استعادت شخصيات فكرية وثقافية وسياسية عراقية وأردنية قبل أيام، الأثر الإنساني والفكري التقدمي للراحل فتاح حمدون، الذي توفي ببغداد اثر تعرضه لحادث دهس قبل نحو أسبوعين.واحتضنت دارة السياسي والشخصية الوطنية، باسم مشتاق، ملتقى خاصا، استعاد المآثر التي انط
استعادت شخصيات فكرية وثقافية وسياسية عراقية وأردنية قبل أيام، الأثر الإنساني والفكري التقدمي للراحل فتاح حمدون، الذي توفي ببغداد اثر تعرضه لحادث دهس قبل نحو أسبوعين.واحتضنت دارة السياسي والشخصية الوطنية، باسم مشتاق، ملتقى خاصا، استعاد المآثر التي انطوى عليها الراحل، وابرزها ما لخّصته الكاتبة سلوى زكو، بكونه " كان يعمل بصمت وتواضع وبنكران ذات فريد، لم يظهر يوما في وسيلة اعلامية، ولا تنافس يوما على منصب رسمي او حزبي، ولا حلم بأن يسجل اسمه في دفتر التاريخ، وظل على امتداد حياته الحزبية المديدة يحتفظ ببراءة الشيوعي المبتدئ".
وانطلاقا من إشارتين في غاية الأهمية، تتسم بهما حياة الراحل ومآثره، الأولى: " يعمل بصمت وتواضع، وبنكران ذات فريد"، والثانية: "يقاوم شيخوخته بالعمل وبدأب لا يقوى عليه كثير من الشباب وهم في العشرينات من أعمارهم"، تبدو الحاجة لمبادرة ثقافية، ملحّة وأساسية في مهمة توثيق الإرث الإنساني والفكري، لشخصيات وطنية عراقية، بما يعمّق حضورها وأمثولتها على امتداد الأجيال، وبما يتفوق على التاريخ "الرسمي"، الذي تتولى تدوينه مؤسسات حزبية وفكرية، على أهمية ذلك التاريخ وتأثيره.ان مبادرة فكرية – إنسانية كهذه، كفيلة في حال تحويلها الى مشروع عمل ثقافي، بتوفير معطيات تاريخية موثقة بلمسات الحضور الإنساني، لمسار العمل السياسي والفكري الوطني العراقي. وكي يصبح الموضوع اكثر تحديدا، انطلاقا من النهج الذي يمثله الراحل فتاح حمدون، فان تلك المبادرة كفيلة بتوفير معين فكري وتاريخي رائع، يمكن ان يصبح مصدرا لتوثيق السجل الفكري والوطني لعراقيين من طراز نادر، وبالتالي توثيق مراحل في غاية الأهمية من تاريخ بلادنا المعاصر.وارى أن المبادرة يمكن لها ان تسمي هيئة مشرفة، تتكون من ثلاث شخصيات حضرت الحدث الذي احتضنته دارة الأستاذ باسم مشتاق، وشخصية من حفل استذكار الراحل فتاح حمدون، الذي أقامته عائلته ورفاقه في لندن، وشخصية أخرى من حفل استذكاره في بغداد.
وكي تمضي المبادرة بخطوات عملية الى هدفها، في توثيق من طبعوا مسيرة العمل الوطني (اليساري) الفكري والسياسي في العراق، أرى ان تبدأ الهيئة المشرفة بعملها عبر إعلانها عن صندوق لتحصيل الدعم المادي والمعنوي، الأول وهو المادي، ويتعلق بجمع أموال كافية لطبع كتب تتعلق بتوثيق أسماء من صنعوا ذلك التاريخ في سلسلة إصدارات، فضلا عن موقع اليكتروني خاص بالهيئة وفكرتها وهدفها ومشروعاتها الآنية والمستقبلية. اما الثاني، أي المعنوي، فهو المتعلق بأية وثيقة أصلية او مصورة تتعلق بتلك الشخصيات، قصاصات أفكار، تعليقات، رسائل مخطوطات لمقالات، صور فوتوغرافية، وغيرها الكثير، ومع جمعها، يمكن التوفر على خزين كبير يوثق لمسارات العمل الفكري والسياسي الوطني في العراق، بحيث يصبح مصدرا لا يتعلق بشخصيات وحسب، بل بمسارات وطن ودولة.ان توثيق سيرة راحل كريم كالتي تعنيها سيرة وطني عراقي فذّ، مثل فتاح حمدون، وعشرات غيره ممن فقدتهم الحركة الوطنية العراقية التقدمية في العقد الماضي، على الأقل، تعني إبقاء القيم والأفكار التي عملوا بصدق من أجلها، على قيد الفاعلية والتأثير في خضم مسارات فكرية لا تهدأ. والمبادرة، التي رسم صاحب السطور ملامحها، وقد يتصدى لتحويلها الى عمل حقيقي، عراقي نبيل مثل، الشخصية الوطنية باسم مشتاق، لهي افضل استذكار وتمثيل لقيم الراحل حمدون وعشرات العراقيين الأكارم من طينته ومعدنه.
