TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إدانة الإرهاب تستحق التقدير

إدانة الإرهاب تستحق التقدير

نشر في: 11 يناير, 2015: 09:01 م

يأخذ البعض على العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشاركتهما في التظاهرة المليونية في باريس، رفضاً للجريمة الإرهابية التي ارتكبها مجرمو تنظيم القاعدة، ضد صحيفة شارلي إبدو الساخرة، فقتلوا بدم بارد إثني عشر شخصاً، وهم يصرخون "الله أكبر"، مع أن لمشاركة حاكم عربي مسلم دلالات لا تخفى إلا على المتغافلين، وتداعيات سيلمسها المسلمون في أوروبا، وهم يتعرضون لحملة يمينية متطرفة تعتبر كل مسلم إرهابياً، وكنّا نتمنى لو كانت مشاركة الحكام العرب أكبر، في هذه التظاهرة التضامنية مع الشعب الفرنسي في محنته، وتتجاوز الإدانة اللفظية الخجولة للجريمة.
يستغل البعض "وربما وهو يشوي الكستنا" مشاركة الملك وعباس في مسيرة ضد الإرهاب، للمطالبة بتغيير بعض السياسات، والإفراج في عمان ودون محاكمة، عن معتقل تعرض لدولة الإمارات، على خلفية قوانين سنتها، واعتبرت فيها تنظيم الإخوان إرهابياً، دون ملاحظة أن كل التنظيمات الإرهابية، التي ضربت في باريس وطرابلس والمدن اليمنية، وتعيث فساداً وقتلاً ودماراً في سوريا، ولدت جميعها من رحم هذا التنظيم الذي يرفع شعارات الإسلام، متوسلاً بها القفز إلى السلطة، ليكون وكيل الله في الأرض.
الذين يأخذون على الملك وعباس مشاركتهما، لا يدركون واقع الأردن والدور الذي يلعبه، ولا معنى ظهور ملك عربي مسلم، في تظاهرة مغطاة إعلامياً بحيث تكون أولوية عند كل أوروبي، فيما يتعرض المسلمون هناك للتحريض ضدهم من عدة جهات، كذلك لا يدركون تبدل الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية، وانحياز فرنسا بالتحديد، ولو بشكل خجول، إلى حق الفلسطينيين في بناء دولتهم، ولا يستطيعون فهم ما كان الملك أعلنه، من أن الحرب ضد الإرهاب الذي يختطف الإسلام، هي حربنا ضد من لا يمثلون هذا الدين، ولا يدركون كم نحتاج من المبادرات، لنؤثر في الرأي العام العالمي، ويتجاهلون موقع الأردن كبلد يعيش محاطاً بحرب أهلية في سوريا، وحرب كونية ضد داعش، ويجاور أقطاراً سمتها الأساسية عدم الاستقرار، واقتصاده داخل غرفة الإنعاش، ومع ذلك يستقبل أكثر من مليوني لاجئ، ويتجاهلون أن القضية الفلسطينية بحاجة اليوم لأي دعم لعدالتها، ثم يأتي من يستنكر على الملك وعباس مشاركتهما في التظاهرة، على أمل أن يحفظ ذلك لمسلمي أوروبا بعض أمنهم ومصدر رزقهم، ويأتي ببعض التعاطف مع فلسطين وشعبها.
للمنتقدين، وخصوصاً أصحاب الوجهين، لابد من القول إنه كان بديهياً استنكار جريمة باريس وإدانتها، والتنصل من فكر منفذيها الظلامي، وهم يسيئون للدين الإسلامي، وخصوصاً لأتباعه ومعتنقيه، الذين يحملون الجنسيات الغربية أو يعيشون آمنين في دولها، وعلى هؤلاء ملاحظة صعود شعبية اليمين المتطرف في أوروبا، بعد كل غزوة جهادية كالتي وقعت في باريس، وهو يمين عنصري يفتش عن أي ذرائع لطرد المسلمين، ونزع جنسياتهم التي استماتوا للحصول عليها، بعدما تعذر عليهم العيش بكرامة في بلادهم الأصلية.
ولعل من الواجب مطالبة منتقدي خطوة الملك وعباس الجريئة، بمتابعة ما يصدر عن حكومة نتنياهو، التي لم تخف شماتتها بالحكومة الفرنسية، التي صوتت في مجلس الأمن، تأييداً لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وتستغل الجريمة لتتهم الفلسطينيين بالإرهاب، وتدعو عواصم الغرب إلى مواجهة الإسلام المتطرف، باعتبار أن حماس جزء أصيل فيه، متجاهلاً بخبث بأن جريمة باريس على خطورتها وقبحها وخستها، ليست قابلة للمقارنة مع جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين، أطفالاً ونساء وشيوخاً.
بغض النظر عن موقفنا من سياسات العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني، فإن مشاركتهما في تظاهرة باريس إلى جانب زعماء العالم والشعب الفرنسي، خطوة تستحق الثناء والتقدير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram