TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دواعش وإن تستّروا !

دواعش وإن تستّروا !

نشر في: 10 يناير, 2015: 09:01 م

يتلاعب بعض المتحذلقين بالكلمات وهم يقدمون لنا تحليلاتهم للهجوم الخسيس على مجلة فرنسية ساخرة، يستهجنون ردود الفعل التي يصفونها بأنها أخطر بكثير من هذه الجريمة، لأنها فتحت الباب على مصراعيه أمام الحاقدين على الإسلام والمسلمين، رغم أن الرئيس الفرنسي أعلن ان المتطرفين الذين ارتكبوا الاعتداءات متعصبون لا يمثلون الإسلام، وكأنه كان مطلوباً من مسيحيي الغرب وعلمانييه، التوجه إلى المساجد لتهنئة أتباع القاعدة على فعلتهم، والإشادة بشلال الدم المتدفق من أجساد اثني عشر إنساناً، لمجرد أنهم احترفوا السخرية من أي شيء وكل شيء، ولم يقبلوا لعقولهم تقديس أي إنسان، بغض النظر عن دينه أو قوميته.
يستغرب هؤلاء لماذا يجد المسلمون في أوروبا أنفسهم في موضع الشبهة، ولماذا تنتظر منهم المجتمعات التي أطعمتهم من جوع وأمنتهم من خوف، إدانة الإرهاب والبراءة من منفذي الهجمات الإرهابية ليكونوا مواطنين أسوياء، فإن كان الواحد منهم يعتبر نفسه مواطناً فرنسياً، ويطالب الدولة الكافرة التي يعيش في كنفها، بعد أن ضاقت عليه السبل في وطنه، بأن تقدم له الرعاية والحماية فلماذا يستكثر على مجتمعه الجديد مطالبته بالانخراط فيه، والتأسي لما يصيبه من كوارث شبيهة بمجزرة باريس، التي تمت على وقع الصرخات "الله أكبر".
هؤلاء، وبعضهم عاش في الغرب أربعين عاماً، لكنه ظل منطويا على غيبياته، يتمنى لو ظل واحد من مجرمي صحيفة شارلي ايبدو حياً لنعرف الجهة التي يمثلها، وهل هي إسلامية او غير إسلامية، وكأن القتلة لم يعلنوا بعالي الصوت أنهم إسلاميون يسعون للثأر، وكأن جريمتهم لم تنل الرضى والإشادة من الدواعش وجبهة النصرة، وكأن على الغرب المسيحي تلقي الصفعات، والإشادة بالشراكة مع مواطنيهم المسلمين، حتى وإن رفضوا إدانة الإرهاب الذي يضرب الجميع دون استثناء، مع التذكير بأن اثنين من ضحايا مجزرة باريس يدينون بالإسلام.
يسمون القتلة بأنهم أعضاء في التيار الجهادي الإسلامي، ويسقطون عنهم صفة الإرهاب ويعتبرون عملهم مبرراً، لأنه يأتي رداً على التطاول، وبشكل استفزازي مسيء لمعتنقي الديانات السماوية، والتطاول على الرسل والأنبياء، مسيحيين كانوا أو مسلمين، أو يهودا، وكأن من فتحوا نيران رشاشاتهم في باريس، كانوا يدافعون عن السيد المسيح أو موسى كليم الله، مع أننا جميعا نعرف أن الجهاديين يعتبرون المسيحيين واليهود كفاراً يجب قتالهم، إن لم يعلنوا إسلامهم أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ومعاملتهم على أنهم من الدرجة العاشرة، وهم يغلفون كل هذه الترهات بإعادة الإعلان أنهم سيظلون في خندق حرية الرأي النزيه الشريف، دون تحديد من يستطيع الجزم بأن هذا الرأي أو ذاك، يحمل هذه الصفات أو يبتعد عنها.
عند هؤلاء الذين يدسون السم في الدسم، فإن المطلوب من فرنسا ودول الغرب عدم خوض الحرب ضد إرهاب الدواعش، لأن للمتشددين القدرة على الوصول إلى أي هدف يريدون الوصول إليه، وهنا يكمن خطرهم الحقيقي على كل من يختلف معهم، أو يتطاول على عقيدتهم، وفرنسا عند هؤلاء مهددة ومستهدفة أسوة بدول أوروبية اخرى، بسبب مشاركتها في حرب شرسة ضد "الجهاديين" في مالي، ومشاركتها في الضربات التي تهدف إلى إنهاء دولة البغدادي، والقضاء عليها كلياً، وهم "ينصحون" الحكومات الأوروبية، بوقف تدخلها عسكرياً في الشرق الأوسط، أي ترك الساحة لإرهاب داعش والذين على شاكلتها، للعبث بأمن المنطقة وشعوبها، فيما يحاول هؤلاء المتحذلقون خداعنا بأنهم يدافعون عن تلك الشعوب.
لو كنت مسؤولاً في أوروبا لسحبت من هؤلاء جنسياتهم وأرسلتهم إلى دولة البغدادي لينعموا بخيراتها .. شاهت الوجوه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram