انضم الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، امس الأحد، مع قادة أكثر من 40 دولة، بينهم زعماء عرب، إلى المسيرة الحاشدة في العاصمة الفرنسية باريس، للتأكيد على نبذ العنف والإرهاب.
وشارك في المظاهرة، التي حشدت نحو مليون شخص، العاهل الأردني الملك عبد الله ا
انضم الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، امس الأحد، مع قادة أكثر من 40 دولة، بينهم زعماء عرب، إلى المسيرة الحاشدة في العاصمة الفرنسية باريس، للتأكيد على نبذ العنف والإرهاب.
وشارك في المظاهرة، التي حشدت نحو مليون شخص، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وقرينته الملكة رانيا، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة.
كما سار قادة دول أوروبية ووزراء خارجية مصر، والمغرب، والجزائر، بالإضافة إلى رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
ولبى دعوة الرئيس الفرنسي للمظاهرة، كل من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو، والرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كايتا، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، والإسباني ماريانو راخوي.
وكانت المظاهرة في البداية مخصصة للتضامن مع ضحايا صحيفة "شارلي إيبدو" الذين قتلهم الأخوان سعيد وشريف كواشي، الأربعاء الماضي، وكذلك 5 أشخاص قتلهم أميدي كوليبالي، الجمعة، في متجر لبيع الأكل الخاص باليهود.
إلا أن المظاهرة التي أطلق عليها "مظاهرة الجمهورية"، اكتسبت زخما دوليا بعد أن أبدى قادة ومسؤولون في دول عدة رغبتهم بالمشاركة فيها.
والرئيس هولاند هو الثاني من بين رؤساء فرنسا، الذي يشارك في مظاهرة بالشارع، بعد الرئيس السابق فرنسوا ميتران الذي انضم عام 1990 إلى مظاهرة للتنديد بتدنيس مقبرة يهودية في كاربنتراس، جنوب شرق البلاد.
وستجري هذه المسيرة بين ساحتي "الجمهورية"، و"الأمة" شرقي باريس، اللتين تفصل بينهما 3 كيلومترات.
ويأتي هذا التجمع الكبير بينما تم وضع الأجهزة الأمنية في أعلى درجة من الإنذار في المنطقة الباريسية. وفي هذا الإطار سيقوم ألفا شرطي و1350 عسكريا آخرين بحماية المواقع الحساسة في العاصمة الفرنسية ومحيطها.
وقبل ساعات من المسيرة نشر تسجيل فيديو على الانترنت سجله فيما يبدو أحد المسلحين قبل أن يحتجز رهائن في متجر للأطعمة اليهودية يوم الجمعة ليقتل أربعة أشخاص قبل أن تقتله الشرطة. وكان يجلس مرتديا ملابس بيضاء وبجانبه سلاح.
وتم نشر نحو 2200 من أفراد الأمن لحماية المسيرة من أي مهاجمين محتملين وتمركز قناصة على أسطح المباني في حين اختلط رجال شرطة بالزي المدني بالحشود. وتم تفتيش نظام الصرف الصحي في المدينة قبل المسيرة ومن المقرر إغلاق محطات قطارات الأنفاق حول مسار المسيرة.
ومضت المسيرة صامتة للتعبير عن التضامن وكذلك الشعور بالصدمة الذي ساد في فرنسا والعالم بعد أسوأ هجوم ينفذه إسلاميون متشددون في مدينة أوروبية منذ تسع سنوات.
وبالنسبة لفرنسا أثار الهجوم تساؤلات عن حرية التعبير والدين والأمن وبالنسبة لخارجها فقد كشف مدى هشاشة الدول في مواجهة الهجمات.
ونسب مسؤول في الإليزيه إلى الرئيس فرانسوا هولاند قوله للوزراء "باريس اليوم هي عاصمة العالم. سينتفض بلدنا بأكمله وسيظهر أفضل ما فيه."
وقتل 17 شخصا بينهم صحفيون وأفراد شرطة خلال ثلاثة أيام من العنف الذي بدأ بهجوم بالأسلحة النارية على صحيفة شارلي إبدو الساخرة يوم الأربعاء وانتهى بخطف رهائن في متجر للأطعمة اليهودية يوم الجمعة. وقتل أيضا المسلحون الثلاثة الذين نفذوا الهجمات. ونشر تسجيل فيديو يظهر فيه رجل يشبه المسلح الذي قتل في متجر الأطعمة اليهودية. وبايع الرجل تنظيم الدولة الإسلامية وحث مسلمي فرنسا على أن يسيروا على خطاه. وأكد مصدر في شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية أن الرجل هو القاتل أميدي كوليبالي وأنه كان يتحدث قبل الهجوم.
وفي أجواء مشمسة تجمع مئات الأشخاص مبكرا لتأمل أكاليل الورود التي وضعت للضحايا في بلاس دو لا ريبوبليك وهي الساحة التي انطلقت منها المسيرة عبر باريس.
وخلال الليل كتب على لافتة مضاءة علقت على قوس النصر "باريس هي شارلي".
وقال زكريا مؤمن وهو فرنسي من أصل مغربي يبلغ من العمر 34 عاما بينما لف جسده بالعلم الفرنسي "أنا هنا لأظهر للإرهابيين أنهم لم يفوزا بل على العكس سيوحد هذا الناس من جميع الديانات."
وقال لوري بيريه (12 عاما) الذي حضر مع والدته وأخيه "بالنسبة لي الأمر أشبه بتأبين الأحباء. وكأننا عائلة.. أخذنا درسا عن ذلك في المدرسة."
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس "انها مظاهرة غير مسبوقة سيحكى عنها في كتب التاريخ."
وقتل 12 شخصا في هجوم يوم الأربعاء على شارلي إبدو وهي صحيفة معروفة بالسخرية من الديانات والساسة. وكان من بين القتلى رسامو الكاريكاتير الأهم في الصحيفة. واستهدف المهاجمون - ومن بينهم شقيقان مولودان في فرنسا من أصول جزائرية- الصحيفة الأسبوعية لنشرها رسوما مسيئة للنبي محمد.
وقتل المسلحون الثلاثة فيما وصفه محللون محليون بأنه "هجمات الحادي عشر من سبتمبر الفرنسية".
ورغم التضامن الواسع مع الضحايا فقد ظهرت بعض الأصوات المعارضة. ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي الفرنسية تصريحات ممن يشعرون بالاستياء من شعار "أنا شارلي" الذي تم تفسيره بأنه يعني حرية التعبير أيا كان الثمن. ويشير آخرون إلى أن مشاركة زعماء دول تطبق قوانين إعلامية قمعية في المسيرة هو ضرب من النفاق.
وقالت مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف التي يتوقع محللون أن تحصل على دفعة في استطلاعات الرأي بسبب الهجمات إن حزبها المناهض للهجرة استبعد من مسيرة باريس وسيشارك بدلا من ذلك في مسيرات محلية.
وفي ألمانيا اجتذب تجمع ضد العنصرية وكراهية الأجانب يوم السبت عشرات الآلاف من الأشخاص في مدينة دريسدن الشرقية التي أصبحت مركزا للاحتجاجات المناهضة للهجرة والتي تنظمها حركة جديدة تطلق على نفسها اسم "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب". ومن ناحية أخرى قالت الشرطة يوم الأحد إن مبنى صحيفة هامبورجر مورجن بوست الألمانية تعرض لحريق متعمد بعد أن أعاد نشر رسوم شارلي إبدو مثل مطبوعات أخرى كثيرة.
وقالت مصادر تركية وفرنسية إن امرأة كانت الشرطة الفرنسية تلاحقها كمشتبه بها في الهجمات غادرت فرنسا قبل عدة أيام من الهجمات ويعتقد أنها في سوريا. وبدأت الشرطة الفرنسية عملية بحث مكثفة عن حياة بومدين (26 عاما) وهي شريكة أحد المهاجمين ووصفت بأنها "مسلحة وخطرة".