TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البكاء على الأطلال

البكاء على الأطلال

نشر في: 9 يناير, 2015: 09:01 م

بعضنا لم يعد يحتمل ما تؤول اليه الأحداث وما تنحدر اليه حيثيات أيامنا الرتيبة المحملة بالمعاناة والألم واليأس فبات يعيش على الأطلال ويستجدي الحل من سياسة الماضي !!...
سمعت موظفا في إحدى الدوائر الخدمية هاله حجم الفساد والرشوة والمحسوبية في دائرته يعبر عن حنينه الى العهد السابق ..عهد السلطة المركزية والقوة المطلقة كما يقول حين كان الجميع يرتجف لدى مرور رمز من رموز السلطة فكيف بالرئيس ذاته ؟..سمعته يعاتب الرئيس المخلوع على ما فعله بنا وانه كان ناجحا في ممارسة القوة في الحكم لولا تورطه في الحروب التي قادتنا الى هذه النتيجة ...لم يهمني حنين الرجل الى الزمن الغابر أو يأسه من الحاضر بل شعرت بـأن رأي الرجل نسف مفهوم الديمقراطية نسفا وأكد تلك الحقيقة التي تقول بأننا شعوب تهوى منطق القوة وترفض الديمقراطية لأنها عاجزة عن حمايتها ورعاية نبتتها لتزهر و تثمر ويعم خيرها علينا ...
خلال مرضه الخطير ، خاطب الملك الفرنسي لويس الرابع عشر شعبه قائلا للأجيال القادمة : " انا ذاهب ، لكن الدولة ستبقى الى الأبد " ..وذهب لويس الرابع عشر وذهب عشرات ومئات الملوك والسلاطين والرؤساء بعده وبقيت الدول مع شعوبها ...في بلدنا ، نرفض ان تغادرنا الرموز فنحن نحاول ان نستمد قوتنا من البشر وليس من الأفكار البناءة والمفاهيم الصائبة لبناء المجتمعات والدول ...اغلبنا يجد قوته في تبعيته لرمز ما فينادي بمبادئه ويسير خلفه كالمنوم مغناطيسيا وحين ينتهي عهده نشعر بانتهاء صلاحيتنا فنتعامل كمنتوج ( اكسباير ) يؤذي الاخرين اكثر مما ينفعهم ..قليل منا من يفكر في أن الوطن هو رصيدنا الحقيقي في الحياة وان حاكم هذا الوطن مهما كانت درجة وطنيته اولامبالاته بشعبه او ايذائه لهم فهو راحل لامحالة ونحن فقط من يجب أن يقرر كيفية رحيله وتوقيته ومن يمكن ان يحل محله ...
بعد سقوط النظام السابق ، حاولنا ان نشارك في عملية التغيير ..لقد حاولنا مرارا ولكن بطريقتنا ..كنا ننشد التغييرفي البداية فوجدنا انفسنا وبالتدريج ندور في دوامة التبعية والانحياز لرموز او مفاهيم بعينها ،ذلك ان كلا منا يخشى التضحية بمكاسبه لأخيه خوفا من تمرده عليه وعلى السلطة وعلى الديمقراطية كلها كما حصل مع الحالمين بولايات ثالثة ورابعة ...مشكلتنا اننا مازلنا نحمل معنا حقيبة الجاهلية كما يقول الشيخ الدكتور احمد الوائلي لذا يتحكم بنا التعصب والانحياز وحين تلم ببلدنا مصيبة ما نعمل على إلقاء التهم على بعضنا البعض ونفتش في مخابئ بعضنا البعض عن نوايا دفينة او أهداف مبيتة لننطلق منها الى مناصبة العداء لبعضنا البعض متناسين ان الوطن يئن تحت اقدامنا ...انه يتألم ونحن نتألم لألمه ، فهل يكفي البكاء على أطلال الماضي لإنقاذه أم استيعاب أخطاء المرحلة وتجاوزها بعودتنا قبل كل شيء الى بعضنا البعض والى حضن الوطن ..الوطن فحسب ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram