في معسكر التاجي شمالي العاصمة بغداد، استقرت وحدات من الجيش الاميركي بعد غزو العراق ، واول انجاز حققته كان بانشاء "سجن الحوت " خصص لحجز المعتقلين" بموجب الادلة السرية" مصطلح اميركي اطلق على خبراء واكاديميين من حملة الشهادات العلمية العليا ومنتسبي التصنيع العسكري ، استدعتهم فرق التفتيش ، وبعضهم تم تسفيرهم الى مقر الامم المتحدة في نيويورك لغرض الاستجواب والحصول على المعلومات عن اسلحة الدمار الشامل واعادتهم الى بغداد.
في الدورة التشريعية الاولى وعن طريق لجنة حقوق الانسان توفرت معلومات عن المحتجزين وكانت عضو المجلس زكية اسماعيل حقي اول من اشارت الى احتجازهم عبر تصريحات اعلامية وطالبت بتسليمهم الى السلطات العراقية ، لكن صوتها لم يصل الى الهدف وربما اطلقته في الوقت غير المناسب فلم يصل الى اصحاب القرار ، وفي ذلك الوقت كان الحل والربط بيد القوات الاميركية ، والحكومة عاجزة عن فرض ارادتها ، وبعد يوم السيادة تسلمت من الجانب الاميركي "سجن الحوت" وكان يضم مئات المعتقلين ، ولم يكن بينهم معتقل بموجب الادلة السرية.
طبقا لمعلومات حصل عليها اعلاميون من اشخاص مقربين من المحتجزين فان اعدادهم بلغت 219 شخصا ، بينهم ضباط برتب عسكرية عالية ، كانوا يعملون على برامج تصميم طائرة انذار مبكر ، واخرى لاغراض الاستطلاع ،اما الاخرون فهم من اساتذة الجامعات اصحاب تخصصات علمية مختلفة ، وكل هؤلاء تم تسفيرهم الى الولايات المتحدة مع اسرهم ، من دون علم ومعرفة السلطات العراقية.
بصرف النظر عن الاقوال السائدة والمتداولة من قبيل ازلام النظام السابق ورجال العهد المباد ، ورفاق الحزب المحظور، كان الاجدر بالحكومة واصحاب القرار التعامل مع الكفاءات العلمية بنظرة مجردة من اي بعد سياسي ، وحين شهدت المدن العراقية حوادث اغتيال طياريين عراقيين دعا الرئيس السابق جلال الطالباني لمن حالفه الحظ بالحفاظ على حياته من الطيارين الى التوجه لمحافظة السليمانية في اقليم كردستان ، ولا شك ان تكرار حوادث الاغتيال بوجود القوات الاميركية وصلت اخبارها الى المحتجزين بسجن الحوت ، وهذا ما شجعهم على الاستجابة للطلب الاميركي بالتوجه الى الولايات المتحدة ، استنادا الى قاعدة "نارك ولا جنة هلي" .
الحكومة العراقية وعلى لسان كبار مسؤوليها لطالما طالبت المجتمع و التحالف الدولي تزويدها باحدث المعدات والاسلحة العسكرية لمساعدة بغداد في حربها ضد الارهاب ، وانفقت ملايين الدولارت لتدريب طيارين في الخارج ، وفي المؤتمرات الصحفية المشتركة بين المسؤولين العراقيين وضيوفهم من العرب والاجانب ، تتجدد المطالبات بتقديم المزيد من الدعم العسكري للقوات المسلحة لكي تسهم في تنفيذ واجباتها بنجاح وتحقق انجازات على الارض ، فضلا عن التشديد على مضاعفة الطلعات الجوية ، لقصف معاقل الارهابيين ، وقطع طرق امداداتهم،خلاصة القول وبنظرة مجردة فقد العراق كوادر علمية من الاطباء واساتذة الجامعات ابتلعهم الحوت ، وانقطعت اخبارهم .
بلعهم الحوت
[post-views]
نشر في: 7 يناير, 2015: 09:01 م