اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > إيزيدية تروي للمدى رحلة الهروب من جحيم داعش..لن أعود الى"تل القصب"ثانية..فقد رأيت من الألم ما يكفي

إيزيدية تروي للمدى رحلة الهروب من جحيم داعش..لن أعود الى"تل القصب"ثانية..فقد رأيت من الألم ما يكفي

نشر في: 16 يناير, 2015: 09:01 م

( 2- 2 )
 
"كنا مجموعة, زوجي وطفلي ووالدة زوجي وزوجة أخيه وأطفالها الثلاثة, وامرأة اصطحبناها معنا من الجبل برفقة ولدها الصغير, لم نكن نرى من الطريق الا القليل, بسبب هبوط الظلام وبسبب هيكل سيارة الإسعاف وطبيعته المغلقة."بهذه الكلمات أكملت بيا

( 2- 2 )

 

"كنا مجموعة, زوجي وطفلي ووالدة زوجي وزوجة أخيه وأطفالها الثلاثة, وامرأة اصطحبناها معنا من الجبل برفقة ولدها الصغير, لم نكن نرى من الطريق الا القليل, بسبب هبوط الظلام وبسبب هيكل سيارة الإسعاف وطبيعته المغلقة."
بهذه الكلمات أكملت بياز ماكانت قد روته عن هروبهم , واسترسلت " بعد ان سمعت حديثهم الذي تبين لي من خلاله عدم رغبتهم في الاحتفاظ بأسرى جدد, كان الأمل قد تجدد في داخلي", أثناء الرحلة , اعترضت طريقهم مجموعة من المسلحين الذين بدوا وكأنهم كانوا يعرفون سائق سيارة الإسعاف ورفيقه, حيث تحدثوا بصوت خفيض ومن ثم طلبوا فتح باب سيارة الإسعاف الخلفي .

 

كانوا أربعة, لم يتحدث منهم احد, بل اكتفوا بالنظر فحسب, اما بياز وعائلتها والموجودون, فقد كان الخوف باديا على وجوههم بشكل ملفت .

"كم عمرك؟"
سأل احد الرجال الملثمين, الصغير ذو التسعة أعوام والذي كان مختبئاَ خلف والدته."تسع سنوات"، أجابه الطفل بصوت مرتعش.
بدا وكأن الرجل لم يصدق ادعاء الطفل , فبادر وسحبه من والدته بسرعة وسط صراخ الأخيرة, ورفع يديه الى الأعلى مستكشفاَ "إبطيه" وما اذا كان بالغاَ ام لا , وسرعان ما أعاده بعدما تبين له حقيقة سنه الصغيرة , ذلك قبل ان يهم بإغلاق الباب لمرة اخيرة..
طلب زوج بياز بعد مضي فترة ان يقوم الشابان بإنزاله وعائلته, فمنطقة سكناه باتت قريبة- بحسب ادعائه- مؤكداَ ان بإمكانه السير وعائلته وصولاَ الى هناك.
وبالفعل حدث ذلك, ففي حدود الساعة الثامنة مساء,َ نزل الجميع من سيارة الإسعاف بالقرب من محطة بنزين تبعد مايقرب الساعة عن مجمع تل قصب.
هرول الجميع, كانوا يركضون متناسين إرهاقهم, وكأنهم سيصلون في النهاية الى مأوى ستغلق أبوابه لينعموا بالطمأنينة, لكن هذا لم يكن ليحدث ابداَ.
بعد ساعة , وصلوا الى تل قصب, كانت كمدينة أشباح, لم يكن فيها احد, سوى عدد قليل من كبار السن ممن عجزوا عن مغادرة المكان.
"أوشكت بطارية الهاتف على النفاد, استغل زوجي الظرف بسرعة واتصل بمختار منطقة (باشوك) القريبة من المجمع -ذات الغالبية المسلمة- كانت تربطه به صداقة وثيقة , وقد كان الأخير مسلماَ ايضاَ" قالت بياز وأردفت " اتصل به زوجي واخبره عن أحوالنا, فطلب منا الوصول الى منزله بسرعة".
وصلت العائلة بعد مسير ساعتين , تخلله بكاء مستمر للأطفال الذين انهكهم الجوع والعطش الشديدين , اضافة لإرهاق الرحلة, كن يسكتن أطفالهن بعبارات مثل " وصلنا, ماباقي شي " بينما الحقيقة كانت على العكس من ذلك.
حديقة منزل المختار كانت واسعة جداَ , كانت مليئة بنساء وأطفال ورجال, مايزيد عن 30طفلاَ وامرأة .
" لن ننسى فضل المختار ابداَ, فقد استقبلنا ليلتها ورحب بنا ايما ترحيب, وقام بتوفيركل وسائل الراحة لي ولعائلتي, من منام وطعام , وقد اقترح ان نسكن دار جاره الذي أعطاه المفتاح واستحلفه ان يأخذ منه مايريد, قبل ان يغادره كنازح هو الآخر"
 
8 أيام .. أم 8 سنوات؟
بقيت العائلة في منزل جار المختار لثمانية ايام, كان مجهزاَ بشكل كامل , اما المختار فقد التزم بتنبيه العائلة متى ما أحس باقتراب دورية للمسلحين , كان يتوجه من فوره لعائلة جاره الجديد ليقوموا باتخاذ التدابير عبر الاختباء جيداَ, وقد كانوا ينفذون مايقوله رغم معاناتهم من حرارة الجو أثناء الاختباء وانقطاع التيار الكهربائي خصوصاَ ان العملية قد تستغرق وقتاَ طويلاَ احياناَ .
بعد مضي عدة أيام وصلت معلومات تتحدث عن امكانية اخذ التنظيم المسلح داعش لمنزل المختار بسبب موقعه ومساحته اللتين تجعلان منه مركزا او مقرا يدير منه التنظيم عملياته.
المختار (الذي كان قد قررالنزوح هو الآخر قبل وصول عائلة بياز,لكن المسلحين أعادوه الى منزله بناءً على معرفتهم بهويته المسلمة) اقترح ان يتم خروج الأهالي بواسطة شاحنات كبيرة كان يمتلكها على ان تتم حماية الايزيديين بواسطة المسلمين من أقاربه , لكن هذه الفكرة لم يتم تطبيقها بسبب مشكلة الهويات والأوراق الثبوتية .
في اليوم الثامن تم استكشاف طريق يمكنه إيصالهم الى الجبل وهو آمن تقريباَ, وهو في كل الأحوال يمثل خياراَ انسب من انتظار وصول المسلحين .
خرجت العوائل تباعاَ وقد كانوا قرابة 60 فرداَ او مايزيد عن ذلك , تجهزوا بما استطاعوا حمله من المياه والأغذية.
بعد مسير ساعة في مناطق تخللتها أودية وخنادق محفورة بيد إلهية , حيث تستخدم هذه الخنادق في الشتاء لسقي الماشية بسبب امتلائها بمياه الأمطار , كانت وجهتهم قرية همدان الواقعة بالقرب من الحدود العراقية – السورية,والتي تتميز بزراعة أشجار الزيتون بوفرة.
"قامت احدى العوائل باستضافتنا ممن أخذت نساؤهم سبايا, حيث لم يتبق في المنزل سوى الأم المسنّة وقريبها الذي سبيت زوجته وبناته هو الاخر"
كانت المرارة تشوب حديث بيازعند تذكرها لهذه الحادثة , حيث اضطرت للصمت قليلاَ قبل ان تعاود القول:
" طلبت من السيدة العجوز بعد انتهائنا من طعام الغداء ان احصل على فراش لطفلي ليتمكن من النوم قليلاَ قبل ان نستأنف المسير, لكنني فوجئت ببكائها, حيث ذكرت لي ان ابنتها كانت قد أنجبت مولودها منذ اسبوع , وقد أخذت معها كل أغراض المولود الجديد, قبل ان توقفهم سيطرة خاصة بتنظيم داعش اثناء صعودهم الى الجبل وتختطفها ومن كان معها من نساء القرية ورجالها" همهمت بياز بأسى.
كان عليهم الاستعداد لاستكمال الرحلة باتجاه الجبل ليلاَ حيث وصلت معلومات تتحدث عن نية المسلحين البحث في هذا المكان عن ايزيديين هاربين.
تم الاتفاق على إبقاء من كان عاجزاَ عن الصعود الى الجبل, خصوصا ان هنالك الكثير من الحالات التي صادفتهم قبل الوصول الى همدان ومنها الإغماء الذي أصيبت به والدة زوج بياز التي كانت تعاني من مرض السكري , ولان الاهتمام كان منصباَ على إنقاذ النساء والأطفال خصوصا بعد حوادث السبي والاختطاف التي بدأت تزداد بشكل مخيف,لذا فقد بقيت والدة زوج بياز برفقة امرأة مقعدة وزوجها في احد بيوتات القرية التي رحبت باستضافتهم.
 
حبّة منوم .. هل تكفي !
بعد حلول الظلام تحركت القافلة بسرعة, كان عليهم ان يبقوا معاَ ضمن سلاسل بشرية, كانوا رغم الإجهاد يحرصون على السير والوصول قبل طلوع الفجر, خشية افتضاح أمرهم, وكان التأكيد على مسألة الهدوء ومنع الأطفال من البكاء بأية طريقة, لان ذلك كان سيشكل خطراَ على حياة الجميع, ما دفع بإحدى السيدات الى إعطاء ابنتها ذات الثلاث سنوات منوماَ يمنعها من الاستيقاظ والبكاء, وقد أخبرت بياز بذلك في محاولة منها لإقناع الأخيرة لكي تعطي بدورها طفلها الصغير ( 8 اشهر) حبة منوم هو الآخر!
وهو امر رفضته بياز بشكل قاطع .
الوصول الى احد الشوارع الرئيسية لم يكن بالمهمة السهلة, فقد كان لزاماَ عليهم التأكد من خلوه قبل العبور ما دعا أحد الرجال التكفل بمهمة معاينة المكان قبل ان يطلب من كل عشرة أشخاص او من كل عائلة العبور بسرعة.
وعن ذلك قالت بياز " عبرت وصغيري وزوجي لكنني تعثرت وسط الشارع وسقطت بشكل مؤلم اثر على صغيري كذلك, حيث سقط على رأسه وبدأ بالصراخ , ورغم الأوجاع فقد عبرنا الشارع بسرعة, تمكنت من إسكات صراخ طفلي بصعوبة بالغة, لان الكثيرين قاموا بتجنبنا خوفاَ من ان يكون صراخه سبباَ في أسرنا "
روائح غريبة بدأت بالازدياد بشكل مضطرد جذبت انتباه الأغلبية, بيت لاحد معارف زوج بياز ومزرعة تابعة له كانتا مصدر هذه الرائحة, حيث تبين بعد دقائق ان أصحاب المنزل وهم أربعة أشقاء, كانوا قد قتلوا جميعاَ وتوزعت جثثهم مابين المنزل والمزرعة.
 
الموت
منطقة (صولاغ) كانت الوجهة ماقبل الاخيرة لقافلة النازحين,كان عليهم الاختباء والسير بشكل جماعات منفصلة في هذه المنطقة حيث ان منزل مختار المنطقة الذي تبين انه مأهول بالمسلحين كان يحوي أضواء كاشفة للمكان.
استمروا بالسير رغم البطء , فاحتياجاتهم التي كانت محمولة على ظهر بغلين او ثلاثة, كانت عاملاَ كذلك في إبطاء خطواتهم,لكن المهم الان هو الانتهاء من المسير في المناطق الخطرة قبل بزوغ الفجر.
(قني) التي كانت تتميز بأخاديدها الأرضية والتي استخدمت للسير بشكل محمي نوعاَ ما, كانت تمثل وجهتهم التالية قبل الوصول الى الجبل.
" اعتدت رائحة القتلى, ولم اكن اعلم بأن في داخلي كل هذه الشجاعة لإبصار الموت ومواجهته بعين جامدة, اذا اخبرني احدهم قبل شهر من الان انني سأصادف كل هذا الكم من الجثث وسأبقى متشبثة بالحياة لكنت قلت انه مجنون ولا شك !" قالت بياز ذلك بدهشة واستطردت "شممنا رائحة غريبة, كنت اعلم انها لموتى جدد, الاخدود الذي كنا نهم بعبوره كان مليئاَ بجثث معصوبة ومربوطة الايدي, ومرمية على وجهها بشكل بشع ,تمكنا وبمساعدة اضاءة الموبايل الخفيفة من معرفة انها تعود لشباب في مقتبل العمر, لم يكن لدي متسع من الوقت يكفيني للبكاء ".
 
(كوجو)
رحلة الصعود الى الجبل لم تكن بالسهلة ابداً، فقد كانت بالاضافة الى صعوبتها محفوفة بالمخاطر، حيث الوديان وانحدار الأرض الذي يعد سبباً من أسباب الموت الفوري في حال لم يتم توخي الحذر واتخاذ تدابير الحماية، بياز كانت قد شاهدت في وقت سابق عدة حوادث مشابهة لأناس قضوا اثر سقطة مميتة من أعالي الجبل.
بعد الساعة الثالثة فجراً بقليل، لاحظت بياز اختفاء المؤن الخاصة بهم، والتي كانت محمولة على ظهر بغل كان يتبعهم قبل وقت ليس بالقليل.
لم تبق الا السيدة والدة الطفلة " النائمة قسراَ" والتي عرضت على بياز ان تطعم طفلها من حليب الماعز خاصتها والذي حملته على كتفها.
قبل حلول الفجر, اضطرت العوائل النازحة التي تجمعت من جديد الى اخذ استراحة قصيرة، فالماء والمؤن الغذائية كانت قد نفدت مبكراً .
" كنت للحظات انسى التعب لأنني أتأمل الوصول الى اعلى الجبل قريباً حيث مزار ( چيل ميران) الذي سيكون خاتمة رحلتنا ربما ، وفي احيان كثيرة وبسبب الألم الشديد في قدمي كنت افكر بالبقاء والاستسلام لشبح الموت، يحدث هذا لي في وقت أشاهد فيه رجالاً يبكون واطفالاً يصرخون جوعاً ، وعطشاً، لا ظل لنستظل به، حتى الشجرة التي جلسنا تحت ظلالها خذلتنا" 
رددت بياز كلماتها بحزن وأضافت " اذكر ان ابن سلفتي الصغير" زوجة شقيق زوجها- كان جائعاً لدرجة دفعته لجمع بعض حبوب الحنطة التي وجدها عند مكان جلوسنا وبدأ يلتهمها بنهم لشدة جوعه ."
(كوجو )الواقعة جنوب مركز قضاء سنجار كانت قد شهدت عملية إبادة جماعية بعد ان دخلها المسلحون وتعرضت لعمليات سلب ونهب وسبي لعشرات النساء وقتل مايزيد عن 100 مدني عقب رفض سكان القرية الدخول في الدين الإسلامي، المسلحون كانوا قد أمهلوا سكان القرية أربعة أيام لإشهار إسلامهم أو اختيار الموت".
، (كوجو) كانت قبل ذلك تمثل احدى القرى الآمنة التي لجأ اليها اغلب النازحين عن قراهم، يذكر ان عدداَ من شباب هذه القرية كانوا قد التحقوا بالقوافل النازحة الى الجبل دون دراية مسبقة منهم بما ستؤول اليه أحوالها، وهم كانوا اول من تطوع لجلب الماء بعد نفاده، اذ تكثر الآبار الارتوازية في المنطقة، او آبار ( چلي) التي كانت آباراً صغيرة تمتلئ بمياه الأمطار والثلوج الذائبة شتاء وتستخدم لأغراض الرعي وسقي الحيوانات ، لانهم كانوا على دراية بجغرافية المنطقة .
السير في وقت الظهيرة كان من اصعب التحديات التي واجهت الجميع، حيث حرارة الشمس اللاهبة ونفاد المؤن، كذلك شكلت مسالة المياه الصالحة للشرب تحدياَ من نوع اخر, حيث ان المياه التي كانت تجلب من ابار الـ(جلي) كانت مليئة بالديدان الخطرة , الا ان النازحين لم يجدوا بديلاَ اخر لسد الرمق.
"لن انسى ماحييت ذلك الرجل الذي قابلناه في طريقنا, توسلته اعطائي القليل من الماء الذي كان يحمله معه لطفلي الذي انهكه العطش, بدا وكأنه لا يستمع الى نحيبي, اتضح فيما بعد انه فقد عقله , فالمسلحون اخذوا زوجته وبناته الخمس امام عينيه وتركوه هائماَ على وجهه"
(جيل ميران)
جبل ميران "الأربعين رجلا" هو اعلى قمة في الجبل وصلت بياز اليها من شرق جبل سنجار ،جيل ميران ولكونه الاعلى كانت هناك محطة البث التلفزيوني الى عام 2003, فيها مزار خاص بالطائفية الايزيدية.
الوصول الى هناك كان بمثابة الوصول الى الجنة, حيث كانت العوائل الموجودة تحصى بالآلاف , طعام مبذوخ وماء وأطفال تلهو هنا وهناك, حزب العمال الكردستاني كان قد ساهم في توفير المؤن والإمدادات قبل وصول بياز وعائلتها بيوم او يومين, حيث ان العوائل التي سبقتهم كانت تغلي الحنطة وتتناولها كوجبة قبل وصول المساعدات,
بعدها استمرت الإمدادات بالوصول, والتي تمثلت بالمساعدات التي كانت الطائرات العراقية تلقي بها , حيث تضمنت حليب أطفال, بسكويت, حفاظات أطفال, أحذية , أجهزة شحن تعمل على الطاقة الشمسية, كانت الشحنة توضع في صندوق بسعة 4*5 تقريباَ
الماء بات متوفراَ , حيث كانت تؤمنه شاحنات كبيرة وبشكل مستمر, والغذاء ( بالاضافة الى المساعدات كانت هنالك قطعان الأغنام تنتشر في المنطقة,يتم ذبح خروف بمعدل يومي, وتضمنت الوجبة اليومية اللحم والصاج ) اما المبيت , فقد كانت هنالك كابينات تابعة للجيش الأميركي قبل مغادرته الاراضي العراقية, توزعت العوائل فيها بشكل متناوب اضافة الى توفيرها امكانية النوم تحتها بسبب ارتفاعها وعلوها عن الأرض.
 
العودة
رغم توفر كل وسائل الراحة لكن لا يمكن الاعتماد على مصادر ستنفد قريباَ , لذا كان من الواجب التحرك والوجهة ستكون هذه المرة الى كردستان العراق.. دهوك تحديداَ.
" مررنا في طريق النزول من الجبل على مناطق "كَرسي" الشهيرة بزراعة التبغ, و" سردشت" ذات الغالبية الايزيدية, بعدها بدأت الشاحنات التابعة للـPKK بإيصالنا بشكل متناوب, وصولاَ الى قرية "دوكَري"
دوكَري كانت تحوي مجمعاَ بالقرب من مزار شرف الدين ، فتحت قوات حزب العمال الطريق من هناك الى الحدود السورية,وكان النازحون ينزلون من "جيل ميران" باتجاه الشمال ليصلوا الى مزار شرف الدين ومن هناك الى دوكري التي يفترض ان تكون وجهة النازحين ماقبل الأخيرة .
لم تكن دوكري محطة للاستراحة, بل استمرت الشاحنة بمسيرها لمدة ثماني او تسع ساعات , حيث انطلقت عصراَ, و دخلت الى عمق الحدود السورية في نقاط معينة حيث كان من المفترض ان يكون "كامب نوروز" في "ديريكه" وهو( مخيم تم تخصيصه للنازحين) هو الوجهة الاخيرة, لكن تم تغيير ذلك لاحقاَ خوفاَ من عدم امكانية الدخول الى الأراضي العراقية فيما بعد, لذا لزم الوصول الى فيشخابور المتاخمة للحدود العراقية- السورية . " 
وصلنا نقطة التفتيش التابعة للحدود العراقية والتي كانت تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني, لكننا لم نتمكن من الدخول بسبب الوقت الذي تجاوز منتصف الليل بقليل , لذا فقد اضطررنا للمبيت في المكان, وقد ساعدنا الرجال في حاجز التفتيش , وحملوا الينا البطانيات والحليب والفواكه"
في الساعة الخامسة فجراَ تم فتح الحدود ودخل الآلاف من النازحين عبر المنفذ الحدودي,كان منظراَ مهيباَ التقطته عدسات المصورين الأجانب, وتمكنت بياز من الاتصال بعائلة عمها الذين كانوا بانتظارها هناك. 
قالت بياز بصوت متهدج يغالبه البكاء " لن أعود الى تل قصب ابداَ,رأيت من الألم ما يكفيني ليكون قراري هذا نهائياَ"
وأضافت " احد أقارب زوجي كانت زوجته حاملاَ في شهرها الأخير قبل نزوحنا, تعرض برفقتها هو وعائلته – أخواته وزوجات اخويه- وإخوته جميعاَ للأسر من اليوم الاول لسقوط سنجار, أسروهم ووضعوهم في بيوت شيعة تلعفر, جاءها المخاض هناك فولدت طفلتها التي توفيت بعد ساعات , وتم دفنها في باحة الدار الخارجية "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram