TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مؤتمر الوحدة يؤكد الانقسام

مؤتمر الوحدة يؤكد الانقسام

نشر في: 12 يناير, 2015: 09:01 م

رغم تأكيد المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية، الذي اختتم أعماله في طهران، أن الإسلام جامع لأهل القبلة، وأن التقريب بين المذاهب الإسلامية، سبيل مهم لتحقيق وحدة الأمة في شتى المجالات، وأن المنتمين إلى المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأركان الإسلام وأصول الإيمان، يؤلفون بمجموعهم الأمة الإسلامية الواحدة، وأن إثارة أية فتنة طائفية أو عرقية، لا تخدم إلاّ أعداء الأمة، فإن المؤتمرين انقسموا إلى فريقين في المسجد، يؤدي كل واحد منهم الصلاة بطريقته الخاصة، ولم يكن كافياً كل حديثهم عن الوحدة ونبذ الطائفية، وأن التقريب بين المذاهب هو السبيل الوحيد لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية، في دفعهم لتجاوز الشكليات، وأداء الصلاة جماعة كما ينبغي للمؤمنين، إلاّ إن كان كل فريق يؤدي صلاة مختلفة في الشكل والمضمون.
يعترف "العلماء" وإن ضمناً، أن فريقاً من المسلمين ينتقص من مكانة آل البيت الأطهار، يقابله فريق ينال من أمهات المؤمنين والصحابة والخلفاء الراشدين، ويعترفون أن هناك من يستبيح المساجد والحسينيات والزوايا والمراقد، لكنهم لا يجدون سبيلاً لمعالجة قضية كهذه، غير تثمين فتوى الخامنئي بتحريم النيل من رموز المذاهب الإسلامية، والإساءة إلى أمهات المؤمنين، ورغم أنهم يقولون إنها فتوى حظيت بترحيب واسع، من كبار علماء الأمة والأوساط الدينية والأزهر الشريف، فإننا على أرض الواقع لا نجد لها أثراً ولا صدى، حيث تستمر الممارسات المضادة لها عند المتطرفين من أبناء الطائفتين، وبدلاً من وضع ضوابط تمنع هذا الانفلات الذي يقوده "علماء" من كلا الفريقين، هرب المؤتمرون إلى مسألة نظرية، فحواها أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات، تستهدف عقيدتها وشخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود، وتتعرّض لمؤامرات لتمزيقها جغرافياً، ولغوياً، وقومياً، ومذهبياً، وإبقائها متخلفة على الصعد الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، والإيجابية الوحيدة هنا هي الاعتراف بالتخلف.
مع الاعتراف بتقارب المذاهب، فإن العلماء يتمسكون بعصبيتهم، فيدعون إلى عدم السعي لنشر مذهب بين أتباع مذهب آخر، ثم يناقضون بيانهم الختامي فيزعمون أن ما تروّجه بعض الجهات، من محاولات تشييع أهل السنة أو تسنين الشيعة، لا يقصد منه إلا إثارة الفتن بين المسلمين، وتوسيع دائرة الخلاف بين صفوف الأمة، ويقفز المؤتمرون عن حقيقة أن هناك من يسعى لصرف المسلمين عن مذاهبهم وضمهم إلى مذهبه، ويرون أن مجمعهم العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، قام خلال ثلاثين عاماً بأدوار مهمة لتحقيق أهدافه، لكنهم يعترفون بتعرضه لمعوّقات نواقص تحول دون التسريع في تحقيق الأهداف المنشودة، ويقفزون إلى ما يرونه حقيقة مؤكدة، بأن القرآن والسنة حققا للأمة الإسلامية أجواءً إنسانية حضارية رائعة، وأشاعا حرية الاجتهاد، وأنه تبعاً لذلك كان تعدد المذاهب حالة طبيعية، لها أثرها الإيجابي في تنوع الحلول للمشكلات، لكنهم يتجاهلون الحرب المستعرة اليوم بين أتباع تلك المذاهب، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وصولاً إلى أقصى حدود باكستان.
في موضع آخر يعترف المؤتمرون أن شيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الأخرى، انحرفت بتلك الحالة السوية، إلى حالة طائفية ممزقة، سادتها ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف والتنافر والتمزق، ونقل النزاع الفكري إلى الساحة العملية، مما ترك آثارًا سلبية خطيرة على قوة الأمة وتماسكها، لكنهم فوراً يقفزون إلى التأكيد أن المذاهب الثمانية كلها مذاهب إسلامية، وان المنتمي الى أي منها يعتبر مسلماً، فكيف يوفق المؤتمرون بين هذا وذاك؟، والمهم أن البيان الختامي أشاد أكثر من مرة، بالثورة الإيرانية والإمام الخامنئي، والواضح أن ذلك هو الهدف، وقد تحقق، ولتذهب الوحدة إلى الجحيم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    الصراع مستمر وبدون توقف منذ 1400 سنة بين المذاهب والكل يقول انا على صواب واليوم ينافقون من جديد ويقولوا نحن اخوة وجميعنا مسلمون اله واحد ونبي واحد وقبلة واحدة لا والله انهم كاذبون ولا يؤمن احدهم بالاخر ويكفر بعضهم البعض الاخر

  2. ابو سجاد

    الصراع مستمر وبدون توقف منذ 1400 سنة بين المذاهب والكل يقول انا على صواب واليوم ينافقون من جديد ويقولوا نحن اخوة وجميعنا مسلمون اله واحد ونبي واحد وقبلة واحدة لا والله انهم كاذبون ولا يؤمن احدهم بالاخر ويكفر بعضهم البعض الاخر

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram