوات الأمنية في لعبة السياسة واستخدامها في قمع المناوئين لهم، تحت شعارات الحفاظ على أمن الوطن وفرض هيبة القانون.
اليوم من حقّنا أن نطالب بجيش وطني يتصدّى لعصابات داعش والقاعدة، وسنفخر به أكثر حين نجده يقف بوجه المليشيات الطائفية وعصابات الجريمة المنظّمة التي انتشرت في مدن العراق، في هذه اللحظات علينا جميعا أن نقف احتراماً وتقديراً لكل جندي قرر أن يتصدّى لسرطان القاعدة، وعلينا أن نكشف زيف القادة الذين هربوا من ساحة المعركة.
كان جعفر العسكري شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الحروب وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين أصبح السيد الأول في وزارة الدفاع ظل شجاعا في الدفاع عن استقلال المؤسسة العسكرية، لم ينحز الى طائفته، لكنه انحاز بشدة إلى عراقيته، حتى قال عنه تشرشل يرثيه: لقد تم تأسيس الجيش العراقي بادارة جعفر باشا العسكري،ولا أعلم فيما اذا كانت اللجنة تتذكر السيرة الرومانتيكية لهذا الرجل، ولاشك عندي ان زميلي عضو مجلس العموم السر سي تاونسند على معرفة جيدة بها، لقد بدأ الحرب يقاتل ضدنا وحصل على الصليب الحديدي الالماني، ثم جاء الى الصحراء الغربية حيث تولى قيادة جيش السنوسي ضدنا، وخاض فيما اعتقد، ثلاث معارك انتصر في اثنتين منها، لكنه في نهاية الامر ادرك ان حروب بناء الاوطان اهم وابقى من حروب الصحراء ولهذا ظل مخلصا لمبادئه امينا على مستقبل بلاده "
ايها السادة لانريد في الحظة الحرجة من تاريخ العراق ان ننسى، أن في هذا المكان – وزارة الدفاع – وقبل 94 عاما كان هناك مقعدا جلس عليه رجل عراقي اسمه جعفر العسكري لم يتحدث يوما بلغة الطائفية والمحسوبية وإنما بلغة أهل العراق جميعا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. داخل السومري

    ان وضع بلدنا اليوم هو اسؤ بكثير من وضعه في زمن جعفر العسكري.وهذا الوضع السئ ينعكس بطبيعة الحال على الجيش العراقي ومعنوياته.والسبب في هذا هو الطائفية المقيته.فالسني لا يثق في الشيعي والشيعي لا يثق في السني, وهذا مرض مستأصل في الشعب العراقي لا يمكن الخلاص م

  2. حنا السكران

    ولا تنسوا رجاءا ابنته ميادة التي سجنها صدام وعانت شضف العيش ولا اعتقد انها استلمت فلسا كسجينة سياسية او ابنة قائد عسكري مؤسسا للجيش العراقي مثما خرج مجرمون من السجون بتهم الاختلاس واصبحت تهمهم سياسية

  3. داخل السومري

    ان وضع بلدنا اليوم هو اسؤ بكثير من وضعه في زمن جعفر العسكري.وهذا الوضع السئ ينعكس بطبيعة الحال على الجيش العراقي ومعنوياته.والسبب في هذا هو الطائفية المقيته.فالسني لا يثق في الشيعي والشيعي لا يثق في السني, وهذا مرض مستأصل في الشعب العراقي لا يمكن الخلاص م

  4. حنا السكران

    ولا تنسوا رجاءا ابنته ميادة التي سجنها صدام وعانت شضف العيش ولا اعتقد انها استلمت فلسا كسجينة سياسية او ابنة قائد عسكري مؤسسا للجيش العراقي مثما خرج مجرمون من السجون بتهم الاختلاس واصبحت تهمهم سياسية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram