في خضم القتال الدائر منذ أشهر في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، بين الجيش وتحالف من المجموعات المسلحة، يبدو الجيش حتى الآن عاجزا عن حسم هذا الصراع رغم سيطرته على مساحات واسعة من المدينة.
فبنغازي التي كانت مهد الاحتجاجات ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي،
في خضم القتال الدائر منذ أشهر في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، بين الجيش وتحالف من المجموعات المسلحة، يبدو الجيش حتى الآن عاجزا عن حسم هذا الصراع رغم سيطرته على مساحات واسعة من المدينة.
فبنغازي التي كانت مهد الاحتجاجات ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، باتت الآن واحدة من أكثر المدن الليبية غرقا في الفوضى، والصوت الأعلى بها للسلاح، حالها حال عدة مناطق أخرى مثل العاصمة طرابلس وسرت والهلال النفطي.
ورغم أن نحو 70 % من مساحة بنغازي تحت سيطرة الجيش، فإن الأخير فشل حتى الآن في إخماد صوت المجموعات المسلحة لعدة أسباب، تختلف - من وجهة نظر الصحفي الليبي مالك الشريف - باختلاف المناطق المتنازع عليها في المدينة.
ومازال الجيش الليبي حديث المنشأ محدود الإمكانات، يكافح لاستعادة منطقة الصابري وحي الليثي من قبضة مجموعات "متشددة"، أطلق عليها اسم "مجلس شورى ثوار بنغازي"، لكنها اتحدت مؤخرا تحت مسمى "تنظيم الدولة".
"ففي منطقة الصابري وسوق الحوت هناك انتشار كثيف للقناصة التابعين للمجموعات المسلحة، فوق أسطح المباني، وهو أمر يجعل اقتحام هذه المناطق من قبل الجيش أمرا صعبا"، حسب الشريف.
وتقع منطقة الصابري شمالي مدينة بنغازي، وقد هجرها معظم سكانها بسبب تدهور الوضع الأمني، وهي قريبة من الميناء الذي يمكن أن يمد المجموعات المسلحة بالمقاتلين والأسلحة، لا سيما من المدن الغربية، ومن شأن ذلك أن يطيل أمد القتال.
ويضيف الصحفي الليبي لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الجيش يحقق تقدما كبيرا في منطقة الصابري، لكنه حتى الآن عاجز عن اقتحام المنطقة بسبب انتشار القناصة والسلاح".
أما حي الليثي، الذي يتمركز به المسلحون ولا يزال محل نزاع بينهم والجيش، فلم يشهد حركة نزوح بسبب حداثة النزاع به، ولهذا يرى الشريف أن اقتحامه أو قصفه من قبل الجيش "أمر صعب للغاية، فهناك كثافة سكانية من بين الأعلى في بنغازي".
وفي هذه المنطقة يستعرض المسلحون قوتهم بأعمال عدائية تجاه أنصار الجيش، كان آخرها قبل أيام بذبح شباب واقتحام وحرق منازل يقولون إنها لمؤيدين لعمليات الجيش.
كما يلقي الشريف باللوم على البرلمان والحكومة، بسبب ضعف دعمهما للجيش الذي يتسم أصلا بالهشاشة، كما أن "وزارة الداخلية قصرت بسبب عدم نشر قوات الأمن في المناطق التي يسيطر عليها الجيش لضمان عدم عودة المسلحين لها".
ويختم: "هناك سبب آخر لعدم انتهاء الجيش من السيطرة بالكامل على بنغازي، هو تشتت تركيز قواته في عدة عمليات بمدن أخرى، منها درنة القريبة، علاوة على محاولاته لصد الهجمات على منطقة الهلال النفطي، التي يسعى المسلحون للسيطرة عليها".
ومنذ سقوط نظام القذافي في 2011 تفشل المحاولات الليبية للتوافق على حكومة تتمكن من بناء أجهزة أمن قوية، وأدى ذلك إلى انتشار الميليشيات وسعي كل منها للحصول على نصيب من موارد البلاد الغنية بالنفط، باستخدام السلاح.
من جانب اخر أعلن "تنظيم الدولة" نفسه رسمياً في ليبيا، كاشفاً عن توسيع عملياته في البلاد، ونشر صوراً لما قال إنها عمليات قامت بها عناصره ضد الجيش الليبي في منطقة الليثي، التي تعد آخر معاقله في مدينة بنغازي، وفقاً لما ذكرته مصادرنا.
وقال التنظيم، في بيان نشر على موقع تابع للجماعات المتشددة، إن ما سماها "سرية القنص" التابعة له، قامت بقتل 12 عنصراً من الموالين للجيش الليبي بحي الليثي، مشيراً إلى أنه يمتلك صواريخ وأسلحة متطورة في ليبيا.
وأضاف تنظيم "داعش" الليبي أنه قتل أيضاً 29 عنصراً من مؤيدي الجيش الليبي في وقت آخر من هذا الأسبوعـ ضمن تقرير أسبوعي تحدث عن عملياته خلال هذا الأسبوع.
كما أظهرت صور بثها الموقع امتلاك التنظيم، الذي لم يعد يجد حرجاً في الإعلان عن نفسه بشكل يومي في ليبيا، امتلاكه لصواريخ "سي 5".
وكان التنظيم تبنى قي وقت سابق مسؤوليته عن تصفية 15 جندياً في الجنوب الجمعة الماضي، وهو ما دفع الحكومة الليبية إلى إعلان حالة الاستنفار الأمني، ودعت المجتمع الدولي إلى رفع الحظر المفروض على واردات السلاح، كي تتمكن من قتال من وصفتهم بالإرهابيين.
وكانت المواجهات بين الجيش الليبي والميليشيات المسلحة احتدمت مؤخراً من أجل حسم المعركة.
وفي وقت تسيطر فيه القوات الحكومية على معظم مناطق الشرق، تستمر الاشتباكات على أشدها في المدن الغربية، وفي مقدمتها العاصمة طرابلس.
وتسيطر القوات الحكومية على مدينة طبرق، وهي المقر الرئيسي لمجلس النواب المنتخب، والبيضاء حيث مقر الحكومة المعترف بها دوليا ولجنة صياغة الدستور، وبنغازي، ثاني أكبر مدن البلاد، باستثناء حيَي الليثي والصابري، وإجدابيا، ومدن البريقة ورأس لانوف والسدرة.
بينما تسيطر الجماعات المسلحة على مدينة درنة، وهي معقل هذه التنظيمات، وأبرزها أنصار الشريعة وتنظيم الدولة، كما تسيطر على سرت ومصراتة وطرابلس وصبراتة.