اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > عروض مالية من المواطنين لموظفي (دار المسنين) من أجل إيواء ذويهم

عروض مالية من المواطنين لموظفي (دار المسنين) من أجل إيواء ذويهم

نشر في: 9 يناير, 2015: 09:01 م

 لم يخطر في بال " أبو مهند "  أن يقضي ما تبقى من سني حياته في (دار المسنين) بعد أن عاش مع أسرته أوقاتاً جميلة وهانئة لن تنسى ، يوم كان بمركز اداري كبير في إحدى المؤسسات الأهلية  يدر عليه أموالا كثيرة جعلت منه ينعم برعاية افراد عائلته و

 لم يخطر في بال " أبو مهند "  أن يقضي ما تبقى من سني حياته في (دار المسنين) بعد أن عاش مع أسرته أوقاتاً جميلة وهانئة لن تنسى ، يوم كان بمركز اداري كبير في إحدى المؤسسات الأهلية  يدر عليه أموالا كثيرة جعلت منه ينعم برعاية افراد عائلته وعنايتهم ، الا ان الامور تغيرت بعد خروجه من العمل لكبر سنه حيث توقف راتبه  لتبدأ مرحلة جديدة من حياته واجه فيها عقوق أبنائه وإهمال زوجته التي قررت طرده من الدار ولم تشفع وساطات الاهل والاقرباء والاصدقاء  فكان الحل ان يسكن في احدى دور المسنين التي ظلت أبوابها مغلقة بوجهه بسبب اجراءات ادارية ، الامر الذي دفع بعض اقاربه لشراء سرير له في دار المسنين من اجل ان يقضي ما تبقى من سني حياته فيها.. حكاية ابو مهند واحدة من عشرات القصص التي تضمها جدران دور المسنين التي دخلناها لنروي حكايات البعض منها مؤلمة تكشف جحود الأبناء .

 

 
بيع دار السكن وتوزيع الإرث 
نبيل عبد الوهاب 69 عاماً يسكن في دار المسنين نفسها فى الصليخ يشير لـ( المدى ) أنا من منطقة شارع عشرين في ألاعظمية وغير متزوج وعملت أعمالا حرة طوال حياتي وبسبب بيع دار السكن والممتلكات العائدة لنا تم توزيع ألإرث. 
وقد تم بيع جميع الأملاك الخاصة بالعائلة وانا أصبحت وحيداً وبسبب المشاكل المتواصلة مع الإخوة قررت أن الجأ إلى هنا وهذا القرار لا بديل عنه كوني غير قادر على دفع الإيجار في هذه الظروف . نبيل يوضح أحنُّ للأصدقاء والمنطقة وأقوم بين فترة وأخرى لزيارتهم والجلوس في المقهى لأستذكر ذكريات الماضي والأحبة ، وأن وضعه أفضل بكثير من بعض الذين عاشوا معه في الدار نفسها كونهم غير قادرين على الخروج بسبب وضعهم الصحي وعدم وجود تواصل للأهل والأصدقاء معهم . 
مجيد باقر من منطقة الكاظمية 68 عاماً يسكن فى الغرفة المجاورة يروي لـ( المدى ) وهو يشكو من ضعف النظر: أنا أعيش منذ فترة طويلة فى دار المسنين فى حين كنت اعمل في إحدى المهن المهمة فى منطقة الكاظمية وبسبب المشاكل العائلية وصل الأمر بي الى هذا الحال . مجيد يقول: لم يزرني أحد منذ فترة طويلة وانا لا اعرف أي شيء عن مصير ألأقرباء والأهل والأخوة والأخوات ولم يسأل عنى أحد عكس ما موجود هنا من الأصدقاء يزورونهم الإخوة والأخوات والأصدقاء والأقرباء والعكس غير موجود ،إذ يئس من حضور احدهم، بل يوجد هنا العديد تركهم أولادهم من دون سؤال أو حتى هاتف !
طلـَّق إحداهن وهجرته الأخرى
أبو كرار هو الآخر يوضح لـ( المدى ) أنه يتألم حينما يستذكر خلافاته العائلية مع زوجتيه وطلاق إحداهن، والأخرى هجرته بسبب عدم احتضانهما له بعد إفلاسه، في البيتين اللذين اشتراهما من أمواله لهما أيام الخير ما سبب له أزمة نفسية كبيرة دعته إلى تركهم جميعاً والسفر خارج البلاد ليعود بعد فترة طويلة عسى أن يجد ملاذاً أمناً لكن من دون جدوى وسكنت في بيوت أخواتي الخمس اللواتي كنّ يتناوبن على خدمتي بمودة وطيب، ويؤكد سكنت بدار المسنين قبل أربع سنوات لعدم راحتي لدى أخواتي بالرغم من إلحاحهنّ عليَ ورفضهن وأبنائهنَ ذلك وحرصت على ألا يعرف أصدقائي القدامى وأقاربي بذلك".
ويختم أبو كرار حديثه، بالإعراب عن الراحة والاستقرار في دار المسنين حيث لم ينقطع عني أبناء أخواتي لكن أربع سنوات مرت من دون أن يزورني ابني أو إحدى بناتي الثمان ولا زوجتي الكبيرة ، وأكتفي بالقول: هذا هو مصيري .
أحترم خصوصية وحرية الإخوة والأخوات
المواطنة خالدة 62 عاماً إحدى ساكنات الدار وهي من سكنة حي تونس القريبة من موقع تواجدها تقول لـ( المدى ) نحن عائلة معروفة وجميع أفراد العائلة من الحاصلين على الشهادات العليا وأنا حاصلة علي شهادة بكالوريوس في الشريعة عام 66-67 من جامعة بغداد تبرر وجودها لاحترام خصوصية وحرية أفراد العائلة من إخوتي وأخواتي كوني امرأة كبيرة ومسنة وعادة استيقظ مبكراً وربما تكون حركتي في الصباح مزعجة لهم ولكي لا أُسبب حرجاً للأخ والأخت أو لزوجته أو لزوجها والجميع يمتلكون دوراً خاصة بهم، لهذا كان قراري أن أدخل في هذه الدار التي وفرت لي جميع مستلزمات الراحة والعناية . 
وفي سؤال لـ( المدى ) عن طبيعة العلاقة بين أفراد العائلة الآن؟ تجيب وهي مبتسمة إن علاقتي الآن كإحساس أفضل بكثير من السابق كون الجميع يزوروني وعلى تواصل معي، بل الأجمل من هذا تواصل الأحفاد . خالدة تشير مضى على وجودي هنا وقت طويل ونعيش ونشارك الجميع بأفراحنا وهمومنا بالرغم من وجود ألم لبعض الزميلات التي فقدت معظم أفراد العائلة وهنا حسب وصف خالدة قصص وحكايات لكن والقول لخالدة إدارة الدار استطاعت أن تخفف علينا الكثير من الهموم من أوصلهم الحال إلى قضاء بقية العمر تحت رعاية الدولة.
الفرحة عند سماع نبأ وفاة والده وهو برتبة لواء
مديرة دار المسنين فى الصليخ أنعام البدري توضح لـ( المدى ) أن هناك العديد من كان يسكن الدار لهم القدرة على العيش في بيوت أولادهم أو بناتهم ولهم أملاك أيضا وتروي حادثة عندما كان يعيش في دار الرشاد شخص مسن متقاعد برتبة لواء وابنه ايضاً يحمل رتبة لواء وهو منتسب فى إحدى الوزارات الأمنية المهمة يقوم بزيارة والده كل شهرين وبعد فترة انقطع عن زيارة والده وحين حضر وسأل عنه قدَّمت له ألتعازي لوفاة والده كطريقة لإخباره لكن المستغرب أنه خرج فرحاً كأني زفيت له البشرى !
وعن أسباب الارتفاع الحاصل في إيواء المسنين أوضحت البدري أن التطور المادي الحاصل للمجتمع العراقي قد أسهم بشكل واضح في تفكيك العوائل التي كانت معروفة بامتدادها ونتيجة الظروف الخاصة لكل عائلة وهي معروفة للجميع والتي عاشها ويعشها المجتمع العراقي خصوصاً النزاعات المسلحة التي خاضها ولا يزال يخوضها وهذا أمر وارد في أي مجتمع يشهد نزاعات مسلحة تكون هناك أثار سلبية في المجتمع ليصل الأمر إلى عقوق الأبناء لآبائهم وأمهاتهم .
صلاحية الوزير الاستثناء من شرط العمر
وفي سؤال لـ( المدى ) عن أهمية وجود ضوابط محددة لإيواء المسنين؟ أوضحت أنعام أن تلك الضوابط محددة يكون بها شرط العمر و65 عاماً للمسن و55 للمسنة ولكن الصلاحية الممنوحة للوزير خولت الاستثناء من شرط العمر والحالة هي احد الأسباب التي تحرج الوزارة والدائرة . (المدى) وأثناء زيارتها إلى دار رعاية المسنين في الصليخ شاهدت مدى الاهتمام من ناحية الخدمات الفندقية المقدمة والطعام للساكنين في الدار .
أنعام أشارت إلى أن جميع المستفيدين في دار المسنين هم أبناء هذا البلد ولهم الحق في العيش بكرامة وعزة ومن بين هذه الحقوق هو ما يقدم لهم داخل دور المسنين ولكن بقي أن نقول أين هو الجانب الإنساني؟ أين حقوق الوالدين لتصل إلى حالات غريبة وعجيبة ؟ أنعام نروي لـ(المدى) أن أكثر الحالات التي تأثرت بها حين كنت أعمل مديرة دار المسنين في الرشاد فالصور والقصص التي ينقلها لنا القائمون على الدار أشبه بالخيال، فالدار تضم وعلى فترات متعاقبة الطبيب والمهندس والمعلم والمدير العام والتاجر والفنان برغم أن الكثير منهم لهم أولاد وبنات.
رمى الأم أمام الــدار
أحد أفراد الشرطة المكلفة بحماية الدار وعند معرفته أننا من جريدة (المدى) روى لنا حكاية رسخت بذهنه حتى الآن ليلخص لنا الحال المأساوي الذي يعيشه المجتمع العراقي من تتدهور حينما جاء رجل ومعه زوجته يصطحبان امرآة طاعنة في السن و قال (إنها أمه لإيداعها دار المسنين) فطلبت آنذاك الإدارة بورقة إحالة من دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة في الوزارة ، خرج وتركها في باب الدار ليبلغني أنه سيذهب لجلب سيارة (تاكسي) ولم يعد وترك والدته في باب الدار فما كان منا إلا إدخالها بعد الاتصال هاتفياً بدائرة رعاية ذوي الاحتياجات علماً أن المرأة (العجوز) لم تحمل أية ورقة ثبوتية وكانت غير قادرة على الكلام وأن حرارتها مرتفعة وفي الليلة ذاتها ساءت حالة تلك المرأة فاضطررنا لنقلها إلى المستشفى، وبعد ساعات من دخولها المستشفى توفيت تلك المرأة العجوز المجهولة !
يقدم التبرعات ويتكفل بدفن الموتى
أنعام البدري أشادت بجهود بعض الخيرين الذين يرفضون الكشف عن أسمائهم من خلال تقديمهم التبرعات المتواصلة إلى من في الدار من النساء والرجال إضافة إلى تكفلهم بمراسيم ودفع تكاليف الدفن لحالة الوفاة التي تحدث خصوصاً هم من كبار السن (المدى ) طرحت تساؤلا: هل تقوم إدارة الدار بإخبار ذويهم في حالة الوفاة ؟ أجابت أنعام بعد أن استنشقت نفساً عميقاً لقصص كثيرة تروي العديد من الحالات، أقوم بإخبار ذويهم لكنهم لا يرغبون بالحضور ، التطور المادي في المجتمع قلل من القيم الاجتماعية!
إغراء الموظفين بمبالغ طائلة من أجل إيواء آبائهم
الباحث الاجتماعي حمزة عبد الرزاق 31 عاماً يعمل في هذا المجال منذ عامين يوضح لـ( المدى ) أن الزيادة في عملية إيواء المسنين من الرجال والنساء بارتفاع شديد ليصل الأمر إلى إغراء الموظفين بمبالغ طائلة من اجل الحصول على الموافقة وقد عرضت إحدى المواطنات مبلغ 2000 دولار من اجل الحصول على موافقة إيواء لوالدتها كونها تريد أن تهاجر من البلاد حسب إدعاء المواطنة . حمزة يقول إن طبيعة الخدمات المتوفرة في الدار قد طمأنت الكثير للحصول على مكان أمن لاسيما أنهم أحرار في الخروج والدخول وفق التوقيتات والضوابط المثبتة في الدار كذلك حرية زيارة الأصدقاء والأقرباء لهم وطبيعة الخدمات الفندقية والطبية ووسائل الراحة .
خدمة فندقية وطعام ورعاية صحية
حمزة أشار إلى أن الدار معنية في دراسة كل حالة كما تقوم بتوفير خدمات صحية تتمثل بالإشراف الصحي المستمر من قبل طبيب ومعاون طبي منسبين للدار من قبل قطاع الدهاليك مع توفير أدوية الأمراض المزمنة ، وهناك خدمات نفسية واجتماعية يتولاها قسم متخصص في البحث الاجتماعي ، وعن الخدمات الأخرى تتمثل بتخصيص مصروف "جيب" للمسنين قدره (60 الف دينار) شهريا وهناك مقترح بزيادته أسوة بالمستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية التي تمنح 100 إلف دينار وهذا لا يشمل المتقاعدين المتواجدين في الدار والهدف طبعا تلبية ما يحتاجه النزيل من احتياجات.
10/1 يوم المسن العالمي
الدكتور محيي الدين جهاد يوضح لـ(المدى) أن تعريف شخصية (المسن ) متقلب المزاج وتكون سلوكياته محكومة بظروف حياته أو نمط شخصيته لذلك نجد انه يصعب عليه تغيير أسلوب حياته اليومية، وهو ما قد يتسبب في تسرب شعور إلى داخله بأننا لا نحبه، فيرفض التكيف مع هذا الوضع الجديد الصعب على حياته الحالية. وفي هذه المرحلة من عمره يتملكه الشعور بالوحدة والخوف والكآبة ويكون وضعه أحوج ما يكون فيه إلى الرعاية والعطف، وعندما يصبح كثير الشكوى والعصبية الدائمة والميل الى افتعال المشكلات حتى يثير الانتباه ولسان حاله يقول (أنا موجود). محيي أشار إلى أن العالم يحتفل في يوم 1/10 من كل عام بيوم المسن العالمي وقد وجهت العديد من المنظمات الدولية رسائل إلى أهمية الاهتمام بهذه الشريحة ومن أهم الرسائل التي تقدم للمسن بأهمية الحفاظ على الصحة الجيدة مع التقدم في العمر والتعامل السليم مع التغيّرات التي قد تحدث. التوعية بأهمية تزويد كبار السن بالقدر نفسه من الرعاية الوقائية والعلاجية، والتأهيل الذي تحصل عليه الفئات الأخرى.التركيز ولفت الانتباه إلى طرق التعامل السليمة مع قضايا المسنين التي ينبغي إتباعها سعياً إلى ضمان حصول الجميع على حقه.
دور أهلية لإيواء المسنين لقاء مبلغ
المواطن مرتضي سلمان أوضح لـ(المدى ) أن هنالك عدد من دور أبوة المسنين ألأهلية قد تم افتتاحها وهي مجازة من قبل وزارة العمل تقوم بايواة المسنين من الرجال والنساء لقاء مبلغ يتجاوز 400 الف دينار شهرياً لكن وفق شروط محددة لاتتوفر عند دور رعاية المسنين في الحكومية إذ يمكن إن يبقي المسن لفترة طول العمر كذلك عامل التغذية والتواصل مع العائلة بشكل دوري . سلمان بين أن طبيعة الخدمات المقدمة فى دور المسنين ألأهلية محدودة طبيعة الخدمات المقدمة وهذا مالا يرغب بة البعض لغرض ايواة أقربائهم ويفضلون دور الدولة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد ريحان

    المسنين من الفئات المهمشة في المجتمع. و بالتالي هم اولي بالرعاية و دور إيواء المسنين علي الرغم من أنها تقوم بخدمات جليلة في خدمة ورعاية كبار السن و الحرص علي قضاء حياة كريمة لكبار السن في الأيام الباقية من حياتهم في هذه الدور الا أننا دائماً نتذكر الجزء ا

  2. محمد ريحان

    المسنين من الفئات المهمشة في المجتمع. و بالتالي هم اولي بالرعاية و دور إيواء المسنين علي الرغم من أنها تقوم بخدمات جليلة في خدمة ورعاية كبار السن و الحرص علي قضاء حياة كريمة لكبار السن في الأيام الباقية من حياتهم في هذه الدور الا أننا دائماً نتذكر الجزء ا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram